الأمن العربي رزمة واحدة

الأمن العربي رزمة واحدة
صالح عوض

دروس التاريخ القريب كما هي دروس الماضي البعيد تفيدنا ان مصير هذه الامة واحد وانه ان اصاب بعضها ضرر فالسموم تسري في دمائها جميعا لتحملها على الالم والحمى..

لذلك كان واضحا لنا ان هزيمة الاسطول العثماني ومعه الجزائري والمصري امام الاساطيل الغربية في نفرين انتهى بالهجوم الغربي على الجزائر منتهيا باحتلالها لتسقط بعد ذلك قلاعنا في افريقيا واحدة تلو الاخرى..

وعندما نهضت الجزائر بكل قوتها ووجدانها وروحها وطردت الاستعمار والقت به حيث مطامير التاريخ هبت الامة في كل مكان تفتك حريتها وسيادتها من انياب الاستعماريين.. وتندلع حركات التحرر في كل مكان في امتنا شرقا وغربا.

من هنا يصبح واضحا ان اي مساس بامن بلداننا مشرقا او مغربا انما هو يضرب في الجوهر من منعتنا وقتنا امام المستعمر المتربص بنا.. وان احداث اي خلل في منظوماتنا الامنية يعني بوضوح تعريض مجتمعاتنا الى التفكك والانهيار الامر الذي يحقق للغربيين فرصتهم التاريخية لنهب ثرواتنا وايجاد الحلول المطلوبة لازماته الاقتصادية والتكنلوجية.

لعله اصبح واضحا بعد هذه الاشارات لدروس التاريخ ان الحرص على امن بلداننا هو الامتحان الحقيقي امام اصحاب المشاريع ودعاة النهضة في بلداننا فلا يمكن ان نقبل دعوى من يقول بالتنمية والنهضة والشراكة والانفتاح فيما هو يمارس الاعتداء على بلدان عربية بالغزو والدفع بالمقاتلين المرتزقة من اصقاع الدنيا لكي يحقق مزيدا من هيمنته ونفوذه الاقليمي.

ولعل البعض أغراه ما تمر به بلداننا العربية من هزات وانكسارات ومؤامرات خطيرة فاندفع يمد رجليه في حمانا وطمع في ان يكون مجده على انقاضنا حسب ما تصور له مخيلته المريضة.. ونتعرض في هذه اللعبة الى محاولات تمرير الخديعة بمقولات لها علاقة بالمشترك الثقافي والديني بيننا.. واسوا ما يرفع لهذه العملية الخطيرة شعارات لها علاقة بالدين والمذهب والطائفة فتخرب بلداننا وتمزق شعوبنا على شعارات طائفية يستفيد منها اللاعبون الاقليميون كما يستفيد في المحصلة اللاعب المركزي الامريكي..

وفيما يمارس اللاعب الاقليمي خديعته بانه ناصر لنا في قضية هنا او هناك يعمد الى تفجير اوضاعنا في هذا البلد او ذاك فيصبح حاله معنا كمن يدس السم في الدسم.. تصبح اليقظة هنا ضرورية وتعرية هذا اللاعب مهمة استراتيجية لكي لا نخدع مرتين ونقتل مرتين ونضيع فرصا عزيزة في امكانية تصدينا للمؤامرة.

لابد ان نعترف ان نخبنا الثقافية هشة وضحلة وغوغائية في معظم مواقفها ولا تعالج الامور المستجدة بثقافة ووعي مستجدين بل تخضع لترسبات الماضي وقوانينه وهنا نصبح في غيبوبة عما يمارس ضدنا ونذهب الى مذابحنا بلا احساس.

فلسطين بوصلة للجميع هذا صحيح ولكن ايضا استقرار مجتمعاتنا العربية خط احمر امام كل جيراننا الاقلميين وغير مسموح ابدا بتناول امننا الاجتماعي باذى او تفجير هذا ما ينبغي توضيحه من خلال خطاب سياسي وثقافي مسئول.

بلا شك ستظل دعوتنا قائمة لتعزيز روابط دولنا العربية والاسلامية اقتصاديا وثقافيا وسياسيا لعلنا نستطيع ايقاف الانهيار ورتق الخرق في جبهاتنا لكن وفي الوقت نفسه نريد ان يكون واضحا ان من يؤمن بهذه الدعوة عليه ان يجتهد للاصلاح داخل بلداننا لا ان يسارع لتفجيرها وان تبرز اجندته الخاصة الانانية في بلداننا.. لان الشك سيساور الكثيرين فيما هم يرون الكيل بمكيالين ويصبح المثل القديم مكررا "اكلت يوم اكل الثور الابيض"..

ان كل يد ممدودة للتعاون مرحب بها وهي خطوة ضرورية بلاشك ولكن كما اننا نرحب باليد الممدودة بالورد هنا فاننا نرفض اليد الممدوة هناك بخنجر.. فالامن العربي والمصير العربي كتلة واحدة وهو مركز الامن الاسلامي والمصير الاسلامي ولعل التجربة اثبتت للجميع ان ليس لنا سوانا وان اي ارتماء في اليات المخططات الغربية سينتهي بنا الى ما انتهى اليه اهل الاندلس.. تولانا الله برحمته

التعليقات