فضل الله: بالقوّة نستعيد القدس ونحبط المشاريع الاسرائيلية

رام الله - دنيا الوطن
حاضر العلامة السيد علي فضل الله في ندوة في قاعة الجامعة الأميركية للثقافة والتعليم في النبطية حول التحديات التي تواجه القدس في هذه المرحلة التي يحاك فيها أخطر المشاريع الأميركية – الصهيونية للسيطرة عليها، بحضور حشد من الفاعليات والطلاب.

بعد النشيد الوطنيّ، استهل العلامة فضل الله محاضرته قائلاً: "نحن معنيون بالقدس، لأنَّنا معنيون بأن نبقي إنسانيتنا حيَّة، ونحن ننتقص من إنسانيتنا عندما نرى شعباً يظلم ومقدّسات يساء إليها، من دون أن نعبّر باليد واللسان عن مشاعر الغضب ضد المحتل ، ولا سيما إذا كان ينفّذ دوراً استعمارياً يخدم مصالح حماته الجيوسياسية والاقتصادية، ويحول دون أيّ تقدمٍ للشعوب العربية والمسلمة.".

وتابع: "إننا معنيون بالقدس، لأننا معنيون بالعدالة التي لا تبنى الحياة إلا بها، وهي هدف الرسالات السماوية، فلا يمكن أن تكون مسلماً أو مسيحياً أو يهودياً وتظلم أو ترضى بظلم شعب أو تميز بين ظلم وظلم، فالظلم ملّة واحدة يتقوّى بعضه ببعض".

 وقال: "إنّنا معنيون بالقدس، لأنَّ القدس أرض عربية.. صحيح أننا لبنانيون، ولكنَّنا جزء من هذا العالم العربي وقضاياه، كما نحن جزء من العالم، فنحن لا نؤمن بالدائرة المغلقة بل المفتوحة..".

وشدَّد على أنَّنا معنيون بالقدس، لأنَّها تمثّل هذه الصورة النموذج، هي الصورة الجامعة للأديان.. ونحن لا نرى الأديان إلا كذلك.. فالأديان جاءت لتجمع الناس، لتوحّدهم.. ولأن القدس عنوان الوحدة، فالعدو يعمل على تحطيم هذه الإرادة الإسلامية المسيحية الواحدة، وهدم كل المعالم الدينية المقدسة والآثار التاريخية التي تؤكّد هذه الوحدة الإيمانية بين المسلمين والمسيحيين...

ولفت إلى أنَّ القدس الآن تذوب في بحر الاحتلال، ويساهم في ذلك عاملان؛ الأول هو التخاذل العربي والإسلامي، رغم أنَّ كل القوانين الدولية تؤكّد حق الفلسطينيين بالقدس، وعدم وضع استراتيجية لتحرير المدينة ومجابهة خطر التوسع الصهيوني. والأمر الثاني هو الدعم الذي يحظى به الكيان الصهيوني من الغرب والشرق، والذي أمَّن التغطية لكلّ جرائمه بحقّ القدس والفلسطينيين..

وأشار إلى أنَّ ما فاقم أوضاع القدس هو دخول العالم العربي، وحتى الفلسطينيين، في نزاعات شتّت قدراتهم وغيَّرت وجهتهم، بحيث لم تعد وجهتهم الحقيقيَّة إلى فلسطين، بل إلى هذا البلد العربيّ أو الإسلامي، أو إلى هذا المذهب أو ذاك.. وهذا الدّين أو ذاك.. والسّعي متواصل لاستبدال القدس بغيرها من القضايا..

وأضاف: أن التهويد الذي لا يستهدف معالمها الإسلامية والمسيحية فحسب، بل يستهدف أيضاً القضاء حتى على هذا الوجود  - المسيحي ووحدته،  ونحن لا يمكن لنا مواجهة هذا المشروع الصهيوني التدميري إلا بهذا التعاون بين الإسلام والمسيحية.

 واعتبر أنَّ المخطط الاسرائيلي لتدمير المسجد الأقصى وبناء هيكل يهودي، لم يعد سراً من أسرار الحركة ، وكذلك مشاريع هدم الصروح الدينية المسيحية، بما فيها كنيسة القيامة، منوهاً بدور هذه الكنيسة في مواجهة الضغوط الإخضاعها.

وشدَّد على أنَّ إسرائيل ليست خطراً على القدس فحسب، بل هي خطر على المنطقة ووحدتها، إنها لا تتوقف عن استهداف العيش الوطني الواحد بين المسلمين والمسيحيين، لأنه يتناقض مع المشروع الصهيوني العنصري والتهويدي.. وهي تعمل ليس على أن لا تكون هناك تجربة ناجحة في قدرة الأديان على التعايش في ما بينها فحسب، بل على استهداف الوجود الإسلامي والمسيحي ومستقبله أيضاً.

ودعا إلى تشكيل هيئة إسلامية مسيحية مشتركة تضع مخطط عمل يستهدف أولاً استنفار الوحدة الإسلامية المسيحية لحفظ القدس وصونها.

وتساءل: "إذا قبل العالم بسيطرة إسرائيل، وأصبح الاعتراف بها أمراً واقعاً، كما يتحدّث الكثيرون في هذه الأيام، ماذا سوف يكون موقفنا؟ هل نبقى وحدنا الذين لا نعترف بها؟".

وأضاف: "نعَم، نبقى وحدَنا، لأنْ لا شرعيةَ للظلمِ والاحتلالِ.. واعترافُ الآخرينَ لا يغيرُ منْ واقعِ الظلمِ شيئاً، وهذا الكيانُ، إنْ لم تقفْ قوةُ العدالة في وجهِه، فسوفَ يواصلُ ظلمَه في كلِ الاتجاهاتِ... فالمشروعُ الاسرائيليُ، ومنْ يقف وراءه، لم يستهدف فلسطين ليعيش ضمن حدودها، بل ليتوسّع ويمتدّ ويخدم استراتيجيات غربية لا تزال تراودها أحلام قديمة في الاستيلاء على ثروات المنطقة وإضعافها بمشاريع التقسيم والتفتيت، وذلك للحؤول دون نهوضها سياسياً واقتصادياً وتحقيق أمانيها في الحرية والعدالة...".

وأعرب عن ثقته بالشعب الفلسطيني، وقدرته على تجاوز محنته، ومعه الشعوب والدول العربية والإسلامية، التي من واجبها أن تدعم هذا الشعب، لا لحسابه فحسب، بل لحسابها، لأن السماح لهذا الكيان بتثبيت احتلاله وعبثه بالمقدسات، سيمهد الطريق للعبث في الداخل العربي والإسلامي.. فهو كيان لم يحدد بعد حدوده، تاركاً ذلك لقوة جيشه..

 وختم بالقول إنّ الطريق لإعادة القدس إلى أحضان هذه الأمة قد يكون له أكثر من سبيل، ولكن، مع الأسف، هذا الكيان لا يفهم أساساً إلا لغة واحدة؛ لغة القوة والضغط.. على الرغم من أننا لسنا في مشكلة مع اليهودية، إنما مشكلتنا مع الاحتلال واستبدال شعب بشعب، وهذا ما لا نريده، انطلاقاً من إنسانيتنا ومن كل القيم الدينية والرسالات السماوية.

التعليقات