عاجل

  • (الجزيرة): نائب رئيس جامعة نورث إيسترن في بوستن يقول إن الإدارة ستفض اعتصام الطلاب والجامعة ستغلق أبوابها

المرأة وتراتيل الوجه الغائب

المرأة وتراتيل الوجه الغائب
بقلم د/ محمود عبد المجيد عساف

إذا كان الإنسان قد حقق تقدماً هائلاً على كافة الأصعدة ووفي شتى المجالات الحياتية، ويعيش في عصر الحداثة والعولمة وما بعدهما، إلا أن هذا التقدم لم يستطع أن يهديه إلى فهم طبيعة المرأة، وبقيت كثير من أحوالها وتصرفاتها عالقة في الذهن ما بين السؤال والاستغراب، ليس المرأة بحد ذاتها بقدر ما هي النفس البشرية المتجسدة في المرأة.

كل ما عرفته وقرأته عنها يشير إلى أنها كائن خلقه الله بإحساس مرهف، وحب جامح، لكنه ضعيف تتقلبه العواطف يبحث دائماً عن ملاذ ليشعر بالأمان، وفي نفس الوقت هي أشد ألغاز الحياة غموضاً، وهذا ما يشوه صورتها أحياناً، فما خلقت لتكون لغزاً، بل خلقت لتكون وطناً، ولم توجد لتكتم حبها سنوات ولا تكتم بغضها ساعات، فإن كانت ترى في نفسها عيباً، فهي أجمل عيوب الطبيعة، لذا ما كان لها أن تكون إلا وجهاً واحداً، يعامل بالمثل أحياناً - وهذا حق- لكن لا يصطنع المواقف ليصل إلى ما يريد، ولا يراوغ ليحصل على المزيد، ولا يعمم التجربة الشخصية أو حالات الخذلان على الآخرين لينتقم.

فالمرأة الحرة، والأنثى الراقية متواضعة في ظل الاحترام، ثائرة في ظل الدفاع عن حقوقها، لكنها ليست مغرورة ولا متنمرة فلا تتشبه بالرجال لتثبت وجودها .

سيقول البعض ممن  يقرأ مقالي من النساء، أنهن ليس كذلك ولو كانوا فما حملهن على التصرف بذلك، إلا مرارة الواقع وسوء المعاملة. وهنا لا يجب أن ننكر أن هناك الكثير من الحالات التي أجبرها الواقع لتكون على غير طبيعتها خاصة مع الرجال الذين لا ينظرون للمرأة إلا من زاوية واحدة، لكن هذا ليس سبباً كافياً لتعميم التعامل .

ما أردت الإشارة إليه هنا في هذا المقال، أن الزيادة  عن الحد في التصرف وعلى غير موضع هو أساس المشكلة، فعلى سبيل المثال تؤكد الدراسات التي أجريت حول المرأة أن الأنثى الحكيمة هي التي تكون تصرفاتها موافقة لمشاعرها، ولا تندم على قرارها، وتتحمل تبعاته، فلا تمارس الدلال في غير موضعه، بغية تثمين وجوده، ولا تصطنع النكد لتستقطب الاهتمام، ولا تمارس الغرور لتثبت ذاتها، بل تعرف قدر نفسها دون اجتهاد يرضي الطامعين فيها، ويقلل من شأنها عند المخلصين لها.

فالمرأة الأنثى هي التي لا تفاخر بجمالها ولا بأصلها الطيب قناعة منها بأنها لم تصنع شيء من هذا، وتفضل أن يتحدث الناس عنها بالخير، ولا تقضي حياتها في البكاء على الأطلال والشكوى، ولا تغتر بنفسها وبشهاداتها، وتكون نداً لمن هو أعلم منها.

 وانطلاقاً من قول الرسول صل الله عليه وسلم : (استوصوا بالنساء خيراً)، وما بين قول إبراهيم نوار: (المرأة حديقة تتحول-أحياناً-إلى صحراء لا تصلح إلا لزراعة الصبار). وما بين قول أدينوس: (المرأة هي العمل الوحيد غي الكامل الذي تركك الله أمر إتمامه للرجل) يظهر دور الرجل في تشكيل سلوك المرأة أيا كانت صلته بها، فلا يختزل دورها، ويأخذ بيدها إلى تحقيق دورها، فلا يجتث حقوق من هو ولي عليها، ويمارس دور الملاك للأجنبيات لاستقطاب إعجابهم.

إنه الاعتراف يا سادة ...

الاعتراف بطبيعة المرأة دون تجمل.. الاعتراف بأن فهم المرأة يتطلب توضيح منها دون الافتراض بأن الكل يجب أن يفهمها.. الاعتراف بأن الحياة مستحيلة من دونها، لكنها ممكنة جداً دون وجهها الحقيقي الذي يلبي احتياجات من يحترمها .

التعليقات