شجاعة الكويت القومية

شجاعة الكويت القومية
نبض الحياة 

شجاعة الكويت القومية 

عمر حلمي الغول 

في أعقاب نجاح ممثل دولة الكويت في مجلس الأمن، الشيخ سالم عبدالله جابر الصباح من إسقاط مشروع القرار الأميركي مع روسيا الإتحادية وبوليفيا، وإمتناع أحد عشر دولة عن التصويت عليه، وبقي مشروعا يتيما، لم يحظ إلآ على صوت أميركا لوحدها، وكأنه مشروع قرار لدولة من دول العالم الثالث النائية، او الجزر غير المعروفة، وليس للولايات المتحدة، القطب الأبرز في السياسة الدولية، والمتحكم في مقاليد ومفاتيح العديد من الملفات الدولية. الأمر الذي يكشف عن حقيقة هامة جدا، وإسهاما سياسيا، عنوانه، ان هزيمة أميركا أمرا ممكنا في المحافل الدولية إن توفرت الإرادة السياسية للدول صاحبة المصلحة في ذلك، ودون إستخدام حق النقض الفيتو. وكانت ممثلة أميركا في مجلس الأمن، هيلي نيكي إستخدمت حق النقض الفيتو ضد مشروع القرار الكويتي الداعي لتأمين الحماية الدولية للشعب الفلسطيني في ذات اليوم السبت الموافق الثاني من حزيران/ يونيو 2018.

في أثر فشل القرار الأميركي جن جنون أركان الإدارة الأميركية على الدور المميز لدولة الكويت الشقيقة وسفيرها بشكل خاص في توجيه اللطمة القوية لهم في مجلس الأمن، مما دعى جارد كوشنر، صهر الرئيس ترامب إلى طلب لقاء مع الشيخ سالم الصباح، مع انه ليس من إختصاص مستشار الرئيس الأميركي التدخل في الجانب الديبلوماسي، لإنها من صلاحيات وزارة الخارجية ووزيرهاوموظفيها. 

ووفق المصادر الإعلامية الأميركية، كما اشارت صحيفة "الرأي" الكويتية، بأن الإجتماع كان قصيرا وعاصفا بين الصهيوني كوشنر والسفير الكويتي، حيث هدد وأزبد المطرود من البيت الأبيض دولة الكويت بعظائم الأمور، حتى وصلت به الوقاحة، ان يلوح بتغيير النظام، وإستبدال عائلة الصباح الحاكمة بعائلة كويتية موالية لأميركا، لإنها تجاوزت الخطوط الحمر لإدارة ترامب الإنجليكانية. لاسيما وان الإدارة الأميركية، وفق ما نقلته ذات المصادر، كانت إتفقت مع عدد من الدول العربية على تمرير مشروع القرار الأميركي، وعدم طرح الكويت لمشروع القرار الداعم للحق الفلسطيني العربي. لكن الكويت خرجت عن النص الأميركي الإسرائيلي الإستعماري. 

وبنظرة سريعة على موقف كوشنر، يخلص المرء إلى الآتي: اولا هناك خروج وتطاول أميركي سافر على الأعراف والتقاليد الديبلوماسية الدولية؛ ثانيا مواصلة الولايات المتحدة لعب دور الشرطي العالمي، والبلطجي الحامي لدولة الإستعمار الإسرائيلية؛ ثالثا التهديد بالتدخل الفض المعلن بشؤون الدول الداخلية إن لم تستجب للأجندة الأميركية؛ رابعا التماثل الكامل مع الرؤية الإستعمارية الإسرائيلية، والإندفاع بكل قوة لتبني سياساتها، والدفاع عن جرائمها وتبريرها؛ خامسا مواصلة العداء للمصالح والحقوق السياسية الفلسطينية، وتهديد عملية السلام برمتها، وضرب ركائز الشرعية الدولية؛ سادسا إشراك بعض الدول العربية في تمرير سياستها المتناقضة مع مبادرة السلام العربية، أو إلزامها بالصمت، والنأي بالذات بعيدا عن ساحة الصراع الفلسطينية الإسرائيلية. 

وبالتوقف أمام الموقف الكويتي في مجلس الأمن الدولي، وأمام منابر برلمانات العالم، فإن المسؤولية الشخصية والمهنية والوطنية والقومية تحتم على كل فلسطيني وطني الإنحناء أمام شجاعة الموقف الكويتي الشقيق، الذي شكل رافعة مهمة في المنابر العربية والدولية للدفاع عن القضية الفلسطينية، قضية العرب المركزية، وايضا للدفاع عن الشرعية الدولية ومواثيقها وقوانينها. 

نعم شكل الموقف الكويتي الشجاع والمتميز نقطة ضوء في ظلام الليل العربي، ولن تثنيه تهديدات راعي البقر الأميركي، والصهيوني كوشنر عن متابعة دوره الوطني والقومي في إنصاف أشقائه الفلسطينيين الواقعين تحت نير الإستعمار الإسرائيلي منذ سبعين عاما خلت. 

شكرا للكويت أميرا وحكومة وشعبا وسفيرا ورئيسا للبرلمان، وشكرا لكل شقيق في الكويت يؤمن بخيار السلام والحرية، ويقف خلف قيادته منافحا ومدافعا عن الحق القومي في فلسطين العربية المحتلة، وسيبقى الشعب الفلسطيني مدينا للكويت الشقيق بمواقفه الشجاعة والنبيلة. 

[email protected]

[email protected]     

التعليقات