مؤتمر المانحين للعراق!

مؤتمر المانحين للعراق!
نبض الحياة 

مؤتمر المانحين للعراق!

عمر حلمي الغول

بدأ أمس مؤتمر المانحين لدعم العراق أعماله في دولة الكويت برئاسة أميرها، ورئيس الوزراء العراقي بحضور الأمين العام للأمم المتحدة، ورئيس البنك الدولي، ومنسق الإتحاد الأوروبي. هذا وتستمر أعمال المؤتمر لثلاثة أيام، ويتوقع حضور ومشاركة ما بين 70 و100 دولة ،وتتوخي حكومة العراق الإتحادية تأمين منح وقروض ميسرة ب100 مليا دولار أميركي تتوزع على المحاور الرئيسية الثلاث، التي حددتها حكومة حيدر العبادي، وهي أولا الإعمار، وثانيا الإستثمار، وثالثا الإستقرار. 

ومن المفارقات المثيرة للإنتباه: الأولى أن الوفد العراقي المتجه للمؤتمر ليطلب الدعم من الدول المانحة، يضم أعدادا كبيرة، وجلهم لا علاقة له بموضوع المؤتمر، أضف إلى انهم عبء على موازنة الدولة العراقية. مما أثار ردود فعل واسعة في اوساط الخبراء الإقتصاديين العراقيين؛ الثانية إمتناع الولايات المتحدة عن تقديم أي إسهام مالي لدعم العراق، وهي الدولة، التي قادت عملية تدمير العراق، ونهبت خيراته وثرواته، وقتلت أبنائه، ومزقت اوصاله، وأغرقته في دوامة الصراعات الدينية والطائفية والمذهبية والإثنية؛ الثالثة رفض بعض الدول العربية تقديم دعم للعراق ، لإنه مازال يخضع للهيمنة الإيرانية . 

وبالعودة للولايات المتحدة، التي وقفت جانبا، غير مبالية بدعم حلفائها، الذين جاءت بهم على ظهور دباباتها أثناء حربها على العراق عام 2003، وهو ما طرح علامة سؤال كبيرة حول دور اميركا، ومكانتها الدولية، وعلاقاتها بحلفائها من الدول العربية، حيث أكدت مجددا أنها لا تعر إهتماما لحلفائها من دول العالم الثالث عموما والعرب خصوصا، وبعد ان تنهب ثرواتهم، وتسيطر على عائداتهم وأرصدتهم، وتعمل على تمزيق وحدة شعوبهم ودولهم، وتضرب أمنهم الوطني والقومي، وتؤلبهم على بعضهم البعض، وتخضعهم لتبعيتها وتتحكم في مصائرهم كي تمسخهم وتحيلهم لعبيد، وتلقي بهم لإعدائهم الإسرائيليين والإيرانيين، ثم تتركهم يغرقون في متاهة أزماتهم البنيوية، ولا ترمي لهم عظمة لسد رمق أبناء شعوبهم من الجوع والمرض والفساد الأخلاقي والسياسي والمالي والطائفي، وهذا هو هدفها الأساس.   

الأنكى من كل ما تقدم، أن العراق، الذي يملك لوحده أكثر من ثلث الإحتياطي النفطي العالمي، بات يقف على ابواب الدول المانحة ليستجدي المنح والقروض الميسرة له. ذلك العراق، الذي كان يقدم الدعم والإسناد للدول الشقيقة والصديقة زمن الرئيس الراحل صدام حسين، وبنى ركائز نهضة زراعية وصناعية وتعليمية وثقافية شكلت رافعة لمكانة العراق العربية والإقليمية والدولية. وحتى زمن الحصار الظالم والمرير بعد العام 1991 لم يمد يده لإحد من الدول، وبقي صامدا وصابرا يشد الحزام على البطون، وواجه الجوع والفاقة بروح عالية من التحدي والكبرياء الوطني والقومي. نفسه العراق اليوم في زمن النظام السياسي الطائفي الحالي يتسول المنح والقروض من دول العالم. 

كم هو حزين القومي العربي حين يرى العراق واقفا على عتبات الدول يتسول المنح والقروض، في الوقت الذي يقوم أركان نظامه على مدار الخمسة عشر عاما الماضية ينهبون خزائن العراق لجيوبهم، ولو أعاد أولئك الحكام تلك الأموال للشعب العراقي لما كان بحاجة لإي دعم، وكان قادرا على تضميد الجراح، وإعادة الإعمار، وبنى ركائز إستثمار قادرة على إستعادة العراق لعافيته. ولكن عندما يكون الحكام غارقون في ملذاتهم ومواقعهم الطائفية، وحساباتهم الضيفة والشخصية، وخاضعون لمشيئة اسيادهم من الأميركان والفرس، فإنهم لا يملكون الإرادة والخطة والأداة القادرة على النهوض بالعراق، لإنهم ليسوا اهلاً لذلك، وسيبقوا أسرى خيارهم البائس والمدمر للعراق الوطن والشعب والتاريخ  المجيد ولحضارة بلاد الرافدين العظيمة. 

لكن العراق الذي واجه المحن في حقب التاريخ المختلفة، قادر من خلال ابنائه الوطنيين والقوميين والديمقراطيين الخلص على النهوض ولو بعد حين. 

[email protected]

[email protected]     

التعليقات