الإنقلاب الصفحة السوداء

الإنقلاب الصفحة السوداء
نبض الحياة 

الإنقلاب الصفحة السوداء

عمر حلمي الغول 

طوى الإنقلاب الحمساوي الأسود على الشرعية الوطنية في محافظات الجنوب الفلسطينية أحد عشر عاما، هي أعوام عجاف مريرة نهشت من اللحم الحي الفلسطيني، وإستنزفت عوامل القوة والتحدي، وأثقلت كاهل الشعب عموما وفي قطاع غزة خصوصا بويلات ومصائب وكوارث فاجعة، حطمت وكسرت القيود الوطنية، وضربت من خلالها حركة الإنقلاب الحمساوية كل المحرمات الفلسطينية.

الإنقلاب المجرم في أواسط حزيران/ يونيو 2007 الذي قادتة ونفذته ميليشيات فرع الإخوان المسلمين الفلسطيني بالبارود والقتل وإلقاء المناضلين عن اسطح العمارات، وإغتيال الشرعية في الجناح الجنوبي من الوطن بخسة ونذالة، كان عنوان مرحلة سوداء في تاريخ الشعب العربي الفلسطيني والأمة العربية لإكثر من إعتبار، منها: اولا لم يشهد التاريخ الفلسطيني حدوث إنقلاب على شرعيته الوطنية حتى في اصعب المنعطفات السياسية. لكن تنظيم الإخوان المسلمين فرع فلسطين لوث التاريخ الفلسطيني بابشع الصور الدامية، ومزق وحدة الأرض والشعب والقضية، وهدد ويهدد المشروع الوطني في مقتل، وقدم خدمات إستراتيجية لصالح دولة الإستعمار الإسرائيلية على حساب الأهداف الوطنية. فضلا عن انه سبب الكوارث السياسية والإقتصادية والإجتماعية والصحية والبيئية والتربوية والخدماتية والمائية والكهربائية غير المسبوقة للشعب في قطاع غزة؛ وعلى الصعيد العربي شكل الإنقلاب الحمساوي رأس حربة في مشروع الإخوان المسلمين لتمزيق وتفتيت وحدة دول وشعوب الأمة العربية بالإتفاق مع الولايات المتحدة الأميركية بشكل مباشر ودولة الإستعمار الإسرائيلية بشكل غير مباشر، وساهم الإنقلاب وأداته وميليشياته العسكرية من قسام وغيرها في إرتكاب جرائم في العديد من الدول العربية تنفيذا للمخطط الأميركي الإسرائيلي الهادف لتعميم "الفوضى الخلاقة" لإعادة تقسيم المقسم العربي، وإعادة هيكلة دول الوطن العربي على اساس ديني وطائفي وإثني، وتصفية نموذج وتقسيم إتفاقية سايكس بيكو1916 البريطانية الفرنسية، وتمهيد الطريق لبناء الشرق الأوسط الجديد او الكبير لتقف إسرائيل على رأسه في إقليم الشرق الأوسط الكبير.

ولم تفلح كل المحاولات الوطنية والقومية (المصرية وغيرها) السلمية والإيجابية من تجسير الهوة داخل البيت الفلسطيني. رغم ان كل القوى السياسية وقعت على أكثر من إتفاق وإعلان مبادىء منذ التوقيع على ورقة المصالحة المصرية 2009، ثم إعلان الدوحة 2012، إعلان الشاطىء 2014، إتفاق تشرين أول/ إكتوبر 2017، وغيرها من التفاصيل التي تلازمت مع هذا التوجه إتفاق صنعاء، ووساطات تركيا .. إلخ، لإن قيادة الإنقلاب الحمساوية إستنادا إلى اجندتها الخاصة والإقليمية وبالأساس الإخوانية ورهاناتها على لعب دور أكثر سفورا في عملية التخريب للمصالح الوطنية حال دون تطبيق أي من الإتفاقات، وعطل تقدم عربة المصالحة، وحتى رفضت حركة حماس مبدأ المشاركة في إجتماعات المجلس المركزي والمجلس الوطني، ووقفت في ال13 من آذار/ مارس الماضي وراء عملية تفجير موكب رئيس الوزراء ورئيس جهاز المخابرات لضرب اي تقدم. وأخيرا ارسلت رسالة للقيادة الشرعية وأبلغتها فيها بوضوح،لن يكون هناك أي تمكين لحكومة الوفاق الوطني في محافظات الجنوب، وأكدت انها ستبقى مسيطرة على قطاع غزة، ولن تتخلى عن ذلك، والسيطرة الأمنية ايضا ستبقى لميليشيات واجهزة حماس "بطربوش شرعي"، وستبقى قوات واسلحة حركة حماس تحت إشراف أجهزتها، ولن تخضع لإشراف الشرعية الوطنية، وستبقى تجبي الضرائب لحسابها الخاص، وستستمر في حفر الأنفاق .. إلخ من اللاءات التي تتناقض مع ابسط عوامل ومقومات الوحدة. 

وللأسف لم يتمثل اي طرف فلسطيني او عربي الشجاعة والصراحة بتحميل حركة حماس المسؤولية عما آلت إليه الأمور في الساحة الفلسطينية. ليس هذا فحسب، بل أن تلك القوى والدول تتمسك بالقضايا الثانوية، وتتعلق باحبال التفاصيل الجزيئة لتحاول من خلالها أولا المساواة بين الإنقلابي والخارج على القانون، اي حركة حماس، وبين الشرعية الوطنية المعترف بها، والممثلة الشرعية والوحيدة للشعب الفلسطيني، وثانيا المبالغة وتضخيم اية أخطاء موضوعية او ذاتية حصلت في مسيرة البحث عن مسار لبلوغ المصالحة الوطنية، ومحاولة إلصاقها بالقيادة الشرعية لتبرير عدم قدرتها وخشيتها من قول الحقيقة، وتهربها من وضع الإصبع على الجرح، وبالتالي سعيها لتبرئة أو التخفيف من ثقل الجريمة الإنقلابية، التي إرتكبتها حركة حماس. 

رغم ذلك تبقى مسؤولية اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير واللجنة المركزية لحركة فتح في البحث عن رؤى وسيناريوهات إبداعية للخروج من مأزق الإنقلاب الحمساوي الخطير، والسعي لتوطين فرع جماعة الإخوان المسلمين الفلسطيني في المشروع الوطني، والعمل على تطهير الشعب من أدران ولوثة الإنقلاب الأسود، والعمل وفق مبدأ الخطوة خطوة  لبلوغ الهدف الوطتي الإستراتيجي، وعدم إبقاء حركة حماس تعبث بمصالح ومصير الشعب الفلسطيني، لاسيما وانها تراهن على وجود دور لها في صفقة القرن الترامبية والحل الأمني الإقليمي. لذا على القيادة الشرعية إغلاق الطريق على حركة حماس، وإستقطاب التيار الإيجابي منها لتعزيز الشراكة السياسية. وفي ذات السياق تملي الضرورة ونحن نتحدث عن الإنقلاب، ان نفصل بينه وبين رواتب الموظفين الشرعيين، والعمل على دفعها فورا للموظفين في اقرب فرصة دون تردد او تعلثم من هنا او هناك. وكل عام وانتم بخير بعيد الفطر السعيد.

[email protected]

[email protected] 

التعليقات