أهمية جمعة الكاوشوك

أهمية جمعة الكاوشوك
نبض الحياة 

أهمية جمعة الكاوشوك

عمر حلمي الغول 

في خضم مواصلة مشروع "مسيرة العودة" الكفاحي، الذي دشن في يوم الأرض بذكراه ال42 الموافق ال30 من آذار/ مارس 2018، والذي سيتواصل مبدئيا حتى ال15 من أيار/ مايو القادم، ما لم يمتد لما هو ابعد من ذلك، وهو الإحتمال الأرجح، لإن التطورات والمؤشرات تشير لذلك، حلت أمس الجمعة الثانية، التي أطلق عليها ابناء الشعب الفلسطيني "جمعة الكاوشوك"، حيث قام أبناء محافظات الجنوب الغزية بتجميع أكبر كمية من إطارات الكاوشوك التالفة، بالإضافة للمرايا العاكسة ووضعتها على الحدود الشرقية لمحافظات جباليا وغزة والوسطى وخانيونس ورفح، وذلك للحؤول دون تمكن قتلة جيش الموت الإسرائيلي من توجيه رصاصهم الغادر والجبان للأطفال والنساء والشباب المشارك في حراك المسيرة السلمي.

 وقامت الجماهير المنتفضة في قطاع غزة أمس بإشعال الإطارات للتغطية على جنود وضباط الجيش الإسرائيلي القتلة، الذين توعدوا مع وزير حربهم، ليبرمان إطلاق الرصاص بكل صنوفه على المواطنين العزل، إذا إقتربوا من الحدود، وتساوق معهم جيسون غرينبلات، مستشار الرئيس الأميركي، الذي حاول بتحذيره الجماهير الفلسطينية من ابناء القطاع إستباق الأحداث، محاولا "تحميل" الفلسطينيين المسؤولية عن وقوع الضحايا، وفي نفس الوقت "تبرئة" دولة الإستعمار الإسرائيلية من جرائم الحرب، التي إرتكبتها خلال الأيام الثمانية الماضية، وأيضا لإستخدام تصريحه كذريعة لتغطية عورات إدارته المتماهية مع حكومة اليمين المتطرف الإسرائيلية. 

كما أن إشعال الإطارات هدف إلى إبراز قضية الحصار الظالم المفروض على القطاع منذ احد عشر عاما خلت، وايضا لتصعيد الكفاح الشعبي السلمي في مواجهة التوحش الإجرامي الإسرائيلي، وللتأكيد على الحقوق والمصالح الوطنية العليا للشعب العربي الفلسطيني، ودفع العملية الكفاحية قدما للأمام، حتى بلوغها مرحلة الإنعطافة الإنتفاضية. ولمواصلة إرسال الرسائل للعالم أجمع، بأن الشعب الفلسطيني لن يهدأ، ولن ينام على صمته تجاه إستعمار إسرائيل المارقة، وجرائم حربها طيلة الخمسين عاما الماضية من إحتلالها لإراضي الدولة الفلسطينية في الخامس من حزيران/يونيو 1967، ومطالبته التدخل الفوري والسريع لإزالة الظلم التاريخي الواقع على الشعب الفلسطيني، وإعادة الإعتبار للعملية السياسية الممكنة والمقبولة فلسطينيا من خلال إلزام إسرائيل المارقة والخارجة على القانون للإنسحاب من أراضي دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية، ومنحها إستقلالها الكامل، وضمان سيادتها على أراضيها، وتأمين حق العودة للاجئين الفلسطينيين على أساس القرار الدولي 194. وفي السياق ذاته، التأكيد على رفض الحلول المؤقتة والأقليمية وصفقة القرن الأميركية. 

ولم تثني الصرخات الإسرائيلية الكاذبة، وإدعاءاتها المارقة خشيتها على البيئة وعلى حياة الجماهير الفلسطينية من إشعال إطارات الكاوشوك. لإن حصار إسرائيل الظالم المفروض على ابناء الشعب الفلسطيني، أدى لتدمير البيئة والمياة والكهرباء ومجالات الحياة كافة في محافظات الجنوب، ووصلت حد الكارثة الإنسانية، حيث لم تعد شروط الحياة الآدمية قائمة بحدها الأدنى فيها. وبالتالي لم تعد الجماهير آبهة بما ستؤول إليه الأمور، لإنها لن تخسر شيئا في ظل الموت البطيء، الذي تعيشة يوميا. وبالتالي على دولة التطهير العرقي الإسرائيلية والعالم على حد سواء تدراك الوضع قبل الإنفجار الشامل، إذا كانوا معنيين بحياة ملايين الفلسطينيين بدل الصراخ وبيانات التضامن، والدعوة لتقديم المساعدات الجزئية والمؤقتة، والبحث الجدي في جذر الصراع الإسرائيلي الفلسطيني القائم منذ النكبة قبل سبعين عاما مضت.  

جمعة الكاوشوك خطوة جديدة في مسارعملية تصعيد الكفاح الشعبي السلمي، وتطور إيجابي في إشتقاق أشكال النضال لمواجهة البربرية الإسرائيلية والأميركية، وتأكيد على أن جعبة الفلسطينيون تختزن الكثير من الإبداع في مقارعة المحتلين الإسرائيليين، وقادرة كل يوم على إجتراح الجديد في كفاحها الشعبي السلمي حتى تحقيق اهدافها الوطنية كاملة غير منقوصة.

[email protected]

[email protected]         

التعليقات