أين فرحة العيد علينا؟

أين فرحة العيد علينا؟
الكاتب: السفير عبدالناصر عطا الاعرج

معظمنا يتسألون عن أسباب عدم شعور الكثير منا بالفرحة والسرور في العيد وأيامه ، ويتضاعف الأسف وتزيد الحسرة عندما نتذكر الأعوام الماضية التي عشناها نحن في طفولتنا أو قد سمعنا عنها عبر الأباء و الأمهات والتي نجد فيها الفرق الشاسع والفرق الكبير في مشاعر الإبتهاج بين الماضي والحاضر ، فأين هي تلك الفرحة البهيجة والسرور والشوق بقدوم العيد؟ وأين هي تلك المشاعر بالألفة والتجمع على مستوى الأسرة والحارة والقرية والوطن ؟ وأين هي تلك الإستعدادت لمثل هذا اليوم العظيم والذي من السنة ان نفرح به وبقدومه؟ وأين هي الام البسيطة التي كانت توقضنا من الفجر لتجهيز أنفسنا لصلاة العيد ؟ وأين هو الاب الذي كان يجهز عملة ( الفكة ) ليوزع علينا ونحن ننتظر بشغف انتهاء صلاة العيد .

لم نعد نشعر بفرحة العيد كالسابق ، لماذا؟ هل لأننا كبرنا ؟ أم لأن حياتنا طغت عليها المادة بشكل كبير وأصبح معظم الناس مشغولا بنفسه عن الأخرين؟ ام لأن الظروف السياسية وقهر الاحتلال وظلمه والشهداء والاسرى والحواجز وعدم وجود عدالة حقيقية على أرض الإسراء والمعراج المباركة هي وما حولها ؟

قد تكون الإجابة ليست واحدة وقد تكون متعددة ومعقدة للغاية ، فأيام الطفولة السعيدة والبسيطة كان هناك قيم اكثر ومحبة اكثر ووفاء اكثر .... .

اليوم الهموم التي تطغى على الكثير منا في مثل هذه المناسبة العظيمة هي الخواء الروحي والفراغ العاطفي الديني الذي يعصف بقلوب الكثير من الناس ، إنه وباختصار البعد عن استشعار المعاني الروحية لشهر رمضان .

أصبحنا اليوم نستقبل عيد الفطر المبارك وكافة الأعياد الاسلامية والمسيحية في وطننا العربي وسط ظروف أقل ما يقال عنها غير مستقرة ومؤلمة ، فها هو الذبح والقتل في فلسطين والعراق وسوريا واليمن ، وها هي القدس عروس المدائن وعاصمة الدولة الفلسطين تبكي من جبروت الاحتلال وطرد وحصار واعتقال ابناؤها ، فكيف نفرح والحلق غصة وألم وفِي القلب وخزة ، لا يمكن لانسان عربي او نسلم ان يسعد بما هو فيه وبما يشعر وبما يحس .

كيف تظهر الابتسامة وقد رحل الاب والاخ ورحلت ربما الام وهذا ما قضى مع ايماننا بقضاء الله !؟

كيف نفرح ونبتسم ونحن نرى في فلسطين تزهق ارواح الشباب والفتيات والممرضات والصحفيين وتحديدا على حدود غزة وفِي الضفة ؟

كيف تتم الفرحة على الطفل الذي فقد أسرته بالكامل بسبب حرق بيته من قطعان المستوطنين في قرية دوما جنوب نابلس، الا يتذكر الطفل احمد دوابشة الام والأب والاخ في العيد ؟

وفِي النهاية نقول ورغم كل هذا الشعور، ينبغي للمؤمن أن يعلم أنه ـ في أحواله كلها ـ يعيش العبودية لمولاه، فله جل وعلا شأنه عبودية في السراء ، كما له عبودية في الضراء، وله عبودية في الفرح كما له عبودية في الحزن، ومثل ذلك في الرضى والغضب، فلا يطغى جانب على جانب.

وأخيرا نقول للجميع رحم الله من فقد أحبه له قبل العيد ، ورحم الله الشهداء ، ورفع الله الضيق عن كل من يمر بضيق ، وتحية ومحبة خالصة لابناء وذوي الشهداء والاسرى ، ورغم كل ، نقول للجميع أعاد الله العيد على الأمة العربية والإسلامية بالخير والسعادة ، وكل عام وانتم بالف خير.

التعليقات