"جي رايدر: الاحتلال الإسرائيلي باعث ومسبب المشكلات التي تواجه العمال الفلسطينيون والعاملات

"جي رايدر: الاحتلال الإسرائيلي باعث ومسبب المشكلات التي تواجه العمال الفلسطينيون والعاملات
رام الله - دنيا الوطن
استقبل "شاهر سعد" أمين عام اتحاد نقابات عمال فلسطين، جي رايدر" مدير منظمة العمل الدولية (ILO)، الذي يزور فلسطين على رأس وفد كبير من المنظمة الأممية، تستمر لثلاثة أيام، حيث رحب سعد بالضيف الكبير، عارضاً أمامه الصعوبات التي يواجهها العمال الفلسطينيون، ومنها الحواجز والمعابر العسكرية، التي يزيد عدها عن (٤٥٦) حاجز ومعبر ونقطه تفتيش؛ وتشكل خط إعاقة مستدام أمام التنمية في فلسطين، وتحول دون حرية الوصول الأمن لأماكن العمل من قبل العمال الفلسطينيون والعاملات، وملاحقة العمال قبل وخلال وبعد وصولهم لمواقع العمل، ومواصلة إسرائيل تدمير الاقتصاد الفلسطيني، في ظل سياساتها الهادفة إلى تعميق تبعية الاقتصاد الفلسطيني على نحو إجباري، حيث تراجع الناتج المحلي الإجمالي في منطقتي الضفة الغربية وقطاع غزة، في عام 2017م بنسبة 0.55%، ويدخل في هذه النسبة تراجع قدره 16.2% في قطاع غزة، ونسبة نمو تقدر بـ 6.1% في الضفة الغربية، وتبعاً لذلك فقد انكمش نصيب الفرد الفلسطيني من الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 30% بالمقابل ارتفع معدل دخل الفرد الإسرائيلي السنوي بنسبة 25% عن نظيره الفلسطيني.

يحدث ذلك في ظل إعلان إسرائيلي مخادع ومتواصل عن تسهيلات وهمية بين الفينة والأخرى، ذات مرامي إعلامية صرفة، وهي لم تكن صادقة في يوم  حول هذا الموضوع، لأن العمال الفلسطينيين الساعين لطلب العمل بعد كل إعلان إسرائيلي، يواجهون مزيداً من الصد والمنع من قبل جنود الاحتلال المرابطين على نقاط التفتيش والمعابر الفاصلة بين الضفة وغزة وإسرائيل، ونحن نرى بالإعلانات الإسرائيلية المتتالية عن تقديم ما تسميه بالتسهيلات للعمال، وطالبي العمل منها، حملة مضللة من العلاقات العامة التي تهدف إلى بث أخبار إنسانية عن وضع غير إنساني؛ عبر وسائل الإعلام العالمية، وهي في الحقيقة على غير ذي صلة بالواقع. وهذا يعبر عن نية وقرار إسرائيل المسبق والمبيت لتدمير الاقتصاد الفلسطيني.

حجم القوى الفلسطينية العاملة
كما قدم "شاهر سعد" وصفاً مكثفاً للظروف الاجتماعية والاقتصادية في فلسطين وكيف تحولت لبيئة مثالية لزيادة عدد العاطلين عن العمل، وازدهار ظاهرتي الفقر والبطالة التي تجاوزت حد الـ 37% مع نهاية الربع الأول من عام 2018م، وهذا يعني بأن هناك (400,000) ألف عامل وعامله بلا عمل، 40% منهم من فئة الشباب ممن تتراوح أعمارهم بين (15-29)، 12% منهم التحقوا بسوق العمل الإسرائيلي وداخل المستعمرات الإسرائيلية للأسف الشديد؛ وهذا يعني أيضاً بأن ربع  الشعب الفلسطيني يكابدون القهر والعذاب يومياً.

 

رغم ذلك تابع (سعد) حديثه قائلاً: لم يتوقف الاتحاد عن القيام بواجبه تجاه العمال، وفي هذا السياق تم توحيد شطري الحركة النقابية في فلسطين، كما تم انجاز العديد من القوانين التي تصب في مصلحة العمال وتمكينهم ومنها قانون الحد الأدنى للأجور، وقانون الضمان الاجتماعي، والعمل جاري على إقرار قانون التنظيم النقابي المجسد للاتفاقيات العربية والدولية سيما الاتفاقية رقم (98) الخاصة بتطبيق مبادئ الحق في التنظيم النقابي وفي المفاوضة الجماعية، ومنسجم مع اتفاقية حق التنظيم النقابي والمفاوضة الجماعية (رقم 98) الخاصة بتطبيق مبادئ الحق في التنظيم النقابي وفي المفاوضة الجماعية، اعتمدها المؤتمر العام لمنظمة العمل الدولية في 1 تموز 1949م، في دورته الثانية والثلاثين، والاتفاقية (رقم 87) الخاصة بالحرية النقابية وحماية حق التنظيم النقابي، التي اعتمدها المؤتمر العام لمنظمة العمل الدولية في 9 تموز 1948م، في دورته الحادية والثلاثين.

كما يعمل الاتحاد بزمالة الشركاء الاستراتيجين على تعديل قانون العمل الفلسطيني، حيث شرع بحملة توعية وتبصير واسعة النطاق لتعريف الطبقة الفلسطينية العاملة بمنافع مؤسسة الضمان، وحث العمال والعاملات على الاشتراك بها، حيث نتوقع أن ينتسب للمؤسسة قرابة 700 ألف عامل وعاملة، وفي هذا السياق نشدد على دور منظمة العمل الدولية للضغط على الجانب الإسرائيلي لتحويل أموال العمال المحتجزة لديه منذ عام 1972م، لكي تتمكن مؤسسة الضمان الاجتماعي الفلسطينية من مباشرة عملها، نقوم بذلك بتعاون وثيق مع أطراف الانتاج الثلاثة ومع كل ذي مقدرة على دعم العمال وتثبيت حقوقهم.

د. أشرف الأعور
كما تحدث د. أشرف الأعور، أمين سر الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين، عن وضع مدينة القدس المحتلة، وما تعانية من ويلات الحصار والخنق الإسرائيلية تجاه كل ما هو عربي وفلسطيني فيها، بما في ذلك الشجر والحجر، حيث قال: الظروف التي تعيشها مدينة القدس لا تقل خطورة عن ظروف قطاع غزة، لأن الاحتلال الإسرائيلي أخضعها لحصار وسياسات تهجير وتفريغ في منتهى القسوة والوحشية، وسكانها الفلسطينيين بسبب ذلك يعانون معاناة شديدة وكبيرة، تبدأ من فرض الضرائب العالية عليهم، وإخضاعهم لنظام مخالفات غير عادل على البناء؛ ويتم منعهم من بناء المنازل الجديدة أو حتى ترميم المنازل القديمة، ومن أراد ذلك عليه أن يتقدم بطلب لسلطات الاحتلال، التي لا ترد على طلبات الفلسطينيين أبداً، ومن يقوم ببناء جديد أو ترميم لبيت يسكنه بدون تصريح فإنه يجبر على هدم منزله بيده.

 

ومن الجدير ذكره هنا أضاف الأعور "أنَّ إسرائيلَ قامتْ بهدمِ نحوَ 25 ألفَ مسكنٍ في فلسطينَ منذُ عامِ 1967م في الضفة الغربية، بما فيها دورِ عبادةِ ومدارسَ؛ منها 1124 منزلاً في القدسِ الشرقيةِ لوحدِها، وذلك خلالَ الفترةِ الممتدةِ من عامِ 2000- 2014م فقط ما أسفرَ عنْ تشريدِ ما يقاربُ 4966 مقدسيًا، منهم 2586 طفلاً و1311 امرأة".

بسب ذلك بلغ إجماليّ الخسائرُ التي تَكبَّدها المقدسين جرَّاءَ عملياتِ هدمِ منازلِهم ثلاثةُ ملايين دولارٍ، وهذه الخسائرَ لا تشملُ مبالغَ المخالفاتِ الماليةِ الطائلةِ، التي تفرضُ على ما يسمَّى مخالفاتِ البناءِ؛ وقد شهد عامَ 2014م أعلى نسبةِ هدمٍ ذاتيّ للمنازلَ في مدينةِ القدسِ، حيثْ بلغتْ 70 عمليةٍ ذاتيٍ.

يأتي ذلك في إطار رفع إسرائيلَ لوتيرةِ مصادَرتِها للأراضي، وهدمِ البيوتِ، وترحيل السكّان الفلسطينيين، التي لامست (1000 أمرِ) بناءٍ وهدم وترحيل وإغلاق يومياً.

وتمكَّنَ الاحتلالُ الإسرائيليُّ معَ نهايةِ عامِ 2014م من بسطِ سيطرتِه التامةِ على 685 دونمٍ من أراضي مدينةِ القدسِ، وتمكَّنَ بسببِ تطويقِ جدارِ الضمِّ لمدينةِ القدسِ من  حرمانِ 50000 مواطنٍ من حَمَلَةِ الهويّةِ الإسرائيليّةِ (الزرقاء) من الإقامةِ في مدينتِهم.

راسم البياري
كما طلب "راسم البياري" نائب أمين سر الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين، في مداخلته، مدير منظمة العمل الدولية بمشاركة الاتحاد مساعيه في التصدي لظاهرة السماسرة ذات المصدر الإسرائيلي والتي ينتج عنا استنزاف ملاين الدولارات من جيوب العمال الذي يحصلون على تصاريح الدخول لإسرائيل مقابل المال، وهي في الأصل متاحة بالمجان.

جي رايد يرد على هذه النقطة قائلاً:

قبل مجيئي إلى هنا قمت بمراجعة الجزئية المتعلقة بتنظيم حركة دخول وخروج العمال الفلسطينيين من وإلى إسرائيل، في اتفاقية باريس. فوجدت أن المرجعية المخولة بذلك هي دوائر الاستخدام أو مكاتب العمل لدى الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، يعني ذلك أن ظاهرة السماسرة، هي دخيلة على العلاقة الفلسطينية الإسرائيلية بهذا الخصوص، ويمكن اعتبار هذه المادة منطلقاً صالحاً لبدء عنلية تصدي واجتثات لظاهرة السماسرة؛ وأن منظمة العمل ستقوم بواجبها بهذا الخصوص.

إلى ذلك تابع البياري حديثه بالقول: كما نطلب عون (ILO) لتشغيل مؤسسة الضمان الاجتماعي، ولكن هناك إشكال متعلق بكمية الأموال المترصدة لدى الجانب الإسرائيلي، والتي يجب تحويلها لمؤسسة الضمان الاجتماعي بعد تشغيلها، وبشكل فوري وذلك عملاً بروح المادة رقم (40) من اتفاقية باريس الاقتصادية التي جاء فيها ما يلي:

ستحول إسرائيل شهرياً لمؤسسة تأمين معاش التقاعد - والتي ستعمل السلطة الفلسطينية على إنشائها- استقطاعات تأمين التقاعد التي جبيت بعد إنشاء المؤسسة المذكورة أعلاه واكتمال المستندات المذكورة في البند "37".


وأضاف "البياري" بناء عليه نطلب من معاليكم مساعدتنا للتصدي لهذه المشكلات الكبيرة؛ لتمكين شعبنا من البقاء في أرضة، وإثراء مسببات ومقومات صموده وبقاءه، التي تحفر تحتها الجرافات الإسرائيلية وهي تمهد الأرض لتشييد المستعمرات الإسرائيلية بعد طرد أصحاب الأرض الأصليين منها وحرمانهم من دخولها أو الانتفاع منها.

كما دعا البياري إلى العمل المشترك مع منظمة العمل الدولية، لإعادة الاعتبار للعمل النقابي في قطاع غزة، وغنهاء مظاهر الملاحقة لقادة الحركة النقابية هناك، ورفع القيود عن عملهم المشروع، ورفع الحصار عن قطاع غزة، الذي أتم عامه الثاني عشر، دون ظهور أي بارقة أمل تدل على أن الاحتلال الإسرائيلي سيغير ويبدل في سياساته الظالمة نحو غزة، فبات  رفعه يحتاج لتحرك فلسطيني جماهيري ومؤازة دولية واسعة النطاق، لكف يد الاحتلال الإسرائيلي عن أهل غزة وفي مقدمتهم الصيادين، الذين يبيتون فوق المياه بانتظار السمك، الذي لا يأتي أبداً، ليعودوا بشباك خالية من أي صيد، لأن السمك غادر بحر غزة خوفاً من بطش جنود الاحتلال الذين يتربصون السمك والصيادين معاً.


جي رايدر، الاحتلال الإسرائيلي باعث ومسبب المشكلات التي تواجه العمال الفلسطينيون والعاملات

بدء الضيف الأممي كلمته بشكر الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين، واعتزازه بالعلاقة معه، موضحاً أن هناك علامة فارقة تؤشر إلى تطور العمل النقابي الفلسطيني، وهي تبوء فلسطين مقعداً في مجلس إدارة منظمة العمل الدولية وهذا لم يحدث في تاريخ منظمة العمل الدولية التي ستطوي مئويتها الولى هذا العام.

يعني ذلك بأن الحركة النقابية الفلسطينية بقيادة "شاهر سعد" تحظى بالاحترام الكبير على المستوى الدولي، وهذا شىء مهم بالنسبة لفلسطين، وأنا أقول لكم بأني اطلعت على تقرير لجنة تقصي الحقائق التي زات فلسطين الشهر الماضي، ولم اجد فيه ما يسر القلب، التعقيدات والمعيقات على حالها منذ سنوات طويلة بكل ما تتضمنه من ضمور لفرص العمل وانغلاق الأفق أمام الشباب والخريجين، وزيادة نسب الطالة وارتفاع معدلات الفقر، أمام ذلك ماذا علينا أن نفعل علينا مواصلة العمل الذي بدأناه قبل عشرين عاماً، وأنا إلى جانبكم في هذا الكفاح سواء كنت مديرا لمنظمة العمل أو في غير ذلك من وظائف، لأنني على ثقة بانه يمكننا القيام بالمزيد من العمل.

كما علينا العمل على مدار الساعة لتحسين ظروف العمل، واخلاء اماكن عملهم من المخاطر المحدقة بسلامتهم، وعلينا تعميق معايير وقوانين احترام حقوقهم من قبل كل الحكومات، وهذه تحديات يجب ان نعمل على تذليلها.

كما علينا التصدي لظاهرة السماسرة الذين ينتزعون بطرق غير قانونية جزء من أجور العمال دون وجه حق، وسنعمل على التخفيف من القيود الإسرائيلية المنفذة على حرية دخول العمال لإسرائيل طلبا للعمل. 

كما أشاطركم الاهتمام بتمكين النساء، وحماية حقوقهن في مواقع العمل، وحصولهن على الأجر العادل، كما علينا العمل على إضاءة شعلة من الأمل المتجدد أمام الشباب وعدم السماح لليأس باحتلال قلوبهم وتبديد إرادتهم، من خلال طرح حلول نافذة تسهم في خلق فرص عمل تسهم في تخفيض معدلات البطالة والتصدي للمشكلات المتعلقة بمستقبل العمل.

لهذا فإن منظمة العمل الدولية ستستمر في دعمكم ومناصرتكم حتى يتمكن كل عامل وعاملة في فلسطين من حقه الطبيعي في العمل المستقر الخالي من المخاطر والمعيقات.