"ذاكرة لا تصدأ" لوزارة الإعلام.. آذار يُشعل حنين الثمانيني العرجا للفالوجة

رام الله - دنيا الوطن
خصصت وزارة الإعلام فيمحافظة طوباس والأغوار الشمالية واللجنة الشعبية للخدمات في مخيم الفارعة، الحلقة(63) من سلسلة (ذاكرة لا تصدأ)، لسنوية يوم الأرض الخالد، التي تدنو من ذكراهاالثانية والأربعين.

واستهل الثمانيني محمد صالحالعرجا، بسرد أسماء أراضي الفالوجة قضاء غزة، التي لا زالت تسكنه: في جنوب بلدتناكانت أراضي الجلس، وهي موقع قديم فيه كهوف من زمن الكنعانيين، ماليطة المليئةبالآثار، وأبو الغربان المشهورة بزراعة الحنطة، وأبو القوص المنسوبة إلى اسم نباتشوكي، والطبّال التي اشتهرت بزراعة الذرة البيضاء.

أرض وذكريات

وانتقل العرجا المولود في تشرين الأول 1934، إلى القسمالشرقي من الفالوجة، المحاط بمناطق: الخصاص، والشومرة، والحدبة، والعزايمة، وكلها اشتهرتبناباتها وقمحها، فيما امتدت في الجانب الغربي للبلدة أرضي كركية، وبركة الشلف، وأبوالقطن، والغرامية. وكانت تزرع بالترمس والحبوب والعدس والسمسم والذرة والبطيخالمحيسني(أبيض اللون) والشمام، وبعضها يترك لرعي الأغنام.

وسرد: كان ودادي الفالوجة يبدأ من جبال الخليل، ويقسم البلدة إلى جزء شرقيوغربي، ونتذكر الوادي الذي يقسم بلدنا إلىشمال وغرب بامتداد نهر (السقرير) القادم من الخليل، فيفصلنا عن بعض، ويغمرالجسرين. 

امتلكت عائلة الراوي 8 دونمات غي أرض اسمها (حتى)، و16 دونماًفي منطقة الخصائص، وكانت تزرع بااقمح والذرة البيضاء بالتناوب.

ومنالقصص التي لا ينساها عرجا، طلب أستاذه الشيخ عبد الحميد عقيلان، اليومي من التلاميذإحضار الحطب للتدفئة بالتناوب، وفي أحد الأيام عاقب أحدنا من عائلة الشغنوبي، حينلم يأت بالحطب صباحا، فأمره أن يخرج لجلبه، ولما ذهب قرب الوادي لاقتلاع جذورالينبوت وهي نبتة شوكية، غرق  ومات وسحبهالنهر إلى أسدود.

وأضاف: أتذكر وداي أبو القوص،ولا أنسى تضاريس بلدتنا السهلية، وأقرب جبال لها التابعة لقريتي بيت جبرينوالدوايمة. وأتذكر جيدًا أرضا كانت مزروعة باللوز اسمها (البنك العربي)، وقداشتراها أهالي البلدة.

جيشو"عفير"

وقدم عرجا وصفًا دقيقًا لبلدته، وحقولها، ولحظات نكبتها،وحصارها، وذكرياتها مع الجيش المصري.  وقال: كنا نراقب الرياح لتستعد للمطر، ونحصنبيوتنا نمن الدلف، فيخرج الأهالي في عونة اجتماعية لإصلاح الشقوق والصدوع.  وكان الفلاحون يعرفون العفير( بذر الحنطة)،ويزرعون أرضهم بعد أول مطر، واشتهرنا بزراعة الترمس.

وبحسب الرواي، فقد كان إنتاج الفالوجة وفيرَا، وكان يعرف طريقهإلى القرى المجاورة، عبر سوق الخميس الذي كانت تشتهر به. فيما جادت أراضيها باللوفوالسنية والبابونج والحمصيص( نبته صغيرة ذات مذاق حامض)، والجلجاس( تشبه النخلةولكن صغيرة، ولها ثمرة صغيرة مثل البطاطا)، والجعدة والحميض، والسلك، والسميعة،والسنارية وغيرها.

وأضاف: لا أنسى أرضي (زريق) التي كانت تنبت فيها أزهار الترمسالبري الجميلة، وغرسنا في محيط البلدة الجميز.

كان عدد سكان الفالوجة خمسة آلاف، وأسست فيها بلدية، ومدارسثانوية وابتدائية للبنات، وأربع كتاتيب، ومركز صحي، ومحكمة، ومسلخ للحوم. وكانتمتطورة، وتعيش على الزراعة، ثم تحولت إلى التجارة.

ومضى: كنت أشاهد الناس والتجار في سوق البرين، وكنا نلعببالفخاخ، واصطاد العصافير من الحقول. ولا زال أتذكر يوم اجتمع الأهالي، وقرروا قبلالنكبة إرسال الشيخ محمد عواد، رئيس البلدية إلى مصر لشراء السلاح، بعد أن جمعواالمال، وقرروا تدريب 360 من الشبان على استخدامه.

فداء مصري

وزاد: في إحدى أيام نيسان، كنا نلعب في المزارع، عندما أوقفتناسيارة عسكرية للجيش المصري، فسألني الضابط( يا جدع وين المستعمرة)، فأشارت له إلىمكانها، وصعد إلى خزان المياه في البلدة، لينظر بالدربيل، ثم ينزل بعد أيام قليلةبدأ الجيش يدخل البلدة، وطلب من الناس أن يفحتوا ( يحفروا) خندقاً حولها، وظلوايقومون بهذا العمل لشهر، حتى انهوا"

اختلط العرجا بالجنود المصريين، وكان يبيت بينهم في منزلأسرته، وتعرف على الأسلحة، وشاهد مدفع(أبو الستة رطل)، وراح يجر صناديق الرصاصمعهم، وتعرف إلى الضابط القبطي وحيد، وشحاتة من المنصور، وسعيد القادم منالسويس."

وأنهى:" عشنا تحت الحصار والقصف ستة أشهر، وكانت البلدكلها ساحة معركة، وصد الجيش المصري العصابات الصهيونية مرات كثيرة، وشاهدت بعينيالشهداء والجرحى والطائرات، وكان يظن الجنود المصريون أن الطائرات الإسرائيليةالتي تقصفهم هي مصرية."

مئة حياة

بدوره، أشار منسقوزارة الإعلام في طوباس والأغوار الشمالية، عبد الباسط خلف، إلى أن "ذاكرة لاتصدأ" تنقلت بين مدن وقرى شمال فلسطين وجنوبها ووسطها، وتنوعت بين السردالمكتوب والومضات المرئية القصيرة، ووثقت أكثر من 100 شهادة لرجال ونساء تجرعوا علقمالنكبة.

وأضاف خلف، إنالسلسلة فقدت منذ انطلاقتها  10 من حرّاس الذاكرة  منهم خليل أحمد أبو زهرة، الذي أوصى أولادهبدفنه في صبارين  المجاورة لحيفا بأية طريقة، حتى ولو هربوا عظامه إليها.