مدى يكرم شهداء الصحافة الفلسطينية في مسيرة العودة

رام الله - دنيا الوطن
احتفل اليوم الخميس، المركز الفلسطيني للتنمية والحريات الإعلامية " مدى" باليوم العالمي لحرية الصحافة بتكريم عوائل الصحفيين الشهداء الذين ارتقوا خلال تغطيتهم لمسيرة العودة شرق قطاع غزة. جاء ذلك، خلال الاحتفال السنوي الذي نظمه مدى تحت عنوان: ""لا للقيود على حرية الاعلام" في قاعة ”اللايت هاوس” بمدينة غزة، بمشاركة حشد كبير من الإعلاميين والصحفيين وممثلي المؤسسات الصحفية وممثلي منظمات حقوق الإنسان ونقابة المحامين ومؤسسات المجتمع المدني وسياسيين ومكتب الإعلام الحكومي وكليات وأقسام الصحافة والاعلام في مؤسسات التعليم العالي الفلسطينية في قطاع غزة.

وافتتح اللقاء، د. أحمد ابراهيم حماد منسق مركز مدى في قطاع غزة ، واعتبره تتويجاً لجهود المركز على مدار عام كامل، حيث دأب خلاله على توثيق الانتهاكات بحق الصحفيين، وتوفير الحماية القانونية لهم. 

وأشار د. حماد إلى أن التعاون مع المؤسسات الاعلامية المختلفة لتنظيم هذه الفعالية هو دلالة رمزية لتضامن المركز مع الصحفيين والعاملين في مجال الاعلام ضد الانتهاكات التي تقترف بحقهم على الصعيدين الفلسطيني والإسرائيلي.

وقال منسق مدى في قطاع غزة إن اليوم العالمي لحرية الصحافة يختلف في فلسطين عن اي مكان بالعالم، متسائلا كيف لا ونحن نحتفل اليوم وبجانبنا صورا الشهداء الصحفيين الذين رسموا لنا معالم طريق الحقيقية التي دفع هؤلاء الابطال أنفسهم ثمنا لها.

وجدد الدعوة لمحاسبة قتلة شهداء الصحافة في فلسطين، منوهاً الى أن اليوم العالمي لحرية الصحافة يأتي وصحافيو غزة ممنوعين من أبسط حقوقهم في التنقلِ والسفر وهذا يَتنافى وكلَّ القوانينِ والمعاييرِ الدولية، إضافة للعديد من الإعلاميين الجرحى الذين أصيبوا خلال عملهم الصحفي ومعيقات الاحتلال تحول دون استكمال علاجهم.

واوضح منسق مركز مدى في غزة انه وبموازاة ذلك فإن مرتكبي جميع الاعتداءات التي تستهدف الصحافيين في فلسطين ما زالوا بمنأى عن أي مساءلة أو مضيفاً أنه باستشهاد الصحافي احمد ابو حسين يرتفع عدد الصحافيين الذين استشهدوا على ايدي قوات الاحتلال الاسرائيلي منذ مطلع العام 2000 في الضفة الغربية وقطاع غزة الى 43 صحافياً.

وأشار د. حماد الى الزيادة المستمرة في عدد ونوعية الجرائم والانتهاكات التي ارتكبتها وترتكبها قوات الاحتلال الاسرائيلي ضد الصحافة والحريات الاعلامية فلسطين والتي تعزى الى عاملين رئيسيين: أولهما قوة الصورة والدور الذي يلعبه الصحافيون ووسائل الاعلام في كشف انتهاكات الاحتلال، ونقلهم حقيقة ما يجري الى العالم، وثانيهما: إفلات مرتكبي هذه الجرائم من الجنود والضباط والمستوطنين والمسؤولين الاسرائيليين المستمر من العقاب وعدم محاسبة اي منهم، ما شكل ويشكل بيئة مثالية مُشجعة لهم للمضي في ارتكاب المزيد من هذه الجرائم، بل وتصعيد وتيرة وكثافة الاعتداءات على حرية الاعلام والمساس بالصحافيين في فلسطين ما يوجب السعي الحثيث لملاحقة مرتكبي هذه الجرائم كاجراء بات ملحاً لكبح هذه الجرائم والانتهاكات التي تطال الصحافيين والحريات الاعلامية.

ومضى بالقول ان العديد من الشواهد تؤكد على أن الاعتداءات ضد الصحافة والمؤسسات الإعلامية التي تخللت اعتداءات الاحتلال الثلاثة على قطاع غزة او خلال تغطية مسيرات العودة في المناطق الحدودية، او على الاقل قسماً كبيراً من هذه الاعتداءات والجرائم، كانت متعمدة ومقصودة، ولم تكن حوادث عرضية عابرة او نتاج عمل غير مقصود كما عملت اسرائيل على تقديمه ضمن سعيها لتبرير هذه الاعتداءات امام العالم.

وشكر حماد الاتحاد الأوربي على دعمه لبرامج  مركز مدى  بشكل مستمر  قائلا "هذا  الاحتفال بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة ضمن برنامج مدته 3 سنوات ممول من الإتحاد الأوروبي تحت عنوان "خطوة إلى الأمام نحو تعزيز حرية التعبير في فلسطين" يهدف تعزيز حرية الرأي والتعبير وحق الحصول على المعلومات في فلسطين ويعمل على بناء قدرات الصحافيين في تفعيل دور مؤسسات المجتمع المدني من جانب،  ومن جانب آخر في الدفاع عن الحريات الإعلامية سواء من خلال الورشات التدريبية التي سيتم البناء عليها لدعم وحدة الرصد و التوثيق في المركز، كما وسيتم إعادة  تفعيل الوحدة القانونية للدفاع عن الصحافيين الفلسطينيين الذين يتعرضون لإنتهاكات بسبب عملهم في الإعلام".

ويساهم المشروع أيضا في تعزيز الحماية للصحافيين حيث تم التعاون مع مكتب محاماة في الضفة الغربية وفي قطاع غزة لتقديم الإستشارات القانونية للصحافيين الفلسطينيين - على خلفية الإنتهاكات من جانب كما ويقوم بالمرافعة في حالات التقاضي لضمان الحق في المحاكمة العادلة وانهاء الافلات من العقاب وتعويض الصافيين المتضررين

وبين أن من أهم ركائز المشروع التركيز على إعادة البنية القانونية السليمة للأعلام في فلسطين والضغط على الحكومة الفلسطينية لتعديل القوانين المحلية الناظمة للعمل الإعلامي بما ينسجم مع المعايير الدولية- بالإضافة للمطالبة بإقرار قوانين حديثة منسجمة مع التطور والإنفتاح العالمي وتنسجم مع الإتفاقيات الدولية والتزامات فلسطين وفقا للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية من بينها الضغط لاقرار قانون حق الحصول على المعلومات.

واستعرضت الصحفية اسراء البحيصي وهي من الصحافيات اللواتي تعرضن للانتهاكات من قبل قوات الاحتلال الاسرائيلي خلال عملها الصحفي اثناء التغطية الاعلامية لمسيرة العودة العديد من الانتهاكات التي تعرضت لها موضحة انه خلال المسيرة الاسبوعية يستهدف الجنود الإسرائيليون الصحافيين بانتظام عبر استهدافهم بالرصاص تارة وبالقنابل الصوتية أو المسيلة للدموع تارة اخرى، علما بان جنودا عمدوا مرارا إلى إطلاق النار وقنابل الغاز باتجاه الصحفيين خلال الاسابيع الماضية بشكل متعمد.

واستذكرت الصحفية البحيصي شهداء الصحافة الفلسطينية خلال الاسابيع الماضية امثال ابو حسين ومرتجى, مضيفة ان ما حدث يعبر عن مآسي الصحفيين الفلسطينيين في المناطق الساخنة وهو ليس إلا نقطة من بحر الاعتداءات والعنف الموجه لهم من قبل جيش الاحتلال وقطعان المستوطنين.

 واكدت ان الصحافيات الفلسطينيات توجهن للعمل في مجالات كانت تحسب من اختصاص زملائهن الرجال ليلعبن دورهن الحقيقي ويمثلن ولو جزءا بسيطا من نفوذ السلطة الرابعة، فباشرن بالعمل في الميدان وخاصة في المناطق الساخنة والتى يوجد فيها احتكاك مباشر مع الاحتلال وكانت لهن فيه نجاحات، حيث تركت العديد من الصحفيات أسماءهن وبصماتهن في الميدان. ورغم أن أعداد الصحفيات في رئاسة وإدارة المؤسسات الإعلامية خاصة في فلسطين والعالم العربى قليلة إلا أن المرأة الصحفية الفلسطينية تواصل الكفاح والمسيرة نحو مزيد من تمكينها في ميدان الصحافة كما تقول.

واختتمت البحيصى حديثها بالدعوة الى توفير الحياة الكريمة الامنة والمستقرة لعائلات شهداء الصحافة الفلسطينية. كما شكرت ذوي الشهداء، مؤكدة على أن الصحفيين سيواصلون مشوار الدفاع عن الحقيقة مهما كان الثمن وأنهم سيبقوا أوفياء لزملائهم الذين سقطوا دفاعا عن حرية الكلمة.

من جهته، اعتبر عصام يونس مدير مركز الميزان لحقوق الانسان أن استهداف قوات الاحتلال الإسرائيلي للصحفيين والعاملين في الحقل الإعلامي، يشكل انتهاكاً خطيراً لحقوق الإنسان، حيث يحمي الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الحق في الحياة والسلامة البدنية، ويكفلان حرية عمل الصحافة ووسائل الإعلام ويحظران التعرض لها أو عرقلة عملها. كما يعزز القانون الدولي الإنساني حماية الصحافيين بوصفهم مدنيين، ولاسيما اتفاقية جنيف الرابعة، والمادة 79 من البروتوكول الإضافي الملحق باتفاقية جنيف 1949 لحماية المدنيين خلال النزاعات العسكرية، الأمر الذي يؤكده بشكل حاسم قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1738.

 وطالب يونس بإجراء تحقيق في مقتل كل من الصحافي ياسر مرتجى والصحافي أحمد أبو حسين، في سياق السعي لمجابهة سياسة الإفلات من العقاب ولتعزيز تمتع المدنيين الفلسطينيين بالحماية.

 واكد يونس انه على ضوء استخدام القوة المفرطة والمميتة في مواجهة تظاهرات سلمية، فإنه يطالب المجتمع الدولي بالتحرك العاجل للتحقيق في الانتهاكات المرتكبة بحقهم، واتخاذ التدابير الفورية التي من شأنها حماية الصحافيين والعاملين في مجال الإعلام، كونهم من ينقل حقيقة الوقائع على الأرض، ما يسهم في دعم الجهود الرامية لوقف الانتهاكات.

وجدد مدير مركز الميزان لحقوق الانسان دعوته للمؤسسات الدولية الفاعلة، ولاسيما المعنية بالصحافيين والحريات الصحافية إلى تعزيز تضامنهم مع الصحافيين العاملين في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

وفي كلمته، قال مدير شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية أمجد الشوا، إن العالم يحيي يوم الصحة العالمي في وقت يعاني أبناء شعبنا الفلسطيني الأمرين جراء ممارسات الاحتلال الإسرائيلي في ظل فشل المجتمع الدولي حتى الآن في محاسبة ومسائلة الاحتلال على انتهاكاته بحق المدنيين الفلسطينيين في مسيرة العودة السلمية، ونأتي اليوم في ظل هذه الانتهاكات والاعتداءات التي تمارسها قوات الاحتلال على المتظاهرين السلميين الذين جاءوا الى هذه المنطقة للمطالبة بحقوقهم الأساسية التي نص عليها القانون الدولي والإنساني ومنظومة حقوق الإنسان بأكملها.

وأدان الشوا استخدام الاحتلال القوة المفرطة والمميتة في استهداف المدنيين والصحفيين واستشهاد الصحفيين ياسر مرتجي  واحمد ابو حسين اللذان قدما الحقيقة وكشف زيف ما يقوم به الاحتلال من انتهاكات في مسيرة العودة.

 ودعا الشوا في كلمته لعقد لقاء لبحث مشاكل الصحفيين الفلسطينيين، وصولا الى حلها وتوحيد البيت الصحفي الفلسطيني لمواجهة الاحتلال والرواية والخطاب الإعلامي الإسرائيلي.

وشدد على ضرورة الحوار الدائم بين مختلف أطراف العمل الإعلامي، داعيا لوجود قانون لنقابة الصحفيين يتم وضعه ومناقشته من قبل الإعلاميين أنفسهم، كما طالب بإتاحة الفرصة لجميع وسائل الإعلام للعمل بشكل حر.

ورأى الشوا أن مشكلة الإعلام الفلسطيني بدأت عندما انساق الإعلامي وراء السياسي، مطالبا بالعمل خلال الفترة المقبلة على إيجاد ما أسماه ثقافة الإعلام الوطني.

وجرى خلال الاحتفال عرض الفيلم الوثائقي "صحافيون تحت النار" الذي انتجه المركز والذي يتضمن مشاهد حية لبعض ما تعرضت له المؤسسات الاعلامية والصحافيين خلال العدوان، فضلا عن شهادات عدد من الصحافيين الذين كان بعضهم ضحايا لهذه الجرائم والظروف التي عملوا في ظلها خلال العدوان بالإضافة الى عرض "برومو" خاص بالشهيدين مرتجى وأبو حسين.

وكان الاحتفال بدأ بالسلام الوطني الفلسطيني وقراءة الفاتحة ترحما على أرواح شهداء الصحافة الفلسطينية.