العملية وأزمة نتنياهو

العملية وأزمة نتنياهو
نبض الحياة 

العملية وأزمة نتنياهو

عمر حلمي الغول 

أحدثت العملية الفدائية اول أمس السبت، التي أدت إلى أصابة ضابطين وجنديين بجراح خطيرة ومتوسطة وخفيفة تصعيدا إسرائيليا، تمثل بشن عدد كبير من عمليات القصف الجوي والبري على العديد من المواقع في قطاع غزة. لكن هذا التصعيد لم يخرج عن حدود الرد الآني والمحدود، لإن كلا الطرفين الإسرائيلي وحركة حماس ومن معها من فصائل فلسطينية لا يسعى للذهاب لحرب جديدة. لا سيما وأن العملية على خطورتها الميدانية لم تتجاوز إتفاقية هدنة 2014. وكون العملية العسكرية كانت على الخط الفاصل بين قطاع غزة والحدود الإسرائيلية، وإستهدفت عسكريين، ولم تتعرض للمدنيين الإسرائيليين. كما أن القيادة الإسرائيلية السياسية والعسكرية مازالت عيونها على الجبهة الشمالية السورية اللبنانية، ولا تريد راهنا مضاعفة عملية الخناق والحصار على الجبهة الجنوبية، ليس حبا بالفلسطينيين، ولا حرصا على حياتهم، ولكن خشية من إنفلات الأوضاع على أكثر من مستوى وصعيد. هذا فضلا عن أن هناك حراكا دوليا واسع لتخفيف الحصار عن محافظات الجنوب، أيضا إنطلاقا من ضبط إيقاع الأزمة المتفاقمة في القطاع، وللحؤول دون حدوث تطور دراماتيكي يحمل في ثناياه تداعيات سياسية غير محمودة. 

مع ذلك وجهت العملية الفدائية يوم السبت، بالإضافة لعملية إسقاط الطائرة الحربية الإسرائيلية من قبل المضادات الأرضية السورية قبل أيام قليلة صفعة قوية للمنظومة العسكرية الإسرائيلية، وأظهرت إستخفافا بقدرات الفلسطينيين والسوريين في الرد على جرائمها وإنتهاكاتها. من المؤكد أن القيادة العسكرية الإستعمارية الإسرائيلية لن تمرر العملية مرور الكرام، ولن تكتفي بالرد، الذي نفذته طائراتها ومدفعية دباباتها ضد القطاع المنكوب بحصارها الظالم، وستعمل على مواصلة عملياتها العدوانية ضد المواطنين الفلسطينيين العزل، لإبقاء الجبهة ساخنة، ولإستغلال ذلك في حال حصول تطور أكثر تعقيدا مما هو عليه الحال حاليا.

وتعقيبا على العملية الفدائية ذهب بعض المراقبين إلى إستنتاج أن نتنياهو وحماس إستفادا من حدوثها، كل من خلفيته وحساباته الخاصة. غير ان المراقب المدقق فيها، وما تحمله من تصعيد نسبي، لا يرى ذلك، رغم رغبة كلاهما بخلط الأوراق من زاويتين مختلفتين، لأن العملية لا تشكل منقذاً لرئيس الحكومة الإسرائيلية من أزماته وقضايا الفساد، التي تطارده، حيث ظهرت للسطح قضية فساد جديدة رقمها 4000 تتعلق بعلاقة رئيس الإئتلاف الحاكم مع بيزك، بالإضافة للقضايا الثلاث السابقة: 1000 و2000 و3000، والشارع الإسرائيلي بات في معظمه مع تنحي نتنياهو، وهو ما أشارت له إستطلاعات الرأي خلال الأيام الماضية، وردود فعله على العملية الفدائية لا تتجاوز الإستهلاك الإعلامي والسياسي الآني. كما ان العملية لا تغطي عورات حركة حماس الماثلة في المحافظات الجنوبية، ولم توقف مطالبات الجماهير الفلسطينية بضرورة تمكين حكومة الوفاق من تولي مسؤولياتها الإدارية لدفع عملية المصالحة الوطنية للأمام. لإن بقاء الحال على ما هو عليه، سيفاقم من الأزمات الكارثية، التي يعيشها أكثر من 2 مليون فلسطيني في قطاع غزة. 

إنطلاقا مما تقدم، فإن الشروط الذاتية والموضوعية لإسرائيل وإئتلافها اليميني الحاكم لا تحمل في طياتها تداعيات إضافية لما حدث، ولن تخفف من أزمات الحكومة ورئيسها بشكل خاص، لا بل يمكن ان تضاعف من تلك الأزمات، مما يسمح لمعارضة وبعض الموالاة بإستغلالها لتصفية حساب مع نتنياهو الفاشل والفاسد، وقد تعجل من إطاحته عن سدة رئاسة الحكومة.

[email protected]

[email protected]    

التعليقات