رسائل متعددة في آن

رسائل متعددة في آن
نبض الحياة 

رسائل متعددة في آن

عمر حلمي الغول 

الكلمة التي ألقاها الرئيس ابو مازن في إجتماع القيادة الموسع مساء الأثنين الماضي، تضمنت توجيه العديد من الرسائل السياسية لقوى مختلفة: فلسطينية وعربية وإقليمية ودولية. حتى بدا لبعض المراقبين وكأن الرئيس عباس وضع ظهره للجدار، ولسان حاله ما قاله الشاعر الكبير محمود درويش "يا وحدنا" أو "حاصر حصارك، لا مفر"، فقلب المعادلة والطاولة في آن، وإستخدم سياسة الصدمة، وهو يلقي بقفازاته في وجوههم جميعا دون مجاملة أو مداراة لإحد. ومن الرسائل الرئيسية، التي اعلنها رئيس دولة فلسطين: 

اولا تحميل حركة حماس المسؤولية الكاملة عن جريمة التفجير الجبانة ضد موكب رئيس الوزراء، الدكتور رامي الحمدلله واللواء ماجد فرج، رئيس جهاز المخابرات العامة، ولم ينتظر الآعيبهم وتحقيقاتهم غير الجدية. لإن لديه ما يكفي من المعلومات عن الجريمة البشعة، مما سمح لنفسه بتوجيه الإتهام المباشر لحركة الإنقلاب. وهذة الرسالة تمخض عنها عدد من الرسائل منها 1- فرض العقوبات القانونية والمالية والإدارية على حركة حماس، وحماية المشروع الوطني في ذات الوقت، دون تحميل الشعب ومن لم يشارك بالجريمة تبعات ذلك؛ 2- مطالبتهم إما تسليم المحافظات الجنوبية كاملة للحكومة الشرعية بقيادة الحمدلله أو أن يتحملوا المسؤولية كاملة، دون أن يعني ذلك التخلي عن خيار المصالحة والوحدة الوطنية، وهذا يترتب عليه إتخاذ إجراءات وطنية لمعالجة الجانبين، ولم يغلق الباب كليا أمام حركة الإنقلاب، وأبقى الباب مواربا لها للعودة لجادة الصواب إن شاءت التوطن في المشروع الوطني؛ 3- تشخيص الواقع القائم في القطاع بالإنقلاب على الشرعية، وقطع الطريق ولو متأخرا على كل التقولات والصيغ غير الدقيقة، التي حاول اصحابها مجاراة حركة الإنقلاب؛ 4- وقوف أميركا وإسرائيل وبعض العرب خلف الإنقلاب على الشرعية اواسط العام 2007، وإعتبار الإنقلاب الحمساوي رأس الحربة في مشروع "الربيع الأميركي" الهادف لتمزيق دول وشعوب الأمة العربية؛ 5- رفض الصيغة الوسطية المستخدمة من قبل العديد من القوى السياسية الفلسطينية، التي تلجأ لإسلوب التعمية للذات والشعب بتحميلها "الطرفين" مسؤولية الإنقلاب والإنقسام، والتأكيد على ان هناك طرف واحد، قام بالإنقلاب، ومازال يفرض سيطرته على قطاع غزة، هو حركة حماس؛ 6- التأكيد على أن عملية التفجير الجبانة لن تمر دون عقاب؛ 

ثانيا تجديد رفض الدور والرعاية الأميركية لعملية السلام بعد مباركتها الإستيطان الإستعماري، وقرار الإعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ومن ثم نقل السفارة الأميركية للقدس في ذكرى النكبة السبعين للشعب العربي الفلسطيني، والعمل على إلغاء وإسقاط قضية اللاجئين الفلسطينيين، والتآمر على وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين؛ وفي هذا الإطار أكد الرئيس عباس للأميركان الأتي: 1- رفض صفقة القرن الأميركية، لإن ملامحها إتضحت من خلال سلسلة الإجراءات، التي اعلنها قادة إدارة الرئيس ترامب؛ 2- رفض التدخل الأميركي في الشؤون الفلسطينية، وما يسمى بالمساعدات الإنسانية؛ 3- التأكيد لإدارة ترامب أن صاحب السيادة على الأرض الفلسطينية، هي القيادة الشرعية، وليس أحد غيرها؛ 4- تحميلها المسؤولية عما آلت إليه الأمور في الساحة الفلسطينية، وبالمقابل إنفلات عقال الإستعمار الإستيطاني الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية؛ 5- رفض مواقف وتصريحات ممثلي الإدارة الأميركية وخاصة السفير المستوطن، ديفيد فريدمان، التي تدافع عن الإستعمار الإستيطاني. 

ثالثا الرسائل العربية وهي متشعبة وعديدة وضمنية، وإن كان الموجهة لهم الرسائل قرأوا ما بين الكلمات والسطور، وبقدر ما شكر العرب بقدر ما اشار لهم بالكف عن السياسات الخاطئة والمسيئة لوحدة الشعب الفلسطيني؛ وطالبهم بتحميل الطرف المسؤول عن الإنقلاب المسؤولية دون مواربة، والرافض للتطبيق الجدي لما تم الإتفاق عليه في القاهرة في إكتوبر 2017؛ وأكد على إستقلالية القرار الوطني؛ ورفض إشتراكهم او تناغمهم مع سياسات الولايات المتحدة الإقليمية، التي تستهدف فيما تستهدف الحقوق والمصالح الوطنية الفلسطينية، وتمرير صفقة القرن عبر الرهان على الحصان الخاسر حركة حماس؛ ورفض الضغوط، التي مورست عليه من قبلهم للذهاب لإميركا لمنحها التوقيع الفلسطيني والقبول بجريمة العصر؛ 

رابعا رسالة للإقطاب الدولية الأخرى: الإتحاد الأوروبي والإتحاد الروسي والصين والهند واليابان وغيرهم، بأن رفض الصفقة والرعاية الأميركية، تؤكد الإصرار الفلسطيني الواضح والصريح على ما تقدم، وأن الرفض ليس مناورة تكتيكية، انما موقف ثابت،ولا تراجع عنه وفي نفس الوقت التمسك بالرعاية الدولية. وأن صانع القرار الفلسطيني يدعوهم ويرحب بمساهمتهم السياسية والقانونية والأخلاقية  للقيام بالدور المنوط بهم تجاه حل مسألة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وضمان إستقلال دولة فلسطين على حدود الرابع من حزيران عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، وتأمين حق العودة للاجئين الفلسطينيين على اساس القرار الدولي 194. 

بالضرورة ما تضمنه خطاب الرئيس عباس، له ما بعده، ومطلوب تشكيل لجنة خاصة لترجمة الرسائل على الأرض دون تحميل ابناء الشعب الفلسطيني في أي مكان أو تجمع، كما قال رئيس منظمة التحرير وزر جرائم وإنتهاكات حركة الإنقلاب الحمساوية. 

[email protected]

[email protected]    

التعليقات