ترامب يكذب نتنياهو

ترامب يكذب نتنياهو
نبض الحياة 

ترامب يكذب نتنياهو

عمر حلمي الغول 

في إجتماع كتلة الليكود قال نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي يوم الأثنين الماضي، " إنه ناقش عملية ضم المستعمرات في الضفة مع الرئيس ترامب"، وأضاف "انه على تواصل مع الإدارة الأميركية بهذا الشأن." الأمر الذي إستفز البيت الأبيض، ودفع الناطق الرسمي بإسم الإدارة الأميركية، جوش رفائيل، ورجل كوشنير المقرب، صهر الرئيس الأميركي إلى إصدار بيان رسمي، لم ينفِ فيه أقوال بيبي، بل كذبه، وقال أن الإدارة لا علم لها بما ذكره رئيس الإئتلاف الحاكم في إسرائيل. 

المفارقة أن الإدارة الأميركية تعتبر الحليف الإستراتيجي الأقرب لإسرائيل، هي التي كذبت نتنياهو. وهي من المرات القليلة، التي تكذب فيها الولايات المتحدة زعماء العالم. لا سيما وان مفهوم "الكذب" عادة لا يستخدم في العلاقات بين الدول، ويتم إستخدام مفاهيم ومصطلحات أكثر ديبلوماسية كالنفي أو مطالبة هذا الزعيم أو ذاك المصدر الرسمي بتصويب ما قاله. ومع ذلك إدارة ترامب بيبان رسمي كذبت رئيس الحكومة الإسرائيلية، ولم تمرر له تزويره للحقائق، كونه إعتقد بحكم العلاقة الحميمة، التي تربطه بالرئيس الأميركي، بإمكانية القفز عن التصريح، وغض النظر عنه. غير ان البيت الأبيض لجأ لتعرية أقوال زعيم الليكود. 

كما ان الملفت للنظر، أن زعماء الإدارات الأميركية السابقين لم يلجأوا لإستخدام مفاهيم حادة وجارحة لقادة إسرائيل، وإن كانوا يستخدمون ذلك داخل الغرف المغلقة في اوساطهم أو مع حلفائهم. كما حصل بين الرئيسين بارك أوباما ونيكولاي سركوزي، الرئيس الفرنسي الأسبق، عندما قال الأخير للرئيس الأميركي " إنني لا احتمل نتنياهو، لانه كذاب"، فرد أوباما " رغم ذلك انا مضطر للتعامل معه يوميا". وكان الميكرفون مفتوحا مما سمح للصحفيين آنذاك الإستماع للحوار الثنائي بين الرئيسين ونشر الحوار. 

ولا يبدو أن تكذيب البيت الأبيض لنتنياهو، سبب إحراجا له أو كب عليه ماءا باردا، كما إعتقد بعض المراقبين الإسرائيليين. لإن الكذب مهنته؛ وكونه لا يتورع عن اللجوء له لتبرير وتمرير سياساته الإستعمارية؛ وللحفاظ على مقعده في رئاسة الحكومة؛ ونتيجة غروره وإدعائه المفرط في قوة علاقاته مع زعماء العالم؛ وتأثير نفوذه عليهم في تحقيق إنجازات لصالح إسرائيل؛ وللجم أقرانه في الإئتلاف الحاكم، بإعتباره الأكثر قدرة على تعميم وتمرير الرؤية الإسرائيلية في اوساط العالم. 

ورجل تطارده عمليات الفساد على مدار الساعة، ورغم وجود قرائن دامغة على تورطه بالفساد في القضايا 1000و2000و3000، ومسكون ب"العظمة" والنرجسية والغرور لا يتورع عن اللجوء للكذب لتضخيم دوره ومكانته كزعيم غير مسبوق في إسرائيل، حتى انه يسعى من خلال حفاظه على مقعده في رئاسة الحكومة أطول فترة ممكنة، ليقول للإسرائيليين، انه الزعيم الأكثر حضورا، أو الملك الإسرائيلي، الذي لا ينازع، وهو الأهم من بن غوريون، رئيس الوزراء الأول لإسرائيل، ومن مناحيم بيغن، زعيم الليكود الأول. 

ورغم تكذيب الإدارة الأميركية لنتنياهو، إلآ ان تكذيبها له، لا يعني أنها تخلت عن دعمها وتساوقها مع دولة التطهير العرقي الإسرائيلية، وانها باتت وسيطا نزيها لعملية السلام. لإن التكذيب هنا لم يحمل أي دلالة إيجابية سوى الرفض لما قاله نتنياهو، وكون الرجل الطاووس القاطن في البيت الأبيض لا يقبل أن ينافسه أحد على ذلك، وهو الأصل، ونتنياهو، هو الصورة المسخ. وبالتالي محاولات الرئيس ترامب وأركان إدارته في الإيحاء بانهم الأقدر على لعب دور الوسيط، لم تعد تنطلي على القيادة الفلسطينية. لإن ما أدلى به ترامب لصحيفة "يسرائيل هيوم" خير دليل على ذلك، عندما إدعى الرئيس الأميركي "بأن الفلسطييين ليسوا جاهزين للسلام." فهذا كاف ليؤكد أنه يقلب الحقائق رأسا على عقب، ويفضح إنحيازه الكامل لدولة الإستعمار الإسرائيلية. لا سيما وأن الفلسطينيين قدموا مسبقا كل إستحقاقات عملية السلام، وأبدوا الإستعداد، ومازالوا يبدون الإستعداد للمضي قدما لتحقيق التسوية السياسية وفق مرجعيات عملية السلام، وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة.

[email protected]

[email protected]    

التعليقات