المخاطر العالمية تهدد مستهدفات الحكومة "المتفائلة" في الموازنة الجديدة

رام الله - دنيا الوطن
أفصحت الحكومة أمس عن الخطوط العريضة لموازنة العام المالي الجديد 2018-2019 من خلال بيان ألقاه وزير المالية عمرو الجارحي، وتضمن البيان التمهيدي للموازنة رؤية "متفائلة" بشأن أبرز الملامح الاقتصادية، وسط مخاوف من عدم القدرة على الوصول لتلك المستهدفات في ظل وجود عدد من المخاطر العالمية أبرزها أسعار النفط، ونمو التجارة العالمي، وموقف سعر الصرف.

ووفقا لتحليل هام أعده موقع "مباشر" أمس فقد أظهر البيان التمهيدي للموازنة الجديدة وجود 4 مخاطر دولية قد تتسبب في انحرافات بمستهدفات الموازنة للعام المالي المقبل.

ومن شأن تلك المخاطر أن تكلف موازنة الدولة نحو 12 مليار جنيه، وفقاً لحسابات "مباشر".

واعتبر اقتصاديون الموازنة الجديدة "طموحة ومتفائلة"، ويمكن إحراز بعض بنودها بناءً على معدلات النمو التي حققها الاقتصاد المصري بالفترة الأخيرة، لكنها مازالت غير قادرة على تحقيق البعض الأخر من البنود التي تفوق قدرة الاقتصاد المصري بالوقت الراهن.

وذكر بيان المالية أن التقديرات العالمية تتوقع استقرار أسعار خام برنت العالمية في 2018 عند نفس مستويات الربع الأخير من 2017 لتتراوح بين 60-70 دولار للبرميل، وبناء عليه فقد تم إعداد الموازنة بافتراض سعر 67 دولار للبرميل، ولكنه في حالة زيادة سعر البرميل بنحو 1 دولار فقد يؤدي إلى تأثير سلبي على العجز الكلي، حيث من المتوقع أن يترتب عليه تدهور علاقة الخزانة مع هيئة البترول بنحو 4 مليارات جنيه والذي يمثل 0.08% من الناتج المحلي.

ووفقا لما قالته إسراء أحمد محلل الاقتصاد الكلي في "مباشر" للأبحاث فإن هناك عدة عوامل قد تعيق تحقيق الحكومة لمستهدفاتها من تلك الموازنة، خاصة فيما يتعلق بالعجز المستهدف.

ويستهدف مشروع الموازنة للعام المالي المقبل خفض عجز الموازنة الكلى إلى 8.4% من الناتج المحلى الإجمالي مقارنة بـ12.5 % عام 2015- 2016.

وأوضحت إسراء أن الخطر الأكبر على تحقق تلك المستهدفات يكمن في احتمال استمرار تصاعد أسعار النفط عالمياً، كذلك أية ضغوط محتملة تترتب على تصاعد سعر الدولار وخاصةً بسبب عوامل عالمية مع رفع الفيدرالي الأمريكي أسعار الفائدة.

ومن المزمع أن تناقش بعثة صندوق الدولي التي تزور القاهرة مطلع مايو تأثير ارتفاع أسعار النفط على خطة الحكومة في تحريك أسعار الوقود، وانعكاساته على خطط الإصلاح المالي.

وبحسب وزارة المالية سيؤثر زيادة أسعار النفط سلباً على الموازنة من خلال الحد من الموارد المتاحة لتعزيز الإنفاق الرأسمالي والاجتماعي وقد يؤثر على أسعار القمح والمواد الغذائية في ضوء الارتفاعات التي تشهدها الأسعار العالمية، بما قد يؤثر على زيادة مخصصات الدعم للمواد البترولية والكهرباء.

وتستهدف الحكومة خلال العام المالي المقبل خفض دعم المواد البترولية إلى 89.07 مليار جنيه مقابل نحو 120 مليار متوقعة بنهاية العام المالي الجاري، ودعم الكهرباء إلى 16 مليار جنيه، مقابل نحو 30 مليار جنيه.

وأشار "مباشر" إلى أن هناك عاملان رئيسيان ينبآن بزيادة أسعار النفط العالمي بسبب توقعات تمديد اتفاقية أوبك لعام 2019، وبعض التهديدات الجيوسياسية.

أما الخطر الثاني الذي قد يهدد الموازنة الجديدة فهو سعر الفائدة، حيث أشارت وزارة المالية إلى أن هناك دول كثيرة تتجه للسياسة الانكماشية، ما قد يترتب عليه رفع أسعار الفائدة المحلية بنحو 50 إلى 100 نقطة.

وتابعت: قد تؤدي السياسة النقدية التقشفية التي تتخذها أمريكا إلى التضييق على فرص التمويل الخارجي في الوقت الذي تتجه فيه مصر لإصدار سندات أجنبية، مما قد يشكل خطراً على ارتفاع تكلفة الاقتراض المتوقع بالموازنة، حيث قد يؤدي زيادة الفائدة 1% إلى زيادة خدمة الدين بما يتروح بين 4-5 مليارات جنيه.

 وتستهدف مصر إصدار سندات دولية مقومة بالدولار قيمتها بين 6 و7 مليارات دولار خلال العام المالي 2018-2019.

وذكر مشروع الموازنة أن أي تراجع للجنيه أمام الدولار بنحو 1 جنيه قد يؤثر سلبا على الميزان الأولي للموازنة بنحو 3 مليارات جنيه، وذلك من خلال تراجع الفائض الأولي المستهدف بنحو 0.05% من الناتج الإجمالي.

ويبلغ سعر الدولار المستهدف 17.25 جنيه مقابل 16 جنيهاً في موازنة 2017-2018.

ويستهدف مشروع الموازنة للعام المالي المقبل تحقيق فائض أولى " لا يتضمن خدمة الدين" بنحو 2% من الناتج المحلى، وكان العجز الأولي لمصر تراجع خلال النصف الأول من العام المالي الجاري إلى 0.3%، من 1.1% بالنصف الأول من العام المالي 2016-2017

وقال محمود المصري محلل الاقتصاد الكلي في فاروس للأبحاث إن "توقعات الحكومة تعد متفائلة أكبر من واقع الاقتصاد المصري في الوقت الحالي".

وأشار المصري إلى أن الحكومة تستهدف التحول من العجز الأولي إلى الفائض الأولى بنحو 1.8%، والذي يصعب تحقيقه بالوقت الحالي، موضحاً أن مصر مازالت في مرحلة العجز المتوقع بلوغه 1% بالعام المالي المقبل.

وتشير التوقعات إلى تباطؤ معدلات نمو التجارة العالمية، مما يؤثر على متحصلات مصر من قناة السويس فضلا عن الضرائب الجمركية والضرائب على الواردات، حيث تتوقع الوزارة أن يؤثر تراجع نمو التجارة العالمية بنحو 1% على الخزانة العامة بنحو 980 مليون جنيه.

 وارتفع إجمالي المتوقع مما سيؤول إلى الموازنة العامة من إيرادات هيئة قناة السويس خلال العام المالي المقبل ليصل إلى 32.9 مليار جنيه بارتفاع قدره 1.53 مليار جنيه، مقارنة بالعام المالي الجاري.

وسجلت إيرادات قناة السويس ارتفاعاً بمقدار 5.4% خلال عام 2017، لتحقق مستوى 5.3 مليار دولار.

التعليقات