أصوات من طوباس: رسائل شبابية لزهرة المدائن

رام الله - دنيا الوطن
 خط مشاركون في المعسكر الكشفي (القدس عاصمة للشباب الإسلامي 2018) رسائل لزهرة المدائن، من قلب مركز الشهيد صلاح خلف، السجن الإسرائيلي، الذي تحول إلى مركز لإعداد القادة.

وكتب الشبان في إطار معسكر المجلس الأعلى للشباب والرياضة، وجامعة القدس، أبو ديس، وجمعية الكشافة الفلسطينية نداءات، وقهر، وتوصيف لحال مدينتهم، وعبّرت الرسائل خلال ورشة نفذتها وزارة الإعلام وهيئة التوجيه السياسي والوطني في محافظة طوباس والأغوار الشمالية عن الحنين للقدس، ووصفت حال يبوس المحاصرة، وأطلقت نداءات الحرية المنتظرة لزهرة المدائن وإيلياء.

يهدمون بيوتنا بأيدنا!

وباحت إحدى الرسائل، التي لخصتها الحلقة (91) من سلسلة (أصوات من طوباس):” أنا أحمد من قرية الجيب شمال غرب رام القدس، وحينما أقامت إسرائيل جدارها العنصري اختلفت أحوالنا، وتقطعت أواصرنا، وانتقلنا للعيش في جبل المبكر، ولم يكتف الاحتلال بجداره، بل فرض علينا ضرائب باهظة على المياه، والكهرباء، والأملاك، ويجبرنا على هدم بيوتنا بأيدينا، بحجة عدم الترخيص، أو دفع غرامات كبيرة والسجن.”

وجاء في سطور ثانية:” أعيش في بيت لحم، ولم أعد أرى مدينة الله إلا عبر شاشة التلفاز، أو من وراء الأسوار، أو بوسعي الجلوس تحت شجرة صنوبر في بلدة العبيدية للتمتع بلمعان قبة الصخرة، دون الوصول إليها.”

وكتبت سماح أبو غوش:” في كل الكون يدافع الشبان عن عواصمهم، وينخرطون في أنشطة تطوعية لتزيينها، لكن في القدس فأن أي فعل لا يروق للاحتلال يتحول إلى تهمة، ويخسر الشبان حياتهم بلمح البصر، نحب زياراتكم لمدينتنا وللأقصى، وسترون بعيونكم كيف يعيش المقدسي حياة حرجة، فكل شيء ممنوع، والجدران والحصار في كل زاوية.”
وباحت رسالة أخرى:” أدرس في جامعة القدس بأبو ديس، وأقيم في الولجة، القرية المخنوقة بجدار الفصل العنصري، والمنهوبة أرضها بالمستوطنات. لا نستطيع الوصول إلى القدس، وفي كل يوم نسمع عن مصادرات جديدة، إنهم يريدون ابتلاعنا.”

عصفورة أسيرة

وقطرت رسالة إسراء محمود بالقهر: ” عمري 19 سنة، وأقيم في العيساوية شمال شرق القدس، ندفع على بيتنا ضريبة سنوية اسمها (الأرنونا)، وتفقد الكثير من العائلات مساكنها بجرة قلم، فتهدم على ما فيها، والحجة الدائمة البناء بلا ترخيص. في القدس تفعل إسرائيل ما تشاء، ومتى تشاء، ونحن نصمد ولو على الجمر”.

وحملت رسالة لؤي شاهين: “أقيم في العيزرية، تبعد عني العاصمة أمتار قليلة، ولكنها ممنوعة علينا بسبب جدار الفصل العنصري، الذي حولها كعصفورة في قفص. عاصمتنا مركز الكون، وعلاقتنا بها كالروح والجسد”.

ونثرت جنان باسل:” أقيم في العيساوية، التي يسميها الاحتلال (غزة الصغرى)؛ لصمود أهلها. تسبب لي بطاقة الهوية التي يمنحها الاحتلال مشكلة، فبحكم خروجي من قريتي وإقامتنا في الأردن لفترة، صار من المحرمات علينا الدخول إلى القدس إلا بتصريح، وغالبًا يرفض الاحتلال الموافقة على منحنا هذا “الإذن” لدخول مدينتا، ومسقط رأسنا.”

وقال محمد شكارنة:” تبعد بيت لحم مسافة 14 كيلومترًا عن القدس، ولا أزور هذه المدينة، شبان في جيلي ممنوعون مثلي، فيضطرون إلى وسائل”التهريب” للصلاة. وحين أشاهد العاصمة من بعيد أشعر بالقهر.”

من وراء حجاب

ووردت في رسائل يوسف، وأحمد، وحسام، وبراء أوجاعًا مشابهة، فقد كتبوا: آخر مرة ندخل فيها القدس قبل 14 عامًا، وقتها كنت أطفالاً، اليوم الطرق الوحيدة للتواصل مع القدس مشاهدتها من جبال العبيدية، أو من خلف الجدار الذي يُقسم جامعتنا أيضًا.”

وقالت نور حسين:” أقيم في أبو ديس، لا أتخيل كيف لي أن أرى القدس كل يوم من وراء الجدار، وفي الوقت نفسه تمنع عليّ. إنها قمة الذل والقهر.”

وخطت نور عنبوسي: “أعيش في رام الله، عمري 21 سنة، لم أدخل القدس غير ثلاث مرات في حياتي. السفر إلى تركيا أسرع وأسهل من الوصل إلى عاصمتنا.”

أحلام وكعك

وورد في رسالة سعاد الهراس: “أعيش في القدس أسميًا، وعمليًا ممنوعة من دخولها، فأنا في الولجة، التي تحتاج ربع ساعة بالسيارة لوصولها، لكن اليوم لم نعد نرى المدينة، وحولنا يلتف الجدار الذي يدمر كل شيء، وانقسمت بلدتنا إلى قسمين، وإحدى أحلامي السير في القدس بحرية، والجلوس في ظل باب العمود، والاستماع إلى نداءات باعة الكعك.”

وكتبت دانا أبو شرخ: ” أقيم في الخليل، لم أدخل القدس في حياتي، لو تخبرون أي شابة من جيلي في العالم عن عاصمة بلدها، فسترد إما أنها زارتها، أو تستطيع زيارتها في أي وقت تشاء.”

بدوره، قدم المفوض السياسي والوطني لمحافظة طوباس محمد العابد إطلالة وطنية لتاريخ القدس وفلسطين، واستعرض التحديات التي تواجه المشروع الوطني في ظل ما يسمى بـ”صفقة القرن”، والضغوط الأمريكية لسلب القدس، كما تتبع تداعيات الانقسام، وموقف القيادة الثابت من المدينة باعتبارها عاصمة الدولة العتيدة.

وذكر منسق وزارة الإعلام في محافظة والأغوار الشمالية، عبد الباسط خلف أن رسائل الطلبة عن المدينة التي تحمل جامعتهم اسمها عكست ما يعانه أبناء شعبنا، بفعل منعهم من دخولها، وإجبارهم على الاكتفاء بمشاهدها من خلف الأسوار.

وأشار محمد سوالمة، نائب رئيس جمعية الكشافة الفلسطينية، إلى أن المعسكر الكشفي يأتي في سياق القدس عاصمة للشباب الإسلامي لهذا العام، بالتعاون بين المجلس الأعلى للشباب والرياضة ومنظمة التعاون الإسلامي. وفيه تعبئة فكرية ووطنية للشباب، تركز على القدس وتاريخها وأهميتها وحاضرها وما يلاحقها من عدوان.