جزرة وعصا غرينبلات

جزرة وعصا غرينبلات
نبض الحياة 

جزرة وعصا غرينبلات

عمر حلمي الغول 

الهوس الأميركي في الدفاع عن دولة التطهير العرقي الإسرائيلية أكد للمرة المليون عن تطابق وتماهي ما بين الولايات المتحدة وإسرائيل في المصالح والأهداف. وكنت قبل أيام قليلة كتبت هنا عن "العلاقات الإسرائيلية الأنغلو ساكسونية"، وخلصت إلى ان المشروع الإستعماري الصهيوني من ألفه إلى يائه من إنتاج وأخراج الغرب الأنغلو ساكسوني، وما يحدث أحيانا من تباين بين صاحب المشروع وأداة التنفيذ، هو بالضبط ذات التباين الذي يحصل ما بين المخرج والمنتج من جهة والممثل من جهة أخرى. 

ومجددا يكشف ممثلو إدارة ترامب بشكل فج عن هذة العلاقة العضوية، وآخرها تصريح جيسون غرينبلات، مستشار الرئيس ترامب في الملف الفلسطيني الإسرائيلي، الذي دعا فيه حركة حماس إلى "وقف مسيرة العودة مقابل تقديم تسهيلات إقتصادية ولوجستية، أو مواصلة الحصار والقصف." والتصريح حمل أكثر من مغزى ودلالالة، منها : أولا الدفاع المستميت عن دولة إسرائيل الإستعمارية، والحؤول دون تعريضها للمساءلة من قبل أي منبر إقليمي أو أممي؛ ثانيا الإبتعاد عن جوهر المسألة السياسية، وخلفية مسيرة العودة وفعالياتها المتواصلة، والهادفة التأكيد على الثوابت والحقوق الوطنية الفلسطينية في إنسحاب إسرائيل من أراضي دولة فلسطين المحتلة في الخامس من حزيران عام 1967، ومنح الدولة الفلسطينية إستقلالها وسيادتها على اراضيها بما فيها القدس العاصمة الأبدية، وضمان حق العودة للاجئين الفلسطينيين على اساس القرار الدولي 194، وليس هدف آني أوتكتيكي، يتمثل في مجرد تحسين شروط الحصار والإستعمار الإسرائيلي من خلال التخفيف عن الجماهير الفلسطينية؛ ثالثا إلقاء الجزرة لحركة حماس الإنقلابية من مستويين، الأول مخاطبة حركة حماس مباشرة، وهو ما يعني القفز عن منظمة التحرير وسلطتها الشرعية، التي تمثل الكل الفلسطيني، وهو ما يعني فتح الأفق امامها لتكون لاعبا مباشر في الحل الأقليمي وصفقة القرن، والتلويح لها بإمكانية ان تكون البديل عن منظمة التحرير. مع ان غرينبلات نفسه قبل فترة وجيزة، كان أعلن عن ضرورة إزالة إنقلاب حماس من محافظات الجنوب، الأمر الذي يكشف عن سعي أميركا العبث بالمشهد الفلسطيني عبر المناورات المفضوحة بين الشرعية الوطنية وحركة الإنقلاب الحمساوية، وعدم وجود ثابت في السياسة الأميركية سوى مصالح دولة إسرائيل الخارجة على القانون؛ ثالثا القبول بالإنقلاب الحمساوي ك"سلطة" أمر واقع في قطاع غزة، ومده بكل مقومات البقاء على الأرض، وبذات القدر تهديد الشرعية الوطنية عموما وشخص الرئيس محمود عباس؛ رابعا أو مواصلة عمليات القصف، مع إمكانية إجتياح محافظات الجنوب، وتهديد ركائز الإنقلاب. 

ومن راقب تصريحات قادة حركة حماس مؤخرا وخاصة صلاح البردويل، عضو المكتب السياسي يوم الجمعة الماضي، يستطيع ان يدرك المسار، الذي تسير عليه حركة الإنقلاب، وهو مسار ضرب خيار المصالحة والوحدة الوطنية، الذي يتناقض مع عقيدة جماعة الإخوان المسلمين التاريخية المعادية للوطنية والقومية من حيث المبدأ بإسم الدين، وبالتالي الميل الواضح والصريح لإهدافها، وأجندات القوى، التي إنتدبتها لتكريس عملية التمزيق والتفتيت لدول وشعوب الأمة العربية، وكما يعلم الجميع كانت حماس رأس الحربة الأميركية في تنفيذ مخطط ما يسمى الشرق الأوسط الجديد بعد سايكس بيكو. 

وهذة التصريحات والممارسات المعادية والمتناقضة مع خيار المصالحة الوطنية، فضلا عن انها جزء من عقيدة وسياسات جماعة الإخوان المسلمين الأساسية، إلآ انها تتناغم صعودا وهبوطا مع التطورات السياسية، وإدارة الظهر الآن للمصالحة يتوافق مع الجزرة الأميركية الممدودة لحركة حماس، لاسيما وان لعاب قادتها مندلق على "ترسيم" و"إعتراف" أميركا بدورها، رغم انها تدرك ومنذ البداية، أنها وفروع الجماعة ومكتب الإرشاد عملوا، ويعملوا منذ البداية كأداة لتنفيذ المخطط التدميري لدول وشعوب الأمة العربية. والنتيجة أن التناغم بين أميركا وحركة حماس، هو تناغم قائم على المصالح، التي يمكن أن تؤتي أُكلها في قادم الأيام، خاصة وان المواطنين باتوا يضيقوا ذرعا من إنتهاكات حماس لإراضيهم، وإستنزافهم بالتبرعات ... إلخ من الممارسات المؤذية والمتعارضة مع مصالح المواطنين. ولكن يمكن إفشال هذا السيناريو بفعل وعي وإدراك الجماهير الشعبية الفلسطينية، التي كفرت بالإنقلاب الحمساوي,

[email protected]

[email protected]    

التعليقات