زيارة المكابرة

زيارة المكابرة
نبض الحياة 

زيارة المكابرة 

عمر حلمي الغول 

بعد تأجيل الزيارة مرتين، وإضطرار الإدارة الأميركية نشر ذرائع واهية وكاذبة لعدم قيام نائب الرئيس، مايك بنس بزيارة دول المنطقة، حيث كان من المفترض ان يصل المسؤول الأميركي الرفيع بعد إعتراف الرئيس ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل. لكن بسبب الموقف الفلسطيني الرافض للموقف الأميركي، والذي أعلن سقوط الرعاية الأميركية لعملية السلام، ومع إشتعال شرارة الإنتفاضة الشعبية الفلسطينية، وتوتر الأجواء في الوطن العربي، وفي اوساط شعوب الدول الإسلامية، وردود الفعل العالمية على القرار الإميركي المشؤوم ونتيجة معلومات أمنية أميركية وإسرائيلية إرتأت الإدارة الأميركية تأجيل زيارة الرجل الثاني فيها. 

وصل السيد بنس أمس للقاهرة في محطته الأولى لزيارة كل من مصر والأردن وإسرائيل الإستعمارية. وكان من المفترض ان يزور دولة فلسطين المحتلة، لكن القيادة الفلسطينية أعلنت رفض إستقباله، أو إستقبال أي مسؤول أميركي، ليس لإن الرئيس الأميركي إعترف بالقدس فقط، انما لإن الإدارة الأميركية الحالية وقفت بشكل صفيق ضد مصالح وحقوق الشعب العربي الفلسطيني في كافة المنابر الدولية، وأكدت انها شريك كامل في العملية الإستعمارية الإسرائيلية الجارية، بالإضافة لكون شخص بنس متصهين أكثر من الصهاينة انفسهم، ومن أكثر الداعمين لإسرائيل. 

وبدا من الواضح ان زيارة نائب الرئيس الأميركي لدول المنطقة الثلاثة شكلية، ولا تحمل اية خطوات سياسية دراماتيكية. وإن تميزت بشيء فإنها تتميز بتسجيل الدعم لدولة الإستعمار الإسرائيلية. لا سيما وانه سيقيم يومين فيها، ليؤدي فروض الولاء والطاعة للقيادة الإسرائيلية  اليمينية المتطرفة الحاكمة. في حين ان زيارته لكل من مصر والأردن لا تتجاوز اليوم الواحد. كما انها لا تحمل رسائل جدية أو مثيرة للإهتمام بعد أن إفتضح الدور والموقف الأميركي، وباتت صفقة القرن او صفعة القرن مكشوفة للعيان. وبالتالي الزيارة للبلدين الشقيقين لا تعدو أكثر من زيارة مكابرة لتأكيد الذات الشخصية، ونوع من رد الإعتبار بعد ان أعلنت القيادة الفلسطينية بشكل رسمي وصريح، رفضها إستقباله. 

مع ذلك شاءت إسرائيل أن تضفي على زيارة بنس أهمية سياسية من خلال تقديم إعتذارها للمملكة الأردنية الهاشمية عن عملية القتل للشهيدين الأردنيين في السفارة الإسرائيلية في الثلث الأخير من تموز/ يوليو 2017، وعن عملية إغتيال القاضي رائد زعيتر في آذار/ مارس 2014، حيث لا يمكن الفصل بين الإعتذار الإسرائيلي للمملكة وبين زيارة نائب الرئيس الأميركي. كون الإعتذار جاء عشية وصوله لعمان للقاء الملك عبد الله الثاني. وكأن الإدارة الأميركية بضغطها على حليفتها الإستراتيجية في المنطقة، وإلزامها بالإعتذار للأردن الشقيق، شاءت التأكيد على الآتي: أولا إعادة المياة لمجاريها الطبيعية بين الأردن وإسرائيل، وعدم خسارة الأردن راهنا؛ ثانيا قطع الطريق على أية محاولات أردنية او فلسطينية تدفع نحو سياسة القطيعة وسحب السفراء بين البلدين؛ ثالثا لمحاولة الإستفادة من ترطيب الأجواء بين البلدين لتمرير ما يسمى الحل الأقليمي لاحقا في حال توفرت له الشروط المناسبة. وقد يكون هناك أهداف أخرى ذات صلة بالأقليم والتطورات الجارية فيه. 

في كل الأحوال لا تحمل زيارة نائب الرئيس الأميركي اي جديد نوعي. ولا تتجاوز تأكيد الذات، ورد الأعتبار الشخصي. وهو ما يؤكد اهمية الموقف الفلسطيني في إسباغ الأهمية من عدمه على أية زيارة لإي مسؤول دولي لدول الإقليم. 

[email protected]

[email protected] 

     

التعليقات