التدحرج نحو الحرب

التدحرج نحو الحرب
بقلم : سالي عابد

الصمت هنا لا يعني بالضرورة سكون الفعل ، وإنما الاستعداد للمرحلة التي سينعطف التاريخ عندها، ويعلن الجميع عن بدء ترسيم جديد للحدود الفلسطينية  ، الكل يستعد بطريقته الخاصة ، أمريكا أبعدت ملف القدس، وحسمت قرارها تجاه هذه القضية وتحاول تمرير صفقة القرن ، وإسرائيل  ترى بان هناك تهديد يراوح المكان ، فغزة تعمل على تطوير السلاح وسبل المقاومة ، والمستوطنات  تُهاجَم من قبل الفلسطينيين ، والدبلوماسية الفلسطينية تلاحق إسرائيل قضائيا أمام المحاكم الدولية ، أما الفلسطينيون منقسمون ومبعثرون وكل منهم يسلك طريقا ظنا بأنه هو الأنسب والأقوى  .

الشراكة الوطنية ،والمسئولية الأخلاقية تجاه الوطن والمواطنين ، تحتاج إلى قرار يفصلنا جميعا عن حالة التيه الموجودة داخل الأروقة الفلسطينية، منحدر يقترب منا جميعا ونحن لازلنا ننظر تحت أقدامنا دون أفق ، ودون مخرج حقيقي ، الأقدام هنا متشابهة الخطوات ، فلا احد يسبق الآخر، ولا احد في المقابل قد ينقذ الآخر ، فالسفينة تحتاج إلى من يمسك مَجادِيفها.

وهناك من يَجدِف بتصريحاته ، ويُقَرِب احتمالية الحرب مع قطاع غزة ، يوسي ملمان المحلل للشئون العسكرية في صحيفة معاريف يقول بان حماس زادت من جهودها لتطوير طائرات بدون طيار، بعد أن كشفت إسرائيل عن عدد من الأنفاق ، واعتبره قد يكون وسيلة مفاجئة لإسرائيل في الحرب المقبلة ، وهنا يوضح أكثر افيغدور ليبرمان وزير الأمن الإسرائيلي، عندما يقول إسرائيل معنية بإبقاء رؤوس الفلسطينيين في غزة فوق الماء فقط، لعدم غرقهم ، حيث يمثل هذا الضغط أملا  بالنسبة لهم بثورة المواطنين على واقعهم المرير، لكنهم يهدفون أن تكون شرارته في وجه حركة حماس ، ماذا لو لم يفعلها الناس هناك ؟ هل ستضطر إسرائيل عندها إلى احتلال غزة من جديد ؟ كما قال ليبرمان، وكيف يمكن أن تكون طبيعة الحرب هذه المرة؟.

حرب تدور في فلك الصراع الدبلوماسي، الفلسطينيون يحاولون جلب الدعم الدولي وحصد المزيد من الأصوات ، التي تؤيد الحق الفلسطيني استنادا لقرارات الأمم المتحدة ، في المقابل إسرائيل تضغط على بعض الدول بالمصالح الاقتصادية ،وأمريكا هنا تعلن جوائز الدعم المطلق لمن يتماشى مع صفقتها ، القناة العاشرة كشفت عن تقرير يحتوي على تفاصيل الخطة التي أعدتها الإدارة الأمريكية ، قدم من قبل د. صائب عريقات إلى رئيس السلطة على حد زعمها، حيث أورد التقرير أن صفقة القرن تتمثل في فرض الاملاءات، وتنص على أن " من يريد السلام عليه الخضوع لاملاءات البيت الأبيض ومن لا يخضع فهو إرهابي يجب محاربته"، هذه وصية البيت الابيض ، والتي قابلتها وصية عريقات "لا داعي لانتظار الخطة الأمريكية التي ستعزز الوضع القائم وستعترف بالمستوطنات وتحولنا لمجرد دولة مع حكم ذاتي"، كل هذا يفرض علينا السؤال المشروع ماذا نملك لصد هذا المشروع الأمريكي الإسرائيلي ؟وهل لدينا القدرة على تغيير المسار؟ أو حتى القفز عن هذا المخطط؟.

كيف يمكن لنا أن نتجاوز كل ما ذكر دون وحدة حقيقية ، ما جرى مؤخرا من مقاطعة لحضور المجلس المركزي ما هو إلا إشارة بعدم الاتفاق حول رؤية مشتركة، والانتقادات التي رافقت هذا الاجتماع من قبل البعض ما هي إلا اختلاف على استخدام الوسائل والأدوات لصد القذائف الملقاة على الثوابت الوطنية ،أما  المصالحة الفلسطينية فلا تجد من يمسك لجامها، ويسير بها إلى مربع تنفيذ الاستحقاقات الوطنية ، المؤشرات هنا تتدحرج إلى الانزلاق نحو الحرب فلا احد يعرف ماهيتها ولا احد يدرك نيرانها إلى أين يمكن أن تمتد ؟ لكن في المقابل هناك حقيقة واحدة ، نحن وقودها.

[email protected]

التعليقات