افتتاح أعمال المؤتمر عالي المستوى حول "الازدهار للجميع"

رام الله - دنيا الوطن
بحضور سعد الدين العثماني رئيس الحكومة المغربية ويوسف الشاهد رئيس الحكومة التونسية، والسيدة كريستين لاغارد مدير عام صندوق النقد الدولي، وعدد من وزراء المالية والاقتصاد والعمل في الدول العربية ومحافظي المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية وممثلي القطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني المعنيين ومؤسسات ريادة الأعمال، أُفتتحت أعمال المؤتمر عالي المستوى حول "الازدهار للجميع: تعزيز الوظائف والنمو الشامل في العالم العربي"، الذي يشارك صندوق النقد العربي في تنظيمه بالتعاون مع وزارة الاقتصاد والمالية في المملكة المغربية وصندوق النقد الدولي والصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي.

في هذه المناسبة، ألقى  الدكتور عبدالرحمن بن عبدالله الحميدي، المدير العام رئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي، كلمة في الجلسة الافتتاحية.

أكد في الكلمة، أن البطالة لدى الشباب تمثل اليوم التحدي الأكبر والأصعب لصانعي السياسات الاقتصادية في الدول العربية، مشيراً في هذا الصدد إلى أن مستوى البطالة للشباب يتعدى في المتوسط 29 في المائة وأن تقديرات صندوق النقد العربي تشير إلى إمكانية ارتفاعه إلى نحو 49 في المائة في عام 2040، في حال استمرار نمط التنمية الحالي. ولمواجهة تحديات التشغيل والنمو الشامل، أشار معاليه إلى ثلاثة محاور، المحور الأول يتمثل في مواصلة وتعزيز جهود التنويع الاقتصادي، والثاني يرتبط بالعمل على خلق البيئة الحاضنة للإبداع والابتكار للشباب ورواد الأعمال والمشروعات الصغيرة والمتوسطة، والثالث يتعلق بتعزيز فرص الوصول للتمويل والخدمات المالية المناسبة.

في السياق نفسه، أكد الدكتور الحميدي على أهمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة في تعزيز النمو الشامل والمُستدام، والتي تتراوح مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي بين 20 و40 في المائة في الدول العربية، مقارنةً بنسبة متوسطة تبلغ نحو 45 في المائة في الدول النامية. في هذا الإطار، أشار معاليه إلى أن الفجوة التمويلية للمشروعات المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة في المنطقة العربية تقدر بنحو 7.3 مرة حجم التمويل المقدم للمشروعات بمختلف أحجامها، مقابل فجوة تمويلية تقدر بنحو 1.5 مرة فقط حجم التمويل المقدم لهذه المشروعات على مستوى العالم، مشيراً في هذا الصدد إلى قيام صندوق النقد العربي بإنشاء تسهيل دعم البيئة المواتية للمشروعات الصغيرة والمتوسطة في الدول العربية، لتوفير الدعم المالي والفني لمتطلبات تطوير البيئة الحاضنة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة.

من جانب آخر، أكد المدير العام رئيس مجلس الإدارة قيام صندوق النقد العربي بتكثيف مساعيه لتعزيز الوعي والمشورة اللازمتين لتطوير السياسات الكفيلة بتسريع التمويل بالنسبة لرواد الأعمال والشركات الناشئة، مشيراً في هذا الصدد إلى قيام الصندوق بتنظيم مؤتمر رفيع المستوى، بالتعاون مع عدد من المؤسسات الدولية في شهر نوفمبر الماضي بالمملكة المغربية حول تمويل المشروعات الجديدة والشركات الناشئة في العالم العربي، الذي شارك فيه عدد كبير من صنَاع السياسات والشركات الناشئة وحاضنات الأعمال، إلى جانب الأهمية الكبيرة التي يحظى بها هذا الموضوع في إطار أنشطة المبادرة الإقليمية لتعزيز الشمول المالي في الدول العربية (FIARI) التي أطلقها صندوق النقد العربي خلال عام 2017 بالتعاون مع الوكالة الألمانية للتنمية والتحالف العالمي للشمول المالي والبنك الدولي.

كما أشار في ذات السياق، إلى أهمية الارتقاء بمؤشرات وصول المرأة للتمويل والخدمات المالية في الدول العربية، بهدف تمكين المرأة اقتصادياً ومالياً، وتعزيز مشاركتها ومساهمتها في الأنشطة الاقتصادية والاستثمارية. حيث أشار معاليه في هذا الصدد، إلى أن نسبة النساء في الدول العربية اللاتي تتوفر لديهم فرص الوصول للخدمات المالية والتمويلية الرسمية، تصل إلى 13 في المائة فقط، مقارنة بما نسبته 47 في المائة كمتوسط عالمي. 

كذلك أشار الى التحولات غير المسبوقة بالصناعة المالية والمصرفية، وتمويل الشركات والأسواق المالية وقطاع التأمين، والمدفوعات، والتمويل الجماعي، وتحليل البيانات المالية، وإدارة الثروات والأموال الشخصية وأنشطة الاستثمار في الأسواق المالية، نتيجة تسارع دخول التقنيات الحديثة في النشاط الاقتصادي والمالي في الآونة الأخيرة، مشيراً في هذا الصدد إلى ان استخدام التقنيات الحديثة أدى إلى خفض التكاليف التشغيلية بنسبة تقدر بحوالي 40 في المائة لدى المؤسسات المالية الكبيرة. كما نوه معاليه بالنمو الملحوظ الذي تشهده المنطقة العربية لشركات التقنيات المالية الحديثة، مشيراً إلى ارتفاع عدد هذه الشركات خلال السنوات الخمس الماضية، ليقارب حوالي 200 شركة ناشئة مقارنة بنحو 30 شركة في بداية الفترة.

أخيراً، بيَن أن التحديات التي تواجه اقتصادات دولنا العربية لمواجهة تداعيات البطالة وتحسين مستوى المعيشة للسكان ومقابلة تطلعات الشباب وخريجي الجامعات، هي بلا شك تحديات كبيرة تتطلب جهود مضاعفة ليس فقط من قبل السلطات، بل كذلك من قبل القطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني وجميع الهيئات والمؤسسات في المجتمع في إطار حراك مشترك وتعزيز البحث عن حلول تقوم على تشجيع الإبداع والابتكار. ذلك أن الطبيعة الفتية للمجتمعات العربية، هي نعمة وطاقة كبيرة إذا أحسنا الاستفادة منها.