معالي زكي: زايد يمثل أسمى ما حملته عصور النهضة والتنوير

معالي زكي: زايد يمثل أسمى ما حملته عصور النهضة والتنوير
رام الله - دنيا الوطن
 في إطار مبادراتها لعام زايد نظم مجلس أولياء الأمور بالمنطقة الوسطى صباح أمس الأول محاضرة للحديث عن إنجازات مؤسس الدولة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، ألقاها معالي زكي أنور نسيبة وزير الدولة.

حضر الندوة التي أقيمت تحت شعار زايد قصة قائد ودولة في قاعة المركز الثقافي بالذيد راشد عبد الله المحيان رئيس مجلس أولياء الأمور في المنطقة الوسطى وخميس بن سالم السويدي عضو المجلس التنفيذي لإمارة الشارقة رئيس دائرة شؤون الضواحي والقرى وعدد من أعضاء المجلس الاستشاري لإمارة الشارقة وأمينه العام ورؤساء وأعضاء المجالس البلدية للمنطقة الوسطى وأعضاء مجلس أولياء أمور الطلبة والطالبات بالمنطقة الوسطى وضباط من القيادة العامة لشرطة الشارقة وطلبة المدارس وأعيان المنطقة الوسطى ولفيف كبير من المدعوين وشخصيات مجتمعية وإعلاميين.

وفي بداية الحفل الذي قدمه ناصر راشد المحيان رحب بمعالي زكي أنور نسيبة وزير الدولة مشيرا إلى أن معاليه رافق مؤسس الدولة، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، فترة طويلة مما حدا بالمجلس إلى دعوته والاستماع إلى إنجازات مؤسس الدولة وما قام به من جهود  لتأسيس دولة الإمارات العربية المتحدة .

بعد ذلك تابع الحضور مادة مصورة عن أبرز أعمال وأنشطة مجلس أولياء أمور الطلبة والطالبات في المنطقة الوسطى وما قدمه من خدمات جليلة في الميدان التربوي بعدها تابع الحضور مادة مصورة عن تاريخ الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان وبنائه لدولة الإمارات .

ثم ألقى راشد المحيان رئيس مجلس أولياء أمور الطلبة والطالبات في المنطقة الوسطى كلمة أعرب فيها عن تقديره لتلبية معالي زكبي نسيبة وزير الدولة دعوة المجلس بإلقاء محاضرة عن قصة زايد في بناء دولة الإمارات من خلال التجربة الثرية لمعاليه في مرافقة الشيخ زايد طوال فترة حكمه لأبوظبي وقيادة الدولة.

وفي بداية المحاضرة أعرب معالي زكي نسيبة عن سعادته بالحضور في الذيد وتقديمه لمحاضرة تتناول قصة قائد ودولة إنه الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان ولفت إلى سعادته بالحضور للاحتفال بمئوية الشيخ زايد بمدينة الذيد مشيرا إلى أنه حظي منذ عام 1968 بالعمل مع الشيخ زايد، كمترجمه الخاص وكمرافق إعلامي وتسنت له الفرصة للاطلاع عن كثب على أفكاره وطموحاته وتطلعاته ونظرته في الحياة والسياسة عن طريق ترجمته للعديد من رجال السياسة والاعلام والثقافة والأديان.

وأكد في بداية المحاضرة أن الشيخ زايد تمكن من دمج أنواع القيادة الثلاثة ما جعل من نمطه القيادي نمطا فعالا ومرنا للغاية فقد كان حاكما تقليديا فاز بولاء القبائل المحلية بفضل سلالة أسرته التاريخية الحاكمة لكنه لم يتوقف عند هذه النقطة .

وأضاف معاليه من الصعب أن نعدد مناقب زايد وإنما نحاول في هذه المحاضرة أن نستعرض بعض الدلالات والشواهد التاريخية في مسيرة هذا القائد العظيم. 

وتطرق معالي زكي نسيبة في محاضرته إلى أن زايد مثّل نموذجاً للقائد التاريخي صاحب الكاريزما وهو نموذج فريد في القيادة نادراً ما يجود به الزمان في حياة الأمم، مشيراً أن هذا النموذج من القيادات يولد من رحم الأزمات ويستطيع بحكمته وذكائه وصدقه أن يستقطب شعبه للالتفاف حول هدف واحد، وهو ما نجح فيه زايد باقتدار. 

وأشار أن المؤرخين أجمعوا على أن زايد تمتع بفلسفة إنسانية فكان الإنسان دائماً محور اهتمامه وعنايته بغض النظر عن جنسه أو لونه أو دينه أو عرقه.

لافتا إلى أن هذا النهج جاء متسقاً مع تعاليم ديننا السمح، فعمل زايد منذ دخوله مضمار السياسة والحكم على ضمان حرية وكرامة الإنسان وتأمين احتياجاته وتسخير الثروة لتحقيق متطلبات عيشه الكريم.

وأكد أن زايد قائدا ذو كريزما ألهم الشعوب في بلده وفي الخارج من خلال رؤيته السياسية وبوصلته الأخلاقية وتفانيه في التخفيف من المعاناة البشرية كما وضع الأسس المعيارية والمؤسسية لدولة حديثة موفرا السلطة القانونية أو الرسمية وهي الضرورية لادارة ما بات يعرف اليوم أنها واحدة من أكبر من 30 اقتصادا في العالم .

ووصف معالي زكي نسيبة التجربة الاتحادية بالمعجزة التي حلم بها زايد قبل تحقيقها بسنوات طويلة، مؤكدا أن اختصار ما بذل من جهود لتحقيق الاتحاد بالفترة القليلة التي سبقتها، يبخس حق زايد وتعبه والآباء المؤسسين لسنوات طويلة. 

وأضاف أن اتحاد الإمارات جاء في ظروف عصيبة كانت تمر بها المنطقة على الصعيد السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وهو ما دفع البعض آنذاك بالرهان على فشل الاتحاد. 

ولفت نسيبة إلى أن ظهور النفط في الدولة في بدايتها لم يكن معياراً للجزم بنجاح الدولة، فكم رأينا من نماذج كان النفط فيها نقمة أتت عليها بالويلات. 

وأوجز نسيبة سر نجاح الإمارات في قيادة حكيمة استطاعت أن تجتاز الأزمات الوجودية التي هددت هذا الكيان بحكمة وإرادة، وقال "إن دولة الاتحاد الوليدة واجهت تحديات جمة، حيث افتقرت لأدنى البنى التحتية السياسية والاقتصادية والاجتماعية آنذاك". 

وبتفصيل واضح ذكر معالي زكي نسيبة بعضاً من سيرة زايد في الطفولة حيث لم يتلقى قسطاً كبيراً من التعليم، وكان شأنه شأن غيره وقتها من طلبة الكتاتيب حيث أشرف عبد الله بن غانم على تعليمه القرآن والسيرة النبوية الشريفة، كما درس تاريخ القبائل والعرب، وعشق الشعر النبطي وحفظ الكثير منه، والشعر الجاهلي والكلاسيكي، وكان حافظاً للكثير من أشعار المتنبي وأبو العتاهية. 

لافتا في تنايا حديثه  إلى تأثر الشيخ زايد بوالدته الشيخة سلامة بنت بطي، وتشرب منها الكثير من الحكمة والبصيرة، لافتاً إلى أن رئيسة الوزراء البريطانية مارجريت تاتشر في أحد لقاءاتها مع الشيخ زايد سألته عن والدته، فرد قائلاً إنها تضاهي أكثر الرجال حكمة وقوة. 

ونوه إلى حسه الوطني والعروبي كما كان السلام مطلبًا أساسيًا في أعمدة سياساته، وترجم تلك المبادئ في العديد من المواقف التاريخية ومنها موقفه من حرب أكتوبر 73 بين مصر والاحتلال الإسرائيلي، وحرب تحرير الكويت، والحرب الإيرانية العراقية.

قال الدكتور زكي نسيبة إن الشيخ زايد، تردد اسمه في الوثائق البريطانية منذ ثلاثينيات القرن الماضي كأحد الشخصيات القيادية الشابة في منطقة الخليج، ولفت الأنظار له بشكل أكبر في عام 1946 عندما تولى إمارة المنطقة الشرقية، ورغم شح موارد المنطقة نجح في تلبية احتياجات الناس وإرساء العدل بينهم، وتحقيق بعض الإنجازات كتثبيت الأمن والاستقرار وإنشاء بعض المرافق الخدمية وحفر الآبار والأفلاج. 

وأضاف نسيبة أن زايد كان حريصاً في بدايته على اكتشاف ملامح التطور في العالم، فزار لندن وباريس وأمريكا ومصر، وقال إنه في الخمسينات كرر على مسامع أحد المسؤولين في لندن، أن الإمارات ستحظى يوما ما بمرافق خدمية متطورة كالمستشفيات وغيرها تضاهي مرافق لندن المتطورة، كما كان يحلم بأن يتم إنشاء متحف كبير في الإمارات على غرار متحف اللوفر الذي كان معجباً به كثيراً. 

وأضاف نسيبة أن الشيخ زايد ومنذ بزوغ نجمه وحتى سنة 2004، مر بالكثير من الأزمات التي نجح في تجاوزها باقتدار. 

ودليل على صعوبة الأوضاع في بدايات الشيخ زايد حيث ذكر أن الشحنة الأولى للنفط والتي خرجت من أبوظبي عام 1962 وقتها لم تكن أبوظبي تمتلك أدنى المرافق والبنى التحتية، حتى أنها كانت تستورد مياه الشرب من دبي عبر البحر. 

وقال نسيبة أن هناك فكرة مغلوطة مفادها أن بريطانيا من دعت لاتحاد الإمارات، والحقيقة أن الشيخ زايد الأول نادى بمثل هذا الاتحاد بين إمارات الساحل في الفترة بين العام 1903 و1905، وتكررت الدعوة من الشيخ زايد بن سلطان في العام 1964 قبل أن يتولى مقاليد الحكم في أبوظبي، حين اجتمع بالمبعوث البريطاني (وليام لويس) في العين وطرح فكرة اتحاد إمارات الساحل، وهي الدعوة التي قوبلت من بريطانيا بالتشكيك والريبة التي طالت زايد نفسه مستدلاً ببعض الوثائق البريطانية التي اعتبرته عقبة في التعاون بين بريطانيا وحكام المنطقة. 

وقال نسيبة أن الموقف البريطاني من زايد لم يثنيه عن حلمه والمضي قدما نحو تحقيقه عبر جولات واجتماعات مكثفة مع حكام الإمارات، حتى أن بريطانيا عام 1969 طلبت إرجاء الفكرة التي كانت قد لاحت في الأفق بشكل جدي، وهو ما رفضه زايد بشدة، مطالباً بالانسحاب البريطاني على الفور حيث أن الإمارات عازمة على الاتحاد ونيل استقلالها وسيادتها التامة.

اختتم معالي زكي نسيبة حديثه بالتأكيد على أن دولة الإمارات ما كان لها أن ترى النور إلا بجهود مضنية لرجال عظماء مع الشيخ زايد خلد التاريخ أسماءهم. أضاف أن الإمارات ماضية على نهج زايد المحب للسلام والتسامح، الدولة الطموحة الرائدة التي أرسى ركائزها وثوابتها زايد في نفوس أبنائه فكانوا خير خلف لخير سلف، فاستمروا على نهجه في الريادة والعطاء لينشروا الخير في كل أرجاء العالم. 

وفي نهاية المحاضرة التي لاقت الإشادة من الحضور والثناء على ما قدمه معالي زكي نسيبة من عرض مفصل لمراحل قيام الاتحاد ومعايشة للشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، قام راشد المحيان رئيس مجلس أولياء أمور الطلبة والطالبات في المنطقة الوسطى بتكريم معالي زكي نسيبه ومنحه درع المجلس تقديرا لعطائه وما قدمه من معلومات قيمة عن مؤسس الدولة وباني نهضتها .