المستعمر فريدمان على حقيقته

المستعمر فريدمان على حقيقته
نبض الحياة 

المستعمر فريدمان على حقيقته

عمر حلمي الغول 

مرة جديدة يخرج ديفيد فريدمان، سفير إدارة ترامب الأميركية عن المألوف في السلك الديبلوماسي، ويتجاوز أبسط قواعد القانون الديبلوماسي، ويسجل صفحة سوداء في سجل الديبلوماسية الأميركية والعالمية على حد سواء، ويعمق خياره الإستعماري الإستيطاني بشكل دوني وصفيق، عندما يلتقط صورة وهو يبتسم منتشيا أمام الصورة، التي أهداه إياها معهد "أحياه" لذوي الحاجات الخاصة وقد شطب وأزيل منها المسجد الأقصى وقبة الصخرة، ووضع مجسم للهيكل الثالث مكانهما." وبعد ذلك يدعي المستعمر فريدمان، انه "لا يعلم" بما تحويه الصورة؟! وهو عذر اقبح من ذنب! 

السفير فريدمان لايحتاج إلى شهادة تؤكد صهيونيته، وفي كونه مستعمرا صهيونيا في أرض الدولة الفلسطينية المحتلة في الخامس من حزيران 1967، ولا لإستعادة إستحضار تصريحاته المعادية للحقوق والمصالح الوطنية الفلسطينية، فهو القائل "أنه لا يوجد إحتلال إسرائيلي"، وهو المصرح بأن من "حق المستعمرين البناء في أرض الدولة الفلسطينية المحتلة وخاصة القدس العاصمة الأبدية"، وهو المساهم في تمويل عمليات الإستيطان الإستعماري في القدس الفلسطينية العربية، وهو المالك لثلاثة منازل في القدس بهدف الإستيطان الإستعماري، وهو الغارق في مستنقع الصهيونية، وهو الذي يقيم في المستعمرة الأميركية الأولى في القدس العاصمة، التي تم ترسيمها في ذكرى النكبة ال70 للشعب العربي الفلسطيني. وبالتالي إدعائه وسفارته (المستعمرة) انه لم يعلم ما تحويه الصورة، ليست سوى كذبة مكشوفة وغبية، وفيها إستخفاف بعقول الناس، كما فيها وقاحة زائدة، تعكس الفجور الإستعماري الأميركي المتساوق مع دولة التطهير العرقي الإسرائيلية. 

وكما هو واضح فإن الصورة الفاضحة  تكشف ما تهدف وتسعى إليه إسرائيل وسفير أميركا في المستقبل بشأن القدس العاصمة الأبدية لفلسطين، وترسم ملامح المستقبل القاتم والظلامي، الذي يشير بشكل جلي، إلى ان الهدف هو تدمير المسجد الأقصى وقبة الصخرة، أولى القبلتين وثالث الحرمين، وبناء الهيكل الثالث المزعوم، وبالتالي حرف الصراع السياسي عن مجراه، ودفعه دفعا نحو حرب دينية لا تبقي ولا تذر، حرب مجنونة تهدم المعبد على رؤوس من فيه. الأمر الذي يملي على العالم الحر في أوروبا وفي الولايات المتحدة وروسيا الإتحادية والصين واليابان التحرك الفوري لوقف المخطط الإسرائيلي الإستعماري الجهنمي، والسعي الجاد لمرة واحدة فقط لإلزام إسرائيل بوقف إستيطانها الإستعماري، والإقرار بالحقوق والمصالح الوطنية الفلسطينية، والإستعداد للإنسحاب من كل أراضي دولة فلسطين المحتلة في الخامس من حزيران 1967 وفي مقدمتها عاصمتها القدس الشرقية، وضمان حق العودة للاجئين الفلسطينيين على اساس القرار الدولي 194، وفي المقابل على إدارة ترامب الأميركية سحب سفيرها الصهيوني المستعمرمن إسرائيل، إذا كانت معنية بإعادة نظر بسياساتها المتواطئة مع الإستعمار الإسرائيلي، والتراجع عن نقل سفارتها إلى القدس، والإستعداد للإنخراط مع المنظومة الأممية لبناء ركائز سلام حقيقي على المسار الفلسطيني الإسرائيلي، والتخلي عن صفقة القرن المتناقضة مع اسس السلام ومرجعياته.  

مع ذلك تجدر الإشارة إلى ملاحظة مهمة، هو ان المعهد، الذي أهدى الصورة للسفير الأميركي الصهيوني المستعمر، معهد لذوي الحاجات الخاصة، ويعالج الأطفال، الذين يعانون من مصاعب وإعاقة في التعليم، وتأخير النمو، ولهذا دلالة هامة، ان أولئك العاملون في المعهد المسكنون بالإعاقة والتخلف، هم والسفير فريدمان وتلاميذهم من طينة واحدة، طينة التخلف العقلي، وهم بحاجة ماسة إلى إعادة تأهيل وبناء، لإن منطقهم ومشروعهم الإستعماري لا يستقيم والمستقبل المأمول، وكان على ابن الحاخام الصهيوني المتطرف أن يدقق جيدا قبل الوقوف والتأمل في الصورة، ويسأل نفسه: من هي الجهة، التي أهدته الصورة؟ ودلالات حصوله عليها من معهد لذوي الحاجات الخاصة؟ لكنه ليس فطنا، ولا ذكيا، وأعمته نزعاته الإستعمارية، وغرقة في متاهة الصهيونية المتطرفة، حتى لم يعد يرى سوى تسويق الإستيطان الإستعماري، وتنفيذ مخطط تصفية القضية الفلسطينية، وفتح أبواب جهنم الحرب الدينية، التي يسعى لها الأنجليكان المتربعين على سدة الرئاسة في البيت الأبيض. مع ذلك لا يجوز اليأس من إمكانية التحرك الأممي بكل إتجاهاته وأقطابه لحماية السلام والأمن الإقليمي والعالمي، لإن في ذلك مصلحة حيوية للعالم أجمع، وليس للفلسطينيين والإسرائيليين فقط. 

[email protected]

[email protected]      

التعليقات