عام 1935.. ذكرى استشهاد بطل معركة القسطل "عبد القادر الحسيني"

عام 1935.. ذكرى استشهاد بطل معركة القسطل "عبد القادر الحسيني"
رام الله - دنيا الوطن
عبد القادر موسى كاظم الحسيني قائد فلسطيني ولد في #القدس في 1908 واستشهد في 8 أبريل 1948 في قرية القسطل القريبة من القدس بعد أن قاد معركة ضد العصابات الصهيونية

وبدأ الشهيد مسيرته النضالية في عام 1935، متأثرا بتاريخ والده شيخ المجاهدين في فلسطين موسى كاظم الحسيني، الذي شغل بعض المناصب الهامة في الدولة العثمانية متنقلاً في عمله بين أرجاء الدولة العثمانية، فعمل في اليمن والعراق ونجد واسطنبول ذاتها، بالإضافة إلى فلسطين.

ونظراً لخدمات الحاج موسى الحسيني الجليلة للدولة العثمانية، فأطلقت عليه الحكومة لقب (باشا)، وعندما انهارت الدولة العثمانية إبان الحرب العالمية الأولى، ووقعت فلسطين في قبضة الانتداب البريطاني، كان موسى يشغل منصب رئاسة بلدية القدس، كما تم انتخابه رئيساً للجنة التنفيذية للمؤتمر الوطني الفلسطيني.

كان الأب موسى أول من رفع صوته في وجه الانتداب البريطاني، وأول من دعا أهالي فلسطين إلى الاحتجاج والتظاهر وإعلان السخط والغضب ضد وعد بلفور، فتولى قيادة أول مظاهرة شعبية في تاريخ فلسطين عام 1920م، وبسبب ذلك عزلته سلطات الانتداب البريطاني عن رئاسة بلدية القدس، فلم يكترث واستمر في نضاله الدؤوب، واشترك في الكثير من المظاهرات، كانت آخرها المظاهرة الكبيرة في #يافا في 27 تشرين الأول1933، حيث أصيب فيها بضربات هراوات قاسية من قبل الجنود الإنجليز ظل بعدها طريح الفراش أياماً طويلة، حتى فارق الحياة سنة 1934م.

ترعرع في بيت علم وجهاد:

لقد تربى عبد القادر الحسيني منذ نعومة أظفاره في بيت علم وجهاد، حيث كان هذا المنزل بمثابة الحضن الأول له والذي كان يجتمع فيه رجالات العرب الذين يأتون إلى القدس لغرض مؤازرة أهلها.

وانشغل الشهيد عبد القادر منذ عام 1935، في تدريب شباب فلسطينيين على الكفاح المسلح الذي شارك فيه وكان أحد عناوينه، وبلغت المقاومة ضد البريطانيين أشدها في معركة الخضر، وأصيب فيها إبجروج بالغة فانتقل إلى العراق.

وفي عام 1941 شارك الشهيد العراقيين في جهادهم ضد الإنجليز ووقع في الأسر لثلاث سنوات، ثم انتقل إلى مصر للعلاج، وفيها تولى تدريب المقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي، وأنشأ معسكرا سريا بالتعاون مع قوى وطنية مصرية قرب الحدود المصرية- الليبية.

تطورات متسارعة في فلسطين:

وفي تلك الأثناء تطورت الأوضاعُ في فلسطين بشكل متسارع على المستويين المحلي والدولي، ومن أبرز الأحداث التي أثارت الحسيني: السماح بإدخال مئة ألف مهاجر يهودي إلى فلسطين، ورفع القيود لتسهيل تمليك الأراضي الفلسطينية إلى اليهود، ووصول لجان دولية لتقصي الحقائق في فلسطين، وهي في مجملها لا تعدو أن تكون تحذيراً للعرب، وفرصة لتثبيت اليهود في فلسطين.

وإزاء هذه الأوضاع اجتمع مجلسُ الجامعة العربية في مصيف "بلودان" في سوريا في حزيران 1946م، وقرر إنشاء الهيئة العربية العليا لفلسطين برئاسة مفتي فلسطين الحاج أمين الحسيني، وبعد أربعة أشهر من إقامتها اجتمعت هذه الهيئة في مدينة الإسكندرية، وقررت مواجهة الخطط الاستعمارية الصهيونية بالقوة المسلحة.

وعندما أصدرت الأمم المتحدة قرارَها القاضي بتقسيم فلسطين قررت الهيئة تكوين "منظمة الجهاد المقدس المسلحة"، وعُين محمد أمين الحسيني رئيس الهيئة العربية العليا قائدًا أعلى للجهاد المقدس، في حين اتخذ عبدُ القادر الحسيني موقعَ القائد العام لهذه المنظمة، وانتقل إلى فلسطين في الثاني والعشرين من كانون الأول/ ديسمبر عام 1947م.

واستطاع عبد القادر الحسيني أن يكلِّفَ العصابات الصهيونية في حينه الكثيرَ من الخسائر البشرية والمادية، كما تمكن المجاهدون تحت إمرته من السيطرة على القدس لبعض الوقت بعد حصار طويل، كما نصبت قواتُ الجهاد المقدس كمائن عدةَ ناجحة للعصابات الصهيونية، ونسفت بعضَ المؤسسات الصهيونية الهامة مثل مقر الوكالة اليهودية في القدس، ودار الصحافة اليهودية في المدينة ذاتها، فضلا عن نسف حي "منتفيوري" وشارع بن يهودا في القدس.

وتمكنت قواتُ الجهاد المقدس من التحكم في خطوط المواصلات التي تربط بين أغلب المستعمرات الصهيونية في فلسطين.

ظروف الاستشهاد:

وفي أواخر مارس عام 1948م، توجه الحسيني إلى دمشق طالبا للسلاح من جامعة الدول العربية، لكن رجاءه خاب، وفي أثناء غيابه عن القدس سقطت قريةُ القسطل في أيدي اليهود، ووصل عبد القادر إلى المدينة المقدسة صباح السابع من نيسان/ إبريل عام 1948 فنظم هجومًا مسلحًا على القسطل، واستطاعت قواتُه أن تسترد الموقع في اليوم التالي، ولكن هذا القائد قد فارق الحياة في جريمة اغتيال وهو في بداية الأربعينيات من عمره، وفي ذروة عطائه النضالي، وهو ممسك بسلاحه مدافعا عن وطنه، ودُفن في القدس بجوار قبر أبيه موسى كاظم الحسيني.

ولما خرجت الحشود الغاضبة لتشييع جثمان الشهيد عبد القادر الحسيني أبت العصابات الصهيونية إلا أن ترتكب مذبحة أخرى فعمدت إلى مهاجمة قرية دير ياسين ونفذت مجزرة دموية، وحولتها خلال ساعات إلى ركام وأشلاء من كثرة الشهداء والضحايا، ونتيجة نسف المنازل وتدمير غالبيتها العظمى.

التعليقات