الاعلام: تراجع الوضع الاجتماعي والصحي في غزة

رام الله - دنيا الوطن
يعيش أكثر من 2 مليون مواطن غزي (منهم 1.4مليون لاجئ فلسطيني) في حالة مأساوية نتيجة استمرار حصار فرضته قوات الاحتلال الاسرائيلي دام لأكثر من أحد عشر عاماً، وقد خلّف هذا الحصار أثاراً مخيفة على كافة مناحي الحياة،وكافة المؤشرات تدلل على الوصول إلىحافة الكارثة في القطاع إذا ما استمر الحال على ما هو عليه.

(1) الوضع الاجتماعي:
يعاني (56.6%) من سكان قطاع غزة من انعدام الأمن الغذائي وما يقارب من نصف القوى العاملة عاطلة عن العمل (43.9% نسبة البطالة)، ونتيجة لهذه البطالة أصبح أكثر من (80%) من سكان القطاع يعيشون تحت خط الفقر وما يقارب من نصف سكان القطاع يتلقون مساعدات غذائية شهرية من الحكومة أو وكالة الغوث (UNRWA).

كذلك تم حرمان ما يُقارب72000 أسرة (400.000مواطن) من تلقي مخصصات الشؤون الاجتماعية، والتي تقدر بقيمة 9 مليون دولار شهريا مخصصة لحالات الفقر المدقع، لم تصرف حتى تاريخه رغم إن موعد استحقاق هذه الدفعة في شهر مارس 2018م، بفعل الإجراءات العقابية الأخيرة.

كما أن الاجراءات العقابية التي اتخذت من قبل الادارة الامريكية تجاه وكالة الغوث (UNRWA) تسببت في تقليص العديد من الخدمات الحيوية، خاصة في قطاعي الصحة والتعليم والتشغيل، وتركت اثارها على الاف العائلات الفلسطينية التي تتلقى هذه الخدمات.

(2) الوضع الصحي:
في ظل تراجع المحددات الصحية المتمثلة في مدى توفر الماء والغذاء ومعالجة الصرف الصحي وقع المواطن فريسةً للمرض في ظل بيئة مواتية لانتشار الأمراض وزاد من حدتها وآثارها حصار منع مواكبة البنية التحتية والتجهيزات لاحتياجات المرضى وحرمان المريض من حق الوصول إلىالخدمات الصحية نتيجة إغلاق المعابر من ناحية، وعدم توفر العلاج من ناحية أُخرى،ويذكر أن 56% من حالات العلاج في الخارج لم يسمح لها بالسفر، خاصة مرضى السرطان الذين زاد عددهم بشكل ملحوظ في قطاع غزة، بسبب الحروب التي شنتها إسرائيل على القطاع واستخدمت فيها الأسلحة المحرمة دوليا.

وقد بلغت نسبة فقر الدم لدى الأطفال حوالي 70% وعند الحوامل 40%، فيما بلغت نسبة العجز في الأدوية الأساسية 47% شملت أدوية السرطان وأمراض الدم، كما وصلت إلى30% نسبة العجز من المستهلكات الأساسية، بما فيها مستهلكات العمليات وأقسام الطوارئ وما نسبته 49% من العجز في الفحوصات المخبرية.

ونتيجة لذلك، توقفت العديد من الخدمات الصحية وكان آخرها وقف جميع العمليات غير الطارئة والتي بلغت منذ بداية شهر أبريل فقط 4000 عملية مؤجلة، وقد فاقم من معاناة القطاع الصحي حالة الفقر الشديد وتدهور القطاع الصحي غير الحكومي وتراجع خدمات الأونروا الصحية، وبدء تسرب الكفاءات الطبية إلىخارج البلادفي ظل حرمان الكادر الصحي العامل من حقّه في الراتب وعدم الاستقرار الوظيفي، الذي يهدد قدرة القطاع الصحي المرتكز على بُنية هشّة.

(3) المعابر وحرية الحركة:

معبر رفح: أما بشأن حركة المعابر فإن المعبر الرئيس لحركة المسافرين بين غزة والعالم الخارجي هو معبر رفح، وخلال عام 2017م لم يُفتح المعبر إلاّ في حالات استثنائية لمدة (36) يومًا، وقد سجلت حركة المسافرين (17.000) مسافرا في هذا العام بينمايبلغ عدد المسافرين السنوي على معبر الكرامة (بين الضفة الغربية والاردن)،حوالي)2.4) مليون مسافر في العام، كما أن سكان غزة منعوا من أداء العمرة في آخر أربعة أعوام.

معبر بيت حانون: هناك ما يزيد عن 85% من مواطني قطاع غزة لا يمكنهم السفر عبر المعبر بسبب القيود الامنية الاسرائيلية، وقد بلغ عدد الافراد الذين تنقلوا عبر معبر بيت حانون حوالي 10000 مواطن، خلال العام الماضي 2017م، مع العلم ان 50% من اسماء المسافرين مكررة.

وهنالك الكثير من القيود المفروضة على معبري رفح وبيت حانون، خاصة على سفر كل من هم أعمارهم اقل من 40عام،الا عبر إجراءات تنسيقية معقدة لا يستطيع الحصول عليها معظم من تشملهم هذه الشريحة، ما يعني ان شريحة الشباب محكوم عليها بالمكوث الإجباري في السجن الكبير المسمى غزة، اضافة إلىفرض قيود مشددة من قبل قوات الاحتلال الاسرائيلي على حركة الصادرات من قطاع غزة.

(4) الخدمات والبنية التحتية:

أ‌-     الكهرباء:

ادت الإجراءات العقابية المتخذة  إلىتفاقم  ازمة انقطاع التيار الكهربائي لمستويات غير مسبوقة إلىان بلغت ساعات وصل التيار الكهربائي(4) ساعات كل 24 ساعة،ولا يتوقف تأثير انقطاع الكهرباء على ما يسببه للمواطنين من معاناة، بل يتعداه إلىإلحاق أضرار كبيرة بالبيئة، حيث تضطر البلديات إلىضخ مياه الصرف الصحيفي البحر دون معالجة، وتراجعت قدرة البلديات على العمل لتصل إلى20‎%‎ فقط مما هو مطلوب وهو ما يُشكّل كارثة بيئية، كما يؤثر انقطاع التيار الكهربائي على معدل تشغيل المصانع وفترة حفظ الأغذية والبضائع، الامر الذي  أدى إلىاغلاق عدد منها وتراجع نسبة الانتاج بشكل حاد في عدد اخر،  فضلا عن ان المشافي والمراكز الصحية تأثرت بشكل كبير، حيث تراجعت قدرتها على تقديم الخدمات بسبب الانقطاع المتكرر للكهرباء.

ب‌- المياه والصرف الصحي:

ادت الإجراءات العقابية المتخذة ضد قطاع غزة والحصارإلىانخفاض معدل معالجة مياه الصرف الصحي بنسبة 30% نتيجة عدم توفر الوقود اللازم لتشغيل محطات المعالجة، كما انخفضت إيرادات البلديات بشكل عام بسبب عدم تمكن المواطنين من دفع ما عليهم من مبالغ نظير الخدمات المقدمة من البلديات، أما نسبة الوحدات السكنية التي تشترك في شبكات الصرف الصحي في قطاع غزة (18%) من الوحدات، ويتم تصريف ما يزيد عن (108) مليون لتر من مياه الصرف الصحي غير معالجة إلىالبحر ​​ يوميا، ويرجع ذلك إلىنقص الكهرباء والوقود.

اما المياه المعدة للاستخدام فان جميع آبار المياه العاملة في قطاع غزة يستخرج منها مياه غير صالحة للاستخدام الأدمي،ومعظم العائلات في قطاع غزة لا تحصل على مياه الصنبور سوى مرة واحدة كل أربعة أيام لمدة )6-8) ساعات، وتعمل محطات التحلية بقدرة منخفضة تعادل (15٪) فقط من قدراتها، بسبب عدم كفاية إمدادات الكهرباء.

(5) الاقتصاد:

طرأ انخفاض على معدل الواردات عبر معبر كرم أبو سالم بسبب الحصار والإجراءات العقابية ضد غزة (وهو المعبر الأساسي لدخول البضائع)، فقد انخفضت الواردات في شهر ابريل 2018م، بمقدار 38% مقارنة مع معدل العام 2017م، وما مقداره 11.5% مقارنة مع شهر مارس من العام الحالي.

كما تم حرمان 44.000 موظف من تقاضي رواتبهم وإحالة عدد 18.000 موظف إلىالتقاعد القسري، إضافة إلىحوالي40.000 موظفيتقاضون رواتبهم من وزارة المالية في غزة،بما نسبته 40% من رواتبهم حتى الآن.

وقفزت نسبة البطالة خلال العام الأخير من 41.7% في بداية العام 2017م، إلى43.9% في مارس 2018م، ما يعني فقدان ما يزيد عن 28،000 مواطن لفرص عملهم بسبب تراجع النشاط الاقتصادي، وتراجع معدل إنفاق الفرد الشهري على السلع والخدمات.

كما ازدادت قضايا الذمم المالية من يناير 2017مإلىمارس 2018م بنسبة 24.9%، وازداد عدد النزلاء في السجون بسبب ذلك بنسبة 19.0%، وارتفعت نسبة الشيكات المرجعة من (6%) في عام 2014مإلى (11%) في عام 2017م، حيث وصلت قيمة الشيكات المرجعة إلى(65) مليون دولار.

(6) التعليم:

نتيجة للحصار والإجراءات العقابية ضد قطاع غزة أصبحت نسبة الطلبة غير القادرين على تسديد الرسوم الدراسية أو غير القادرين على التسجيل على مستوى الجامعات المختلفة 39%، من اجمالي عدد الطلاب،ويتقاضى أكثر من (9400) معلم نسب ضئيلة من رواتبهم (40%)منذ أكثر منأربع سنوات من وزارة المالية بغزة، بالإضافةإلىحوالي (5800) معلم يتقاضون رواتبهم من وزارة المالية برام الله بنسبة (70%) منذ أكثر من (12) شهرا، ما يُلقى بظلال سلبية على كل المسيرة التعليمية، ويؤثر على جودة العملية التعليمية.

في الختام:

نضع بين أيديكم هذه الحقائق والأرقام التي استمدت من جهات رسمية معتمدة، من أجل التحرك سريعا لإنقاذ الوضع الانساني في قطاع غزة، وإلا فإننا قد نشهد كارثة انسانية مرعبة في قطاع غزة قد تدفع إلىتداعيات سياسية وأمنية واجتماعية قد يصعب السيطرة عليها، وقد تتسبب في حالة من الفوضى والاضطراب في المنطقة.

لقد حاولنا ان نؤمن الحاجات الاساسية من خلال العمل على انجاح المصالحة الوطنية، ومن خلال العمل الدؤوب مع كافة الاطراف لتأمين احتياجات سكان قطاع غزة، لكن بسبب قسوة الحصار وبسبب تعثر المصالحة الوطنية التي كنا نأمل من خلالها ان تقوم الحكومة الفلسطينية بواجباتها ومسئولياتها تجاه قطاع غزة، فقد ازداد الوضع سوءا وتفاقمت معاناة السكان إلىدرجة غير مسبوقة.

إننا نعيد التأكيد على ان الاتفاقات والمعاهدات الدولية والاعلان العالمي لحقوق الانسان تلزم قوات الاحتلال بالقيام بمسئولياتها تجاه الأراضي التي تخضع للاحتلال، وهو الأمر الذي تتهرب منه "إسرائيل" بشكل مستمر، ما يضعها امام المسئولية القانونية والدولية والانسانية.

وعليه نأمل تحرككم مع كافة الاطراف المؤثرة والفاعلة من اجل انقاذ الوضع في قطاع غزة، من خلال تقديم الدعم اللازم الذي يضمن عدم وصول القطاع إلىحالة من الانهيار التام في مختلف القطاعات.