السياسة والرياضة تنتصران

السياسة والرياضة تنتصران
نبض الحياة 

السياسة والرياضة تنتصران 

عمر حلمي الغول 

كثيرون يحاولون لي عنق الحقيقة، ويدعون ان الرياضة بعيدة عن السياسة، ولا يوجد بينهما علاقة. ولكن الواقع دائما يكون أعمق من المقولات النظرية المجردة. حيث تؤكد الواقائع ان الرياضة والسياسة متداخلتان عضويا، ولا يمكن فصلهما عن بعضهما البعض. وهذا لا يعني انه لا يوجد إستقلالية نسبية للرياضة عن السياسة. ولكن إذا حاول الرياضيون تجاوز السياسة في لحظات سياسية معينة في بلدانهم، فإنهم يسقطوا في سوء وسلبية حساباتهم. وبالتالي العلاقة الجدلية بين الرياضة والسياسة، هي علاقة عميقة، وليست علاقات إستثنائية، انما هي علاقات طبيعية ومشروعة، وتنسجم مع واقع الحال. 

وما يؤكد الخقيقة آنفة الذكر، إستجابة إتحاد الكرة الأرجنتيني للضغوط الرياضية والشعبية الفلسطينية والأرجنتينية والأميركية اللاتينية في إلغاء المباراة الودية مع الفريق الإسرائيلي في القدس العاصمة الفلسطينية الأبدية المحتلة. وتدخل الرئيس الأرجنتيني نفسه مع إتحاد كرة القدم لبلاده، لعدم إقامة المباراة بعد ان تدخلت وزيرة الثقافة الإسرائيلية، ريغف وأصرت على نقل مكان إقامة المباراة من حيفا إلى القدس المحتلة، في محاولة منها للربط بين ذكرى نكبة الشعب العربي الفلسطيني السبعين، وذكرى إحتلال العاصمة الفلسطينية ال51 وبين المباراة الودية، التي كان سيقودها النجم الكروي العالمي، ليونيل ميسي وفريقه. الأمر الذي أثار ردود فعل فلسطينية وعربية وأرجنتينية وأميركية لاتينية ضد المباراة. 

هذاولعب إتحاد الكرة الفلسطيني والإتحاد الفلسطيني في أميركا الجنوبية دورا هاما في تحشيد وتوسيع عملية المقاطعة لفكرة المباراة، وقد توجهت مظاهرة شعبية إلى ملعب الفريق الأرجنتيني، وهي تلبس لباس الفريق الرياضي والدماء تنزف منه. الأمر الذي دفع النجم ليونيل ميسي، وخافيير ماسشرنو والمدرب خورخي سامبولي للضغط لإلغاء المبارة. ولكن الفضل الأول كان لرئيس الأرجنتين، ماوريسيو ماكري، الذي توجه لرئيس اتحاد كرة القدم لعدم إقامة المباراة، وفي ذات الوقت، رفض الإستجابة لمكالمات نتنياهو في المرتين، اللتين إتصل بهما معه، وقال له: هذا أمر لا أتدخل فيه، وهناك قرار من إتحاد كرة القدم. 

ونتاج ذلك دخلت الساحة السياسية والرياضية الإسرائيلية في حيص بيص، ومحاولة إلقاء التهم على بعضهم البعض، وتحديدا تحميل الوزيرة المستعمرة ريغف والحكومة المسؤولية عما آلت إليه الأمور، وهذا ما دونه أحد اقطاب المعارضة، لبيد في تغريداته على مواقع التواصل الإجتماعي، عندما هاجم الحكومة، وأعتبر ان عملها يشوبه الفوضى والتشويش والإستعراض الساذج لوزيرة الثقافة ريغف، وإقرار الجميع في دولة الإستعمار الإسرائيلية بالهزيمة في معركة ثانوية على الساحة الرياضية، رغم انهم حاولوا إستقطاب الفريق الأرجنتيني بالمغريات، ودفع مليون دولار مقدما، لكنهم هزموا هزيمة نكراء بإصرار الفريق الأرجنتيني على إلغاء المباراة. 

هنا نلحظ بقوة ومن دون تزويق ان الرياضة والسياسة تلازمتا، وتعامدتا وإنتصرتا لصالح السلام والحرية، ورفضتا الإنصياع او التساوق مع قادة دولة الإستعمار الإسرائيلية. وهو ما يعني إنتصارواضح لصالح القيادة والسياسة الفلسطينية، وإنتصار للعدالة الإنسانية. 

وشكرا للأرجنتين رئيسا وحكومة وشعبا وفريقا رياضيا، شكرا لميسي وماسشرنو وخورخي، ولكل من وقف في اميركا الجنوبية إلى جانب السلام والعدالة والحق الوطني الفلسطيني. وسيبقى درس هذة المباراة علامة فارقة في الدفاع عن الحقوق الوطنية الفلسطينية، وعبرة لمن يريد أن يعتبر من الإسرائيليين والأميركيين، ليدركوا ان الإستعمار طريقه مسدود، مهما تزنروا باسلحة الموت الشامل، ومهما حاولوا التضليل والخداع وإستخدام الإغراءات، وطريق السلام والعدالة السياسية النسبية مفتوح دوما.

[email protected]

[email protected]    

التعليقات