المكر والعقيدة في السياسة

المكر والعقيدة في السياسة
بقلم د يسر الغريسي حجازي

6.5.18

المكر والعقيدة في السياسة

لن يتم تدمير العالم من قبل أولئك الذين يفعلون الشر ، ولكن من جانب أولئك الذين ينظرون إليهم دون القيام بأي شيء. 

ألبرت آينشتاين

كيف تتطور اخلاق الانسان؟ وكيف يصبح يعامل المجتمع ؟ ومن هو الرجل السياسي؟ أولاً ، من المهم معرفة أن الأخلاق هي أساس المبادئ والقيم الأخلاقية المعتمدة في المجتمع. هي ببساطة المبدأ الذي يميز بين خير والشر ، والانسان العادل اوالانسان الظالم. ان الرجل الغير عادل على سبيل المثال ، لا يمكنه معرفة الفرق بين ما هو مقبول وما هو غير ذلك. إن الضرر الذي يلحق بالآخرين يجعل من الممكن التنديد بقسوة الإنسان، أو الشر الذي يستطيع أن يفعله مع الآخرين. والأخلاق هي مبدأ إعطاء كل إنسان حقه في الوجود. كما تعلمنا دروس عبر الزمن لغاية الان من الحروب التي هلكت شعوب باكملها.

كانت الحرب العالمية الثانية أكثر الصراعات دموية في التاريخ, حيث كان هناك أكثر من 60 مليون حالة وفاة أو 2.5٪ من سكان العالم ، وتشير التقديرات العالمية ان الاعداد تتفاوت بين 50 مليون و 85 مليون شخص ، ناهيك عن الفقر ، والأمراض بعد الصراع ، بعد مايو 1945 ، في أوروبا ، وأيلول / سبتمبر 1945 ، في آسيا. وقد أفاد المؤرخون بأن الاتحاد السوفيتي دفع أعلى الخسائر البشرية في الحرب العالمية الثانية مع مقتل 26 مليون جندي سوفيتي في خولم في يناير 1942.

 تلك الحروب كانت تاريخيا، دافع لتعديل المفاهيم المختلفة لهذه المباديء والقيم التي بنفسها وردت في الكتب السماوية.اما الأخلاق  من ناحية أخرى ، ليست مجموعة من القيم أو المبادئ على وجه الخصوص. إنها التفكير المنطقي من أجل القيام بعمل صادق، يقترح التشكيك في القيم الأخلاقية الموجودة والتي ينبغي فضحها من أجل تصويبها والتصرف وفقا العدل والانصاف للجميع. ان العلاقة بين الأخلاق والسياسة اساسية، ويمكن أن تتحدي الانسان. لكن لا يمكن لأحد أن يهرب من أفعاله، ولا يمكن للمرء أن ينظر لانتهاك القانون او استغلاله وكانه جدير بالحكمة ويتوافق مع نظام العدالة. ان اختراق العدل يبرهن عن حالة الغش أو الفساد التي تلعب فيه الحكومة دوراً أساسياً، حتي يصبح ذلك أمراً شائعاً ينتهك الانسانية ومخافة الله. لا يتمثل الامر في تشريح هذه الحالة او الحالات الاخري لاستغلال الشعوب ، ولكن لتحليل العلاقة الجهنمية بين السياسة والأخلاق. إذا أردنا تقييم مشكلة العمل السياسي في الأساس المعياري، سوف نعود إلى نسب الرجل الذي يقول بنفسه، لا يزال هو الذي يمكنه تقييم تصرفاته اوالسيطرة عليها. وهو ليس بعيدا عن غرائزه   الحيوانية ، والتي تتمحور حول الانانية و حب التملك لغاية السادية. ويتم ترتيب القيم الأخلاقية بطريقة ان تكون جيدة أو سيئة، ويتم تصنيفها هرميا وفقا للهدف ان كان موضوعيا او غير موضوعيا. هي الاستجابة الأخلاقية إلى الافتراضات الحقيقة، ومحور وصول كل انسان الي الرفاه،  ويمنح العالم كله الوجودية المعاصرة والتضامن الاجتماعي.  

ان القيم الاخلاقية في عالمنا العربي، متدهورة وتبقى مرافقة لحياتنا مثل اللعنة. إذا أردنا ان نجد ربط بين دوافع الشعوب، والقيم السياسية والأخلاقية، والإنسانية، فليس من الصعب أن نرى أن الناس الأكثر ضعفا قد فقدوا الثقة بالنفس، والإحساس بعدم نفعهم في الحياة يطارد افكارهم.

وفقا لكانت و ميكيافيلي، ان السلوك غير الأخلاقي يتشابك مع التلاعب والابتزاز. كما ان استغلال السلطة يخلق مجتمع مقيد ولا تستطيع الشعوب الخاضعة ان تمارس حريتها. ولذلك يجب علي الشعوب أن تكافح  بقوة الانتهاكات بطريقة قانونية و مساندة إلى الأخلاق. كما ان حرية المجتمع هي قيمة في حد ذاتها ، يمكن ممارستها إذا لم تتعدى على حرية الآخرين.   

إذا قمنا بتحليل الوقع على النحو المماثل، سوف نكتشف في نهاية الأمر ان هنالك 20٪ من المجتمعات الذكية، طموحة وتتمتع بالازدراء، و40٪ من طبقة اجتماعية أخرى تعاني من مرض العبودية الخلوقية، وإدارة حياتها تتمركز بين جحيم الأسرة والعمل، والصحة العقلية وهم عادة طبقة الموظفين. ثم الطبقة الكادحة، وتتكون من الفقراء الذين يشعرون بالإذلال لأنهم مستبعدين من المجتمع. هؤلاء حكم عليهم بالاستراحة المؤبدة بين الجنون وعدم استيعابهم لحياتهم، وهم يتذوقون إما الجنون.  وقد تعلمت هذه الشعوب ان تتكيف مع هذه المعايير، والموافقة علي الاستمرار في الحياة. والشعوب هي اساس المعادلة، وهم  أولئك الذين اجبروا من حكامهم أن يعيشوا  شعورعدم النفع في عقولهم. 

واذا قبلت الشعوب بتلك المعادلة، فهي تقبل بان يكون هنالك سيادة للقيم الظالمة، والقبول الاجتماعي لتلك القيم المشوهة، ذلك يعني الدفع الي التفكك في الأرحام وانهيار الامم. 

التعليقات