الغموض يلف المستقبل

الغموض يلف المستقبل
نبض الحياة 

الغموض يلف المستقبل

عمر حلمي الغول

مطلق فلسطيني مختص بالشأن السياسي حين يتابع مجرى تطور الأحداث، تجده يصطدم بجبل من الإسئلة الإستراتيجية والتكتيكية، لإن الواقع الملبد بالغيوم السوداء من كل ناحية وصوب يقطع الطريق، ويفرمل القدرة، أو يحد من الإستشراف للمستقبل، ويدفع المسؤول أو الباحث والمراقب إلى زوايا حادة وضيقة، إن لم تكن معتمة. رغم أن قطاع من القيادات الفصائلية تعيش في حالة سبات ميكانيكي، وتكرر نفسها بشكل ممجوج صباح مساء، ولا تفكر بأكثر مما تتلقفه من المقربين من صانع القرار، والذي لا يخرج عمليا عن مواقف سياسية عامة، تبتعد كثيرا عما يجري على الأرض وتحت الطاولة، أو حتى فوقها، ولكنها تلقي بقشور وفضلات ما تم تناوله وبحثه، وفي حال كان هذا القائد أو ذاك المسؤول مطلعا لا يقوى على البوح بما يعرف، وقد تخونه الشجاعة السياسية والأدبية في تحمل ما يمكن أن يعلنه، أو أن شروط اللحظة تملي عليه التريث، وعدم المغامرة بالبوح بما يعلم.   

بالعودة إلى جادة السؤال وبتكثيف وإختزال شديد لإبرز الأسئلة المطروحة على القيادة السياسية الفلسطينية: بعدما أعلنت إدارة ترامب موقفها من عملية السلام، ونفض اليد من رعايتها فلسطينيا، ما هي إمكانية الحد من سطوة الدور الأميركي الممسك بقرون الملف الفلسطيني الإسرائيلي؟ وإلى أي مدى يمكن الرهان على مواقف أهل النظام السياسي العربي في دعم الخيار الفلسطيني؟ وهل معادلات الإقليم ببعديها الإيجابي والسلبي تسمح بصمود الأشقاء أمام السيد الأميركي؟ وأليس من الممكن ان تكون المواقف المعلنة لبعض العرب غير ما تمارسه على الأرض، وغير ما وقعت، أو إلتزمت به أمام السيد الأميركي والإسرائيلي؟ وهل العالم باقطابه ومراكز القرار الدولية فيه قادرة على لجم التغول الأميركي، وإعادته إلى جادة مرتكزات عملية السلام ومرجعياتها؟ وكيف ستتم بلورة الرعاية الدولية؟ ومنْ مِن الأطراف الدولية مؤهل لتبني المؤتمر الدولي، وحمل رايته وتحدي الإدارة الأميركية ؟ ومتى سيعقد المؤتمر الدولي؟ أم هي مجرد دعوة في علم الغيب؟ وهل تكفي دعوة عادلة ونبيلة لتجد صداها في الواقع المعقد والمتشابك؟ وألم تعلمنا التجارب التاريخية، وتجربتنا الخاصة، بأن "ليس كل ما يتمنى المرء يدركه" في عالم السياسة وغيره؟ 

وعلى صعيد إسرائيل الإستعمارية، هل لديها الإستعداد، مجرد الإستعداد للإستماع لصوت العقل والسلام من حيث المبدأ؟ ولماذا تسمع أو تقبل الإصغاء لصوت غير الصوت الترامبي؟ ما هي مصلحتها في ذلك؟ وكيف تقبل بأقل ما تطمح في شرط ذاتي وموضوعي ينسجم مع رؤاها وتوجهاتها الإستعمارية؟ وأي شرط سيكون أفضل من الشرط الراهن لها تاريخيا، فالعرب غارقون في متاهات أزماتهم ومشاكلهم الداخلية والبينية، والعالم مازال يتشكل، وراعي البقر الأميركي أيضا مازال يمسك بلجام اللحظة التاريخية وإلى حين غير منظور؟ وهل يمكن في ظل حكومة اليمين المتطرف الإسرائيلية الرهان على العودة لطاولة مفاوضات جدية، ولا أقول للقبول بركائز السلام العادل والممكن والمقبول؟ وعلى فرض ظهر فجأة صوت العقل عند إتجاه سياسي إسرائيلي نتاج الخشية من التوازن الديمغرافي، ورفضا لخيار الدولة الواحدة، ما هي الفرضية السياسية المقبولة من قبل هذا الإتجاه؟ هل سيقبل ببناء السلام على اساس إستقلال دولة فلسطين على حدود الرابع من حزيران عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وضمان حق العودة للاجئين على اساسالقرار الدولي 194؟ وألم تبرهن التجربة المعاصرة أن القيادات الصهيونية السياسية والأمنية ترفض إتفاقات أوسلو على كل مثالبه وعلاته؟ وألم يتم قتل رابين بعد عام ونصف بالضبط من إقامة السلطة الفلسطينية؟ وألم يعتقل أولمرت بعد ما بادر لطرح أفكار قابلة للحوار مع الرئيس عباس، وتسهم في إمكانية بناء جسور السلام الممكن؟ وألم تقتل إسرائيل أوسلو وكل بادرة مهما كانت صغيرة تفتح أفق نحو بوابة السلام؟ وهل الشارع الإسرائيلي والنخب السياسية بكل مشاربها وتلاوينها السياسية مستعدة لبناء ركائز السلام؟ وهل يوجد شريك إسرائيلي للسلام؟

وإذا كانت اللوحة الأميركية والإسرائيلية المتشابكة والمتكاملة بتحالفاتها العربية والدولية تغلق اية نافذة نحو السلام، ماذا يمكن للقيادة ان تعمله؟ 

للإسئلة بقية ..

[email protected]

[email protected]            

التعليقات