لغز هيلي الساذج

لغز هيلي الساذج
نبض الحياة 

لغز هيلي الساذج

عمر حلمي الغول 

سأل ديفيد أكسلرود، مستشار الرئيس السابق باراك أوباما، نيكي هيلي، مندوبة اميركا في الأمم المتحدة، عما إذا كان يمكنها دعم حل الدولة الواحدة أثناء إستضافتها في معهد الأبحاث التابع له في شيكاغو، فردت عليه قائلة:" إنها تجد صعوبة في رؤية سيناريو كهذا"، وتابعت "يصعب عليّ رؤيتهم يرغبون بحل كهذا." وأضافت "أعتقد انهما يدفعان بإتجاه حل الدولتين، ونحن سندعم ما يقررانه في هذة المسألة."وأشارت إلى أن إدارة الرئيس دونالد ترامب، تشرف على الإنتهاء من إعداد خطة السلام الأميركية لحل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني."  وألقت بلغز ساذج أثناء ردها على أسئلة أكسلرود، جاء على الشاكلة التالية، وفق تقييمها فإن "الطرفين لن يحبا، ولن يكرها الإقتراح النهائي" (صفقة القرن). رغم انها لم تكشف عن تفاصيل خطة رئيسها، لكنها قالت "إن جارد كوشنير، صهر الرئيس ترامب ومستشاره لعملية السلام، جيسون غرينبلات، يتابعان العمل عليها، وأنهما يواصلان التحدث مع قادة المنطقة لمناقشة عدة أفكار." وعمليا باتا في الرتوش الأخيرة لإعدادها.

لكن قبل مناقشة لغز هيلي، يُّطرح السؤال الآتي، مع منْ مِن قيادات المنطقة يناقش كوشنير وغرينبلات الأفكار المتعلقة ب"صفقة القرن" في ظل رفض الفلسطينيون مسألتين هامتين، الأولى رفض الرعاية الأميركية المنفردة لعملية السلام؛ والثانية رفض القيادة الفلسطينية الحوار مع ممثلي الإدارة الأميركية بشأن الصفقة، بعدما إعترف الرئيس الأميركي بالقدس عاصمة لإسرائيل في نهاية الإسبوع الأول من ديسمبر 2017؟ وما قيمة النقاش مع الزعماء الآخرين قضايا تتعلق بمصير فلسطين والشعب الفلسطيني؟ أم ان النقاش مقتصر على الإسرائيليين لوحدهم، على إعتبار انهم  "الطرف المقرر" فيما يجوز وما لا يجوز بركائز صفقة "الإستسلام"، التي تعدها الإدارة القائمة للفلسطينيين؟ 

تخطىء نيكي هيلي وأركان إدارتها في قراءة الواقع، لإنها تتجاوز طرفا اصيلا ومقررا في مصير السلام والمنطقة عموما. وهذا ليس تطيرا ولا تطرفا، إنما هو قراءة عاقلة وهادئة للواقع. وتغير المعادلات السياسية في المنطقة لم يسقط دور الفلسطينيين كلاعب اساسي في صناعة السلام وضمان التعايش، أو العكس إن لم يحصلوا على حقوقهم السياسية وفق المقر في برنامج الإجماع الوطني. 

أما اللغز الساذج، الذي أثارته مندوبة أميركا أمام معهد الأبحاث التابع لأكسلرود، فيكمن في قولها أن "الطرفين لن يحبا، ولن يكرها الإقتراح النهائي." وهي تعلم أن صفقة رئيسها فصلت على المقاس الإسرائيلي، والدليل أنه تبرع بالإعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، مع انها أحد اهم ملفات الحل النهائي. وإدعى انه أزاحها عن طاولة المفاوضات؟! وإذا كان قد تجرأ على ملف مركزي من الملفات النهائية، وإذا كان كل من كوشنير وغرينبلات يجريا حوارات حول عدة أفكار ذات صلة بالصفقة، ولا يعلم الفلسطينيون بمحتوى ما يجري، ولا يريدون أن يعلموا، لإنهم أمسوا يرفضون الرعاية الأميركية الفردية لعملية السلام، فعلى أي أساس سترضى او لا ترضي الفلسطينيين؟ 

محاولات الإدارة الأميركية فرض منطقها المتغطرس والأرعن على الشعب العربي الفلسطيني فيها جهل بواقع الصراع، وعدم إدراك بإمكانيات الشعب الفلسطيني الصغير الكبيرة في معادلات الصراع في الأقليم العربي من مشرقه إلى مغربه، والنتيجة لما يمكن ان تطرحه الإدارة، أولا لا يعني الفلسطينيون، ثانيا هو محصور بالجانب الإسرائيلي، الذي تجري الحوار معه في أدق التفاصيل بشأن الصفقة الترامبية، ثالثا أية نقاشات مع الزعماء العرب لا يعني القيادة الفلسطينية، وهي في حل من أية إلتزامات يقطعها أولئك القادة على أنفسهم أمام الإدارة الأميركية، رابعا إذا شاءت إدارة ترامب التعامل الواقعي مع المسألة الفلسطينية، وترغب في أن تكون مساهما رئيسيا مع الأقطاب الدولية الأخرى في رعاية عملية السلام، عليها أن تتبنى مبادرة الرئيس محمود عباس، التي طرحها قبل أيام أمام أعلى منبر أممي، أي مجلس الأمن. غير ذلك تكون أميركا تدور في حلقة مفرغة، وتعمل على تصفية التسوية السياسية وفق مرجعيات عملية السلام وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة. وهذا ليس في مصلحة أميركا، ولا في مصلحة الأمن والإستقرار في المنطقة والعالم. وستنزل السماء إذا شاء الفلسطينيون إنزالها ووفق معاييرهم. 

[email protected]

[email protected]      

التعليقات