برنامج غزة للصحة النفسية ينظم ورشة عمل بعنوان واقع الصحة النفسية

رام الله - دنيا الوطن
نظم برنامج غزة للصحة النفسية أمس، ورشة عمل تحت عنوان "واقع الصحة النفسية في ظل الظروف الراهنة"، بحضور د. ياسر أبو جامع مدير عام البرنامج، والسيد/ ديفيد هتون مدير برنامج الصحة النفسية المجتمعية بوكالة الغوث، ود. يحيى خضر مدير عام الصحة النفسية بوزارة الصحة، والسيد/ عصام يونس مدير عام مركز الميزان لحقوق الإنسان، والسيدة/ ريم فرينة المديرة التنفيذية لجمعية عايشة لحماية المرأة والطفل، وبمشاركة العديد من ممثلي الوزارات والمؤسساات الحكومية والدولية ومؤسسات المجتمع المدني والعديد من الشخصيات والمهتمين في مجال الصحة النفسية، وذلك في قاعة مطعم اللايت هاوس بمدينة غزة.

وبدأت الورشة بكلمة للدكتور أبو جامع، استعرض فيها الأوضاع المعيشية الصعبة لسكان قطاع غزة نتيجة الحصار والفقر والبطالة والانقسام السياسي، وكذلك الحروب المتتالية التي شنتها قوات الاحتلال على غزة، وما يعيشه سكان القطاع من فقدان الأمل والخوف من المستقبل في ظل الواقع والحديث عن امكانية اندلاع حرب جديدة.

وأشار الى احصائيات برنامج غزة للصحة النفسية المبدئية عن عام 2017 فان الاضطراب الاكثر شيوعا بين الاطفال المترددين حديثاً على المراكز التابعة للبرنامج هو اضطراب التبول اللاإرادي بنسبة 20% يليه اضطراب كرب ما بعد الصدمة بنسبة 13%.، مشيراً إلى أن 24% من الأطفال المترددين على المراكز التابعة للبرنامج يعانون من مشكلات وأعراض سلوكية لا تصل بهم الى درجة التشخيص ويتلقون الخدمات الارشادية اللازمة.

أما بالنسبة للبالغين، أوضح أبو جامع أن التشخيص الأكثر للحالات الجديدة خلال العام 2017 فهو اضطراب الاكتئاب "22% من الحالات" ثم الاضطرابات التي تتعلق باستخدام المواد  والعقاقير بنسبة 21% من الحالات وتشكل الإضطرابات المتعلقة بمجموعة اضطرابات القلق ما نسبته 26% من الحالات وتتركز بشكل أساسي في اضطراب القلق العام, اضطراب كرب ما بعد الصدمة

وأشار أبو جامع، إلى الزيادة الملحوظة في مستويات الخوف والقلق والاكتئاب والاحباط وحالات الإدمان لدى المواطنين نتيجة هذه الظروف، وما يقدمه البرنامج من خدمات في مجال الصحة النفسية للمجتمع الفلسطيني، مؤكداً على الاهتمام الكبير الذي يوليه البرنامج لتنمية قدرات العاملين في المؤسسات الأهلية وخاصة المؤسسات العاملة في مجال الرعاية الصحية الأولية، بهدف تحسين الصحة النفسية للسكان في قطاع غزة، وكذلك تعزيز وصول المجتمع إلى خدمات علاجية نفسية متخصصة، وبناء قدرات المهنيين وزيادة الوعي العام لدى السكان.

وقدم السيد/ هتون ورقة عمل بعنوان "دعم الأطفال والعائلات وقت الأزمات: تدعيم أساسيات الحياة اليومية"، أوضح خلالها أن الواقع السياسي والاقتصادي المُعاش في فلسطين، له أثر كبير على واقع الناس في غزة، لافتاً إلى أن الوكالة قامت بعمل استبيان اتضح من خلاله أن ما نسبته 60% يتحدثون عن رفاه نفسي ضئيل، و30% من الأطفال في غزة، هم بحاجة إلى دعم نفسي.

واستعرض السيد/ هتون برامج الدعم النفسي المجتمعي التي يقوم بها برنامج الصحى النفسية في الأونروا، وكذلك مجموعات التوجيه الممنهج، ودروس مهارات الحياة التي تقدم في الفصول المدرسية وأهمية هذه الدروس في إكساب الطلبة مهارات في خوض الحياة والتغلب على المصاعب المستقبلية، وأن هذا يعتبر استثماراً مهما لنا في مستقبل طلبتنا، مشيداً ببرنامج الوساطة المدرسية الذي ينفذه برنامج غزة للصحة النفسية، لما له من فائدة عظيمة في اشراك الطلبة في عملية حل المشكلات، واصفاً إياه بالبرنامج الرائع الذي ينظر للطالب من منطلق الشراكة.

بدوره تحدث الدكتور خضر، خلال ورقة عمل بعنوان "واقع الصحة النفسية في وزارة الصحة" عن النقص الحاد في بعض المعدات والأدوية الضرورية للتعامل مع هذه الحالات، خاصة حالات الاكتئاب والصدمات النفسية وكرب ما بعد الصدمة.

ولفت خضر إلى أن لدى وزارة الصحة بالقطاع مستشفى نفسي واحد، و6 مراكز تقدم الخدمات النفسية التي تشمل العديد من الأزمات والتحديات، موضحاً أن خدمات الوزارة المقدمة عديدة ومتشعبة لتتقاطع مع الخدمات المقدمة من الشركاء في هذه البرامج.

من جانبه عبر السيد/ يونس، عن استغرابه من القدرة العجيبة للمواطنين في القطاع على التكيف مع الانقسام والحصار الذي طال أمده، ومع عدم وجود فرص عمل، ومع الخصومات من الرواتب والتقاعد المبكر.

وبيَّن يونس أنه ونتيجة لكل ما سبق، هناك أكثر من 100 ألف أمر حبس لدى الشرطة في غزة لأناس لم يستطيعو أصحابها تسديد ما عليهم من مستحقات نتيجة الظروف القائمة، كما أن هناك 54 شخص توفوا نتيجة عدم سماح الاحتلال لهم بالسفر للخارج أو التوجه لمستشفيات الضفة والقدس لتلقي العلاج المناسب لهم.

واستعرض يونس تأثير الواقع الاقتصادي والاجتماعي على تفاقم الازمات على سكان القطاع، مشدداً على أن المصالحة الوطنية والعدالة الاجتماعية هي الأساس لمواجهة الأزمات ومعالجة التأثيرات الناجمة عنها.

وفي ورقة العمل التي قدمتها السيدة/ فرينة تحت عنوان "واقع الصحة النفسية للنساء في غزة واشكاليات الوصول"، أشارت إلى نقاط القوة في إطار تطور الخدمات خلال الأعوام الخمسة الأخيرة واستخدام تقنيات جديدة لتقديم العلاج النفسي مثل اليوجا والألعاب الهوائية، أما فيما يتعلق بنقاط الضعف فترتبط بافتقار بعض المراكز المتخصصة للتخطيط، وتردد الزائرات في زيارة المراكز بسبب الوصمة، وكذلك الضوابط غير المبررة داخل تلك المراكز التي لا تسمح بالتعامل مع الحالات الطارئة أو العادية من شريحة النساء، إضافة إلى النقص الشديد في المراكز.

وشددت فرينة على ضرورة مراعاة التكامل في تقديم الخدمات من أجل تحسين الوضع النفسي والاجتماعي خاصة في ظل فقدان الاحساس بالأمن والحماية الدولية مع استمرار التهديدات الاسرائيلية مع تواصل الوصمة الناجمة عن الثقافة والعادات التي تشكل عقبة أمام تقديم خدمات الصحة النفسية واعتماد التمويل على المشاريع التي تحتاج لمدة طويلة لتحقيق الهدف المطلوب، مؤكدة على ضرورة التكامل في تقديم الخدمة واعتماد إدارة الحالة في التعامل مع حالات العنف المبني على النوع الاجتماعي، كخطوة مهمة على تحقيق صحة نفسية أفضل للناجيات.

وفي ختام الورشة فتح باب النقاش والمداخلات للحضور، وبعد ذلك تم عرض لمجموعة من قصص النجاح التي قدمتها مجموعة من الأخصائيات العاملات في برنامج غزة للصحة النفسية، وأخصائية من جمعية الإغاثة الطبية.