نتنياهو يترنح

نتنياهو يترنح
 نتنياهو يترنح.
حسن لافي

تطورات دراماتيكية في قضية "4000" الخاصة بالعلاقة ما بين "شاؤول أولفيش" مالك موقع "واللا" العبري وشركة الاتصالات "بيزك" وبين نتنياهو, حيث وقع المستشار الاعلامي لنتنياهو وكاتم أسراره " موشيه بلفور" المتهم الأول في القضية  على اتفاق شاهد دولة "شاهد ملك" مقابل ادلاء شهادته, وتقديم معلومات ضد نتنياهو.

هذه التطورات تثير عاصفة هوجاء في الحلبة السياسية الصهيونية, حيث لأول مرة  يبدي الأحزاب المشاركة في الائتلاف الحكومي مخاوفها من قرار نتنياهو بالذهاب لانتخابات مبكرة خلال هذا العام, رغم عدم رغبة تلك الأحزاب للانتخابات.

ولم يفوت "آفي جباي" رئيس حزب العمل الصهيوني المعارض لنتنياهو, فسارع إلى كتابة رسالة لأعضاء حزبه, يدعوهم للاستعداد للانتخابات المبكرة, حيث اعتبر أن نتنياهو لن يستطيع الاستمرار بإدارة الحكومة, وأن شركائه في الائتلاف سرعان ما يدركوا أن البرج الورقي للفساد الذي بناه نتنياهو بدأ يتساقط عليه وعلى من حوله.

نتنياهو بدوره لم يتأخر في الرد على هذه التطورات, وبعد تشاور مع محاميه الشخصي, صرح أن هذه مهزلة وجزء من رحلة ملاحقاته, وأنهم يصنعون له قضية كل ساعتين, وبعد ذلك يطلقون شلالاً كبيراً من التسريبات الكاذبة.

قضية 4000 تختلف عن سابقتيها, قضية 2000 الخاصة بصفقة الفساد ما بين "نوني موزس" مالك صحيفة "يديعوت أحرنوت" وبين نتنياهو, وقضية 1000المتعلقة بالهدايا التي قدمها الملياردير اليهودي "أرنون ميلشن" لنتنياهو وعائلته بشكل دائم, التي قدمت الشرطة الصهيونية توصياتها بتقديم لائحة اتهام في كلتا القضيتين ضد نتنياهو بعد مسار طويل من الشد والجذب السياسي والاعلامي في الساحة السياسية الصهيونية, لذا قضية 4000 تأتي في ظل وجود مسار قانوني حقيقي ضد نتنياهو وليس في أجواء اشاعات باتهامات تتسرب إلى وسائل الإعلام فقط, وهذا يترك تأثير سلبي عند المواطن الصهيوني أكبر بكثير عن تلك الأجواء التي واكبت القضيتين السابقتين.

بذل نتنياهو مجهوداً خرافياً, هو وجوقة المطبلين له في حزب الليكود كي يخفف من أضرار توصيات الشرطة بتقديم لائحة الاتهام ضده, و أوضحت ذلك استطلاعات الرأي التي مازالت تعطي الأسبقية لحزب الليكود, ولكن فتح قضية فساد جديدة بهذا الزخم بعد عدة أيام استنزاف مستمر لقدرة نتنياهو وفريقه في حزب الليكود على الصمود, وخاصة أن الدائرة الأولى حول نتنياهو تتآكل تدريجياً من خلال تورطها بقضايا الفساد, بدءاً من مستشاره السابق" هاري آرو" المتورط بقضية 2000, ومن ثم "دفيد شمرون" محاميه الشخصي و قريب العائلة, ومن ثم "دفيد بيتان" قائد جوقة المطبلين له في الليكود, ورئيس كتلة الائتلاف الحكومي المستقيل تحت ضغط ملاحقته بقضايا فساد, والآن كاتم أسرار ومستشاره الاعلامي "بلفور", ناهيك هن ملاحقات زوجته "سارة" في قضايا بيت رئيس الوزراء, والسحابة التي خيمت على صديق عمره ومستشاره الشخصي الأول "اتسحاق مولخو", إذا كانت الدائرة الأولى لنتنياهو بهذا القدر من الفساد, فتلك مؤشرات سلبية على فساد شخص نتنياهو, أو على الأقل على عدم قدرته على اختيار و إدارة من حوله, وفي كلا الاحتمالين دليل قاطع على عدم أهلية نتنياهو على قيادة الحكومة الصهيونية.

خصوصية قضية 4000 أنها ذات صلة بمحاولة تقديم رشوة للقاضية" هيلا جرتسل", بحيث يتم  تعيينها مستشاراً قانونيا ًللحكومة, مقابل اقفالها لقضية بيت رئيس الوزراء المتورطة بها سارة نتنياهو, وهذا أمر لا يمكن لأي مواطن أن يغفره لرئيس وزراء يحاول أن يدمر أهم  حصون العدل في الدولة.

 هذه الخصوصية لقضية 4000, مع تأثيرات القضايا السابقة تزيد من فرص سقوط نتنياهو, ولكن حتى الآن يملك نتنياهو ثلاث أوراق تساعده على الصمود:

الورقة الأولى, عدم وجود مصلحة لدى شركائه في الائتلاف على اسقاط الحكومة , والذهاب لانتخابات مبكرة, بل لديهم كل المصلحة أن يبقى نتنياهو الضعيف الغير قادر على الوقوف أمام تحقيق أجنداتهم السياسية والاقتصادية والأهم الاستيطانية.

الورقة الثانية, لا يوجد حتى الآن في الساحة السياسية في "اسرائيل" بديلاً قوياً ينافس نتنياهو على زعامة الحكومة, فكل المنافسين له لا يثق  المواطن الصهيوني بقدرتهم على ملء مكان نتنياهو في كرسي الحكومة ,وخاصة في ظل التهديدات الأمنية الحقيقية على دولتهم.

الورقة الثالثة, هي الوقت الذي يستغرقه المسار القانوني حتى يأخذ المستشار القانوني قراره بتقديم لائحة اتهام ضد نتنياهو, حيث على أقل تقدير ستكون تقديم اللائحة في بداية 2019, وحتى إن تم ذلك فالقانون الاسرائيلي لا يجبر نتنياهو على الاستقالة, بل الاستقالة ستكون بلا معنى تقريباً لأن موعد الانتخابات العامة للكنيست هو أواخر عام 2019.

فما بين التحديات التي تواجه نتنياهو, وما بين الأوراق التي يملكها, مساحة من المناورة بيد نتنياهو, ولكنها من الممكن أن تختفي إذا أحدثت شهادة "بالفور" ضده تغيراً دراماتيكياً في المشهد.

التعليقات