تفجير موكب الحمد الله وفرج.. اتهامات "فتحاوية حمساوية" متبادلة وصمت مصري.. ماذا بعد؟

تفجير موكب الحمد الله وفرج.. اتهامات "فتحاوية حمساوية" متبادلة وصمت مصري.. ماذا بعد؟
ارشيفية
خاص دنيا الوطن - صلاح سكيك
لا تزال حادثة تفجير موكب رئيس الوزراء الفلسطيني الدكتور رامي الحمد الله، ومدير جهاز المخابرات العامة اللواء ماجد فرج، تطغى على كافة القضايا الأخرى، بما في ذلك ملف المصالحة الفلسطينية.

وواصل طرفا المصالحة الفلسطينية، اتهام بعضهما البعض عبر الإعلام، حتى دون إعلان أيّ منهما النتائج الرسمية للتحقيقات، فكل جهة تتولى التحقيق "منفردة" بعيدًا عن الجهة الأخرى، فيما تقف الدولة المصرية على الحياد، حيث لم تطلب من أي جهة تقديم ما لديها من معلومات أو تسجيلات، بخصوص التفجير، رغم أن الوفد الأمني المصري، لا يزال مُقيمًا في قطاع غزة، ولم يُغادره في أعقاب حادثة التفجير.

لكن قبل الحديث عن دور مصر في ذلك، سنتطرق إلى أبرز ما قاله مسؤولو حركتي فتح وحماس، وكذلك الشخصيات الأمنية في رام الله وغزة، خلال الأيام القليلة الماضية.

اتهم اللواء عدنان ضميري الناطق الرسمي باسم الأجهزة الأمنية الفلسطينية، خلال حديثه لـ"دنيا الوطن"، عضو المكتب السياسي لحركة حماس فتحي حماد، صراحة، بتدبير عملية تفجير موكب الحمد الله وفرج، معتبرًا أنه المسؤول الأول عن قطاع غزة، من الجانب الأمني، وليس توفيق أبو نعيم مدير قوى الأمن الداخلي.

وقال ضميري: إن قتل أنس أبو خوصة الذي تتهمه داخلية غزة، بقضية تفجير الموكب، كان مُدبرًا بهدف قتل الحقيقة معه، وأن السلطة الفلسطينية لا ينطلي عليها إجراءات حماس الأمنية في القطاع، لا سيما وأنها مُتهمة هي شخصيًا بالتفجير، على حد تعبيره.

إلى ذلك، دعا عضو المجلس الثوري لحركة فتح عبد الله عبد الله، خلال حديثه لـ"دنيا الوطن"، جمهورية مصر العربية، أن تتدخل في سير التحقيقات بملف تفجير موكب الحمد الله وفرج، متابعًا: السلطات المصرية، مُرحب بها في أي وقت، كما أن الوفد الأمني المصري يتواجد برام الله وغزة، وله الحق في المساندة، لكن كل ذلك يكون بقيادة وزارة الداخلية في رام الله، التي تترأس ملف القضية.

بدوره، عضو المكتب السياسي لحركة حماس، خليل الحية، قال: إنه من حق الشعب الفلسطيني الاطّلاع على نتائج تحقيقات جريمة استهداف موكب رئيس الوزراء، وأن حركته "ستُخرس" الألسنة التي وصفها بـ"الكاذبة" التي اتهمت حماس بتفجير الموكب.

أما أسامة القواسمي عضو المجلس الثوري لحركة فتح، أكد أن حركته "لا تثق بتحقيق حماس بالمطلق"، مُضيفًا: "لكن إن أرادوا تبيان الحقيقة للمواطن الفلسطيني والإعلام، عليهم أن يقولوا من الجهة بالدلائل والاثباتات الواضحة، ويقدموهم للعدالة والحكومة الفلسطينية، وما عدا عن ذلك يبقى هراء".

في غضون ذلك أوضح فوزي برهوم الناطق باسم حركة حماس، أن "الأيام المقبلة ستثبت تورط مسؤولين في السلطة الفلسطينية بتفجير موكب رئيس الوزراء"، مشيرًا إلى أن ما أسماه "إصرار مسؤولين في السلطة على تكثيف اتهامهم  لحركة حماس بتفجير موكب الحمد الله، ورفضهم انتظار إعلان نتائج التحقيق يعكس أزمتهم الحقيقية جراء انكشاف تفاصيل الجريمة، وتأكيد على تورطهم المباشر فيها، وهذا ما ستثبته الأيام القادمة"، بحسب ما نشره على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك).

فيما ذهب الناطق باسم حركة فتح عاطف أبو سيف، إلى أبعد من ذلك، من خلال تأكيده لـ"دنيا الوطن"، بأن القيادة الفلسطينية، ترى أنه لم يعد آمنا قدوم الوفود والمسؤولين إلي قطاع غزة؛ بعد محاولة الاغتيال، موضحًا في الوقت ذاته، أن الرئيس محمود عباس يصر على تحقيق المصالحة، وأنه سيواصل العمل من أجل ذلك، وهذا يتطلب من حركة حماس أن تنفذ مخرجات ملفات المصالحة كاملة.

سبق كل ذلك، ما كشفته "دنيا الوطن"، عن أن الرئيس عباس، كان سيُعلن عن أسماء المتورطين بعملية تفجير الموكب، خلال اجتماع القيادة الأخير، لكن الطلب الذي تقدم به الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، بألا يُقدم على تلك الخطوة، أدى في النهاية، لعدم إعلان الرئيس عن المتورطين، حتى لا تحدث أزمات كبيرة تنسف ملف المصالحة الفلسطينية.

ووفق وسائل إعلام محلية، فإن احدى شركات المحمول، تم الضغط عليها من قبل السلطة الفلسطينية برام الله، كي تمسح البيانات الهاتفية المتعلقة بمحاولة الاستهداف.

وفيما يخص دور مصر بقضية موكب الحمد الله وفرج، قال سمير غطاس النائب في مجلس النواب المصري: إنه كان ينبغي على المخابرات المصرية، أن تتولى بنفسها التحقيق في حادثة محاولة اغتيال رامي الحمد الله، وماجد فرج، عبر ترأسها للجنة مستقلة، لهذا الغرض، وتطلب من كلا الطرفين فتح وحماس، تقديم كل ما لديهم من معلومات عن الحادثة.

وأضاف غطاس لـ"دنيا الوطن": القاهرة بذلك ستخرج بتقارير واضحة حول هذه القضية، وسنجد استنتاجات راسخة أن التفجير له أبعاد سياسية، ليس لاغتيال الحمد الله أو فرج، بل لتفجير المصالحة الفلسطينية، وبالتالي يستطيع من خلال ذلك أن يُمرر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب صفقته المشبوهة، بناءً على فشل المصالحة. 

وأوضح، أن الوفد الأمني المصري، إن لم يتدخل في بداية حادثة التفجير، كان عليه مغادرة غزة باتجاه القاهرة، بعد أن أفشلت بعض الجهات الفلسطينية بغزة، دور الوفد في تطبيق المصالحة الفلسطينية، مشيرًا إلى أنه ينبغي على مصر أن تخلع دور الوسيط إلى دور "المُحكِم"، في تلك اللحظة.

ورأى غطاس، أن مهمة الوفد المصري، "انتهت" منذ التفجير، فعلى حد تعبيره، مهمة الوفد كانت واضحة، وهي تفكيك طلاسم ملفات المصالحة، وفي مقابل ذلك، لم يُفك برغيًا واحدًا، بل إن المصالحة ماتت "إكلينيكيًا" والوفد ظل في غزة، يلتقي بالفصائل وبحماس، دون أي جدوى، ما اضطهره بعد ذلك للذهاب إلى رام الله.

وأكد غطاس، أن الوفد الأمني الذي يمثل "جمهورية مصر العربية" أُهين في قطاع غزة، بتفجير موكب الحمد الله وفرج، "فبدلًا من أن يكون كشاهد الزور، أو يمارس تغطية على حركة حماس، كان عليه أن يعود إلى القاهرة، ويُعلن عن الجهة المُعطلة للمصالحة الفلسطينية، وتفجير موكب لا يُفجر فقط مصالحة، بل يُفجر دولًا عظيمة"، على حد وصفه.

وأوضح أن مصر تستطيع أن تضغط على حركة حماس، وتُجبرها على تطبيق المصالحة، أولًا لمصالح الحركة، وثانيًا باستناد القاهرة للتأييد الكاسح والمحبة، الذي تحظى بها مصر لدى الغزيين، مضيفًا: قيادة حماس أقامت في القاهرة مدة طويلة بزيارتها الأخيرة، ماذا ناقشت طوال تلك الفترة، ولماذا لم تُطلع المخابرات المصرية قيادة حركة فتح، على فحوى تلك النقاشات، ماذا يفعل وفد المخابرات بغزة؟، هذه الأسئلة تحتاج من السلطات المصرية إجابات واضحة وصريحة.

أما النائب في مجلس النواب المصري مصطفى بكري، اعتبر أن الموقف "المحايد" الذي تتبناه الدولة المصرية، في قضية التراشق الإعلامي الحالي ما بين فتح وحماس، وكذلك في قضية تحميل أحد الأطراف مسؤولية تفجير موكب رئيس الوزراء رامي الحمد الله، ومدير المخابرات العامة ماجد فرج، له ما يبرره، وهو انخراطها بالمصالحة، وحمايتها من الفشل.

وأضاف بكري لـ"دنيا الوطن": سياسة مصر واضحة وصريحة، وهي الاستمرار في ملف المصالحة الفلسطينية، وجلب كافة الأطراف إلى طاولة المصالحة، وليس التصعيد، فالقيادة المصرية على مدى المسؤولين المتعاقبين، لم يكن لها أساليب انقسامية، بل إن مصر تُجمع ولا تُفرق، لافتًا إلى أنه ليس للقاهرة أي دور في موضوع تحقيقات تفجير الموكب، بل الأمر فلسطيني بامتياز، والدولة المصرية تحترم كافة الأجهزة الأمنية التي تحقق وتُدير هذا الملف.

واختلف بكري مع نظيره غطاس، فيما يخص أن الوفد الأمني المصري يُغطي على حركة حماس، بعد حادثة تفجير موكب الحمد الله وفرج، مبينًا أن قيادة المخابرات المصرية، تصرفت بشكل "ذكي" عندما أصرت على إبقاء وفد الأمني بغزة، وهذا يُظهر مدى سعي القاهرة لحماية المشروع الوطني الفلسطيني، من المحاولات الأمريكية والإسرائيلية، بما في ذلك ما يسمى بـ"صفقة القرن"، التي يُعد لها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

 ونفى البرلماني المصري، ما نسبته إليه بعض وسائل الإعلام الفلسطينية والعربية، بأنه قال: إن مدير المخابرات الفلسطينية ماجد فرج، قد أرسل رسالة إلى القائم بأعمال مدير المخابرات المصرية اللواء عباس كامل، دعاه فيها بالضغط على حركة حماس، من أجل وقف نشر نتائج التحقيقات في قضية تفجير موكب الحمد الله، حيث قال بكري: "لم أصرح في هذا الموضوع إطلاقًا، بل اعتبره شأن فلسطيني داخلي، لا علاقة لي به، واستغرب ما نشر على لساني"، مُعربًا عن أمله بأن جهود الوفد المصري تؤتي ثمارها وينتهي انقسام الفلسطينيين.

التعليقات