إسرائيل والأنغلو ساكسون

إسرائيل والأنغلو ساكسون
نبض الحياة 

إسرائيل والأنغلو ساكسون

عمر حلمي الغول 

محتوى وجوهر العلاقة الأنغلوساكسونية الإسرائيلية لم تكن يوما من الأيام لإي متابع سرا، أو ضبابية وغامضة، لإن مرتكزاتها جلية وواضحة، تقوم على العلاقة التبادلية بين صاحب القرار والممول الأنغلو ساكسوني للمشروع الصهيوني، للقيام بالمهمة والوظيفة المطلوبة منه. وبالتالي صاحب مشروع إسرائيل، هو الغرب كل الغرب الرأسمالي، ووجود تباين، أو إن جاز التعبير إجتهادات بين الأقطاب الرأسمالية وفقا للتراتبية والمكانة لا يعني نهائيا التناقض بينهم على حماية وترسيخ مكانة إسرائيل، النبت الشيطاني الإستعماري في المنطقة على أنقاض نكبة الشعب العربي الفلسطيني، وتأمين كل إستحقاقاتها المالية والإقتصادية والتسليحية واللوجستية، وفي الوقت ذاته إختزال المشروع الوطني الفلسطيني إلى الحد الأقصى بما يرضي ويستجيب مع رؤية قادة المشروع الإسرائيلي الإستعماري، الذين إنتقلوا عمليا بعد حرب العام 1967 من تابع كلي إلى تابع وشريك صغير في المعادلة الإمبريالية في المنطقة. 

ولم يكن إستخدام اتباع الديانة اليهودية كأداة لتنفيذ المشروع الإستعماري في البحيرة العربية الدافئة إعتباطيا، ولا نتيجة جهل، انما كان عن قراءة إستعمارية مدروسة بعمق، أضف إلى انها كانت سابقة على مؤتمر بازل بسويسرا 1897، حيث طرح إستعمال اليهود لخدمة مآرب الغرب منذ القرن السابع عشر، لتحقيق أكثر من هدف في آن، منها: أولا التخلص من مشكلة الغيتو اليهودي؛ ثانيا تصفية حساب مع اليهود من قبل اتباع الديانة المسيحية في الغرب الأنغلوساكسوني لإعتبارات دينية وإقتصادية مالية؛ ثالثا خدمة أهداف ومخططات الرأسمال المالي العالمي في السيطرة على ثروات وطاقات شعوب الأمة العربية، والإستفادة من السيطرة على المنطقة في الصراع مع الأقطاب الدولية الأخرى في تقاسم النفوذ بينها؛ رابعا وبذات القدر تفكيك عوامل الوحدة والقوة العربية، وأيضا تصفية حساب مع العرب، حملة ورواد الحضارة العربية الإسلامية إرتباطا بالهزائم، التي مني بها الصليبيين، والحؤول دون تطورهم ووحدتهم....إلخ

وقامت جهات الإختصاص الرأسمالية في مؤتمر كامبل نبرمان 1905/ 1907 بتشخيص الواقع في الدولة التركية المريضة  ، ووضعت السيناريوهات لتفكيكها، ومدت الجسور مع الشريف حسين ووعدته بالإستقلال عشية الحرب العالمية الأولى 1914/1917، وفي ذات الوقت كانت تعد العدة لتقسيم العالم العربي، وهو ما تم في إتفاقية سايكس بيكو 1916، وثم أصدرت المملكة المتحدة وعد وزير خارجيتها، جيمس آرثر بلفور نوفمبر 1917 لإقامة "وطن قومي لليهود" في فلسطين، وهيأت له كل شروط النجاح من أداة بشرية عبر تسهيل الهجرة المنظمة إلى فلسطين، أرض من خلال المصادرة والإغتصاب أو شراء بعضها القليل من عائلات لبنانية، إقتصاد من خلال بناء ركائز القاعدة المادية الصناعية في ثلاثينيات القرن العشرين، ومؤسسة أمنية عبر إنشاء اللواء اليهودي في الجيش البريطاني، وتأسيس منظمات إرهابية صهيونية: "الهاجاناة"، "شتيرن"، "هاشومير"، "الأرغون"، "إيتسل" و"البالماخ"، التي لعبت جميعها دورا في بناء ركائز المشروع. 

كان التكامل في المهام والأدوار بين صاحب المشروع الحقيقي، وهو الغرب الأنغلوساكسوني، وبين الأداة الحركة الصهيونية واضحا وجليا، وكلاهما رسخا وعمما في وعي أتباع الديانة اليهودية في أوروبا وأميركا فكرة "الوطن القومي"، و"أرض الميعاد" وإستثمار العهد القديم بطريقة مشوهة لخلق ركائز لتجسيد المشروع الإستعماري على الأرض الفلسطينية للفصل بين القطاعين الآسيوي والأفريقي من الوطن العربي، وللحؤول دون تطور ووحدة العرب، ونهب ثرواتهم واموالهم ونفطهم، وقتل قياداتهم الوطنية والقومية وكفاءاتهم او تهريبها وإستقطابها لبلدان الغرب.

هذا المشروع الصهيوني لإصحابه من الأنغلوساكسون، هو مشروع مؤقت، مهما طال عمره، يتوقف حينما يشعر الغرب بكل مكوناته الرأسمالية، بأنه بات يشكل عبئا عليه. ولكن طالما يحقق الأهداف المرادة منه، سيبقى قائما وموجودا. وبالتالي بمقدار ما يتطور النضال الوطني والقومي الشعبي والسياسي والديبلوماسي، بمقدار ما يحقق هدفين في آن: أولا يعجل في بناء ركائز تسوية سياسية ممكنة ومقبولة؛ وثانيا تصدع وتفكك المشروع الصهيوني، لإنه لن يقو على البقاء دون الدعم المالي والأمني الأنغلوساكسوني. لاسيما وانه مشروع طارد للحياة. 

[email protected]

[email protected]     

التعليقات