النقد غير الموضوعي

النقد غير الموضوعي
نبض الحياة 

النقد غير الموضوعي

عمر حلمي الغول 

في تعقيب بعض الأصدقاء على مقالتي "توقيت ورسائل التفجير الجبان" يوم الثلاثاء الماضي جانب هؤلاء الصواب والموضوعية في محاكاة إستخلاصاتي وأبرزها تحميل حركة حماس المسؤولية المباشرة عن عملية التفجير، فكتب الرفيق تيسير الزبري معلقا: "أن عميرة هس (الصحفية الإسرائيلية) أكثر موضوعية منك، وأن من تدافع عنهم لا يريدون المصالحة." وكتب صديق من أصدقاء الفيسبوك، إسمه فوزي قائلا ما جاء في مقال الكاتب راسم عبيد، أكثر دقة. ولا اود إيراد بعض التعليقات الإيجابية. لإني سأقصر النقاش للرد عليهما.

بداية من حق كل إنسان أن يدون ما يراه مناسبا من وجهة نظره، بغض النظر إن إتفق أو إختلف معي، فهذا منطقي جدا، وهو ابسط حقوق حرية الرأي والتعبير. وأعتقد أن التعليقات المشار إليها أعلاه، إستدعتني للرد عليها، لإن أصحابها لم يجانبوا الصواب فقط، إنما خانتهم القدرة على قراءة دور ومسؤولية فرع جماعة الإخوان المسلمين (حركة حماس) المسيطرة على قطاع غزة، وعلاقتها بما يدور في الإقليم والأروقة الأميركية والإسرائيلية ومن لف لفهم من عرب وعجم. أضف إلى محاولة سلخي كليا عن قناعاتي الوطنية وخلفيتي المهنية الموضوعية في قراءة الحدث الجريمة، وحصر موقفي في الدفاع عن القيادة الشرعية، وإعتبار ذلك "نقيصة"، بالإضافة للغمز من قناتها، وكأن لسان حال بعضهم يريد القول "ان القيادة الشرعية، التي ترفض المصالحة، هي صاحبة المصلحة في التفجير؟!" وفي هذا قصور فاضح في قراءة الجريمة وخلفياتها، لإن لسان حالهما "إعفاء حركة حماس من المسؤولية، حتى المعنوية واللوجستية العامة"؟

بالعودة لكل من الصحفية عميرة هس الإسرائيلية وراسم عبيدات فلست بحاجة لمناقشة وجهتي نظرهما، لاني لا أتفق معهما في التشخيص والإستنتاج بشأن العملية. ولكن سأتوقف عند ما ذكره المعقبين، لأذكرهما بالآتي: أولا حركة حماس، هي المسيطرة سيطرة تامة على محافظات الجنوب منذ الإنقلاب في حزيران/يونيو 2007؛ ثانيا رفضت حركة حماس تمكين حكومة الوفاق الوطني من السيطرة على الأرض في قطاع غزة؛ ثالثا طلب رئيس الوزراء، رامي الحمدلله لقاء عدد من قيادات حركة حماس قبل يوم من توجهه للقطاع، غير انهم رفضوا ذلك بشكل مطلق؛ رابعا سأل رئيس الوزراء كوزير للداخلية الجهات المعنية في غزة عن الحماية الأمنية، قالوا له، انها مضاعفة ثلاثة مرات؛ خامسا تعطي أجهزة حركة حماس أولوية أمنية عالية للمناطق المحاذية للحدود في الشمال والجنوب والشرق والبحر، ومع ذلك تم حفر حفر على عمق ثلاثة أمتار على جانبي الطريق الرئيسي صلاح الدين، وبعد التفجير أطلق منفذو الجريمة الرصاص الحي على الموكب؛ سادسا أعلن الناطقون بإسم حركة حماس، ان ما حصل، هو مجرد إنفجار إطارات، ولا يوجد شيء يدعو للمغالاة، ثم قامت بمصادرة كاميرا مراسل فضائية فلسطين وإعتقاله مباشرة؛ سابعا كان سيناريو المجرمون حسب تقدير اللواء فرج المستهدف مع رئيس الوزراء عودة الموكب لإيرز، وعندئذ حدوث هرج ومرج وتداخل بين منفذي الجريمة وبين سيارات المرافقة من حرس الرئاسة، وقد يتم إطلاق الرصاص بين قوة الحماية المفروزة من حماس وبين حرس الرئاسة، وعندئذ تضيع الطاسة؛ ثامنا كان أعلن المدعو إسماعيل الأشقر، عضو المجلس التشريعي عشية وصول الوفد القيادي للقطاع، على الجماهير "ضرب رئيس الوزراء والوزراء بالأحذية والنعال" وليس إستقبالهم؛ تاسعا السمة العامة لمواقف قيادة حماس كجزء من الإخوان المسلمين ضد المصالحة الوطنية، وحتى إذا أردت إستخدام لغة مرنة نسبيا، فعلى الأقل ٍاقول أن من يقف وراء الجريمة، هو التيار المتشدد من حركة حماس. وأما تذرع الحركة بمحاولة إغتيال توفيق أبو نعيم ومازن فقها، فالرد عليها سهل جدا، لإن أدوات التنفيذ من داخل حركة حماس، وهم أدوات مأجورة وعميلة، وبالتالي كلا العمليتين وغيرها من العمليات لا تبرىء ساحة حركة حماس من المسؤولية المباشرة. 

ما تقدم لا يلغ وجود قوى أخرى أصحاب مصلحة في تخريب المصالحة الوطنية بدءا من إسرائيل مرورا بالقوى التكفيرية وغيرهم من القوى الفاقدة للأهلية الوطنية. لكن كل هذة القوى لا تعفي حركة الإنقلاب الحمساوية من مسؤولياتها المباشرة عن عملية التفجير. وما جرى صباح الخميس من تصعيد مفتعل على حدود غزة الشمالية الشرقية إلآ للتغطية على الجريمة، والعمل على إغلاق الملف أو الحد من سيطرته على نشرات الأخبار والتحليلات السياسية، ويقف وراءها دون سواها في هذة اللحظة حركة حماس. دققوا رعاكم الله في العناصر والعوامل الماثلة امامكم بالعين المجردة، ولم اشأ إعادة الربط والتناغم بين أميركا وإسرائيل من جهة وبين حركة حماس من جهة ثانية، وبالتالي اترك الباقي لكم لتدققوا به.

[email protected]

[email protected]     

التعليقات