فشل عملية جنين

فشل عملية جنين
نبض الحياة 

فشل عملية جنين

عمر حلمي الغول 

منذ عملية قتل الحاخام رزايئيل شيفح قبل عشرة أيام وأجهزة الأمن الإسرائيلية تطارد الريح للوصول إلى طرف خيط عمن وقف خلف العملية المذكورة بهدف التأكيد على الآتي: اولا التصفية السريعة بالقتل أو بالإعتقال للمشتبهين من الأشخاص، أو المجموعات الفلسطينية، التي تقف خلف العملية؛ ثانيا التأكيد على جاهزية الأجهزة الأمنية في التصدي الفوري لإية أعمال تهدد الغلاف الأمني الإسرائيلي الإستعماري؛ ثالثا التأكيد على قدرتها الإستخباراتية في زمن قياسي في رصد وضبط الأعمال الفدائية؛ رابعا إرسال رسالة لإبناء الشعب الفلسطيني أن يد أجهزة الإستعمار الإسرائيلية الأمنية طويلة، وقادرة على الوصول لهم بأسرع وقت ممكن؛ خامسا وضع الإسفين بين الشباب الفلسطيني، وبث روح الفتنة بينهم نتاج تمكن تلك الأجهزة من الوصول لبعض المعلومات؛ سادسا العمل على إضعاف الروح المعنوية بين المواطنين الفلسطينيين. 

لكن من تتبع عملية إقتحام مخيم جنين في ساعة متأخرة من مساء يوم الأربعاء الماضي لاحظ ان قادة المؤسسة الأمنية الإسرائيلية أرادوا توجيه ضربة لإي هدف فلسطيني محتمل لرد الإعتبار لهيبة مؤسستهم. لكنهم فشلوا فشلا ذريعا بإعتراف أفيغدور ليبرمان، وزير الجيش الإسرائيلي مساء الخميس الماضي، الذي قال : أن "العملية العسكرية، التي نفذتها القوات الخاصة الإسرائيلية فشلت." وأضاف " أن وزارة الحرب ستشكل لجنة تحقيق لدراسة كل جوانب العملية." فبعد أن طوقوا منزل المواطن أحمد نصر جرار، إبن الشهيد نصر عام 2002، تفاجأوا أولا بوقوعهم في كمين محكم أوقع فيهم إصابات بالغة وعديدة، وليس كما ذكروا إصابة جنديين إحداها إصابة بالغة الخطورة؛ ثانيا الشهيد الفلسطيني لم يكن أحمد نصر، بل أحمد إسماعيل جرار إبن عم الهدف؛ ثالثا رغم ضخامة القوة العسكرية المكونة من 130 دورية، وإشتراك قوات من "الشاباك" والجيش والشرطة بما في ذلك وحدات المستعربين الخاصة إلآ أنهم فشلوا فشلا ذريعا في بلوغ الهدف، وفي عدم السيطرة على أرض المعركة، ليس هذا فحسب، بل وإستمرت لساعات طويلة؛ رابعا كشفت عجز المؤسسة الأمنية في أكثر من جانب: معلوماتها الإستخبارية عن الهدف، وعن طبيعة المكان المحدد للعملية، وهو ما عكس التخبط في التنفيذ، والنتائج السلبية والعكسية، التي تمخضت عنها العملية العسكرية الجبانة. وأضاف المراسل العسكري الإسرائيلي، أور هلير، الذي رافق القوات العسكرية الإسرائيلية، مؤكدا على ما سبق ذكره قائلا: " كنت داخل إحدى مركبات الجيش، التي دخلت مدينة جنين الساعة الخامسة فجرا، ولم أصدق أن أكثر من 1000 شاب يلقون الحجارة والحارقات، ويهتفون ضدنا؛ وإن أحد الفتية ضرب باب الجيب العسكري، وقال إفتح إفتح وبيده حجر. غريب جدا هذا الجيل لا يخاف، رغم إصابة سبعة منهم بالرصاص الحي، وكثرة الجنود، أكثر من 130 دورية وجرافة دخلنا ولم نرعب هؤلاء."  

إذا القراءة الموضوعية للعملية العسكرية الإسرائيلية الجبانة في مخيم جنين وبإعتراف وزير الحرب ليبرمان تشير إلى فشل العملية فشلا ذريعا. وهو ما يؤكد على انها عملية إرتجالية، واكبها منطق الإستعلاء والغطرسة والغرور، والجهل والإستهتار، وعدم تقدير الموقف بشكل علمي وفق المعايير العسكرية. وبالمقابل كشفت أن المستهدف بالعملية أحمد نصر جرار ومن معه كانوا أكثر حذرا وإستعدادا للعملية الإسرائيلية، ومعلوماتهم الإستخبارية عن النوايا الإسرائيلية أدق، وأكثر موثوقية، والدليل هو جاهزيتهم لمفاجأة القوة العسكرية الإستعمارية الإسرائيلية، وإيقاعها في الكمين المعد لها سلفا، وجباية الثمن العالي منها، وإفلات الهدف منها. 

ومن الواضح أن مجموعة أحمد نصر جرار، هي من سربت معلومات غير دقيقة للجهات الأمنية الإسرائيلية بهدف إيقاع قواتها الإستعمارية في عش الدبابير المعد لها. وهو ما يعكس تخطيط دقيق لمواجهة ناجحة، ولفضح وتعرية إفلاس المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، ومعلوماتها الإستخبارية، وايضا لرفع الروح المعنوية في اوساط الجماهير الفلسطينية، وضخ المزيد من عامل الثقة بالذات الوطنية. 

غير ان فشل العملية العسكرية الإستعمارية الإسرائيلية في مخيم جنين الأربعاء الماضي، لا يعني ان المؤسسة الأمنية الإسرائيلية بكل مكوناتها، سترفع الراية، وتستسلم لمشيئة مجموعة جرار الفدائية، بل ستعمل بكل الوسائل المتاحة لها للإنتقام منها لاحقا، لتعيد الإعتبار لهيبتها، التي مرغت في ارض مخيم الأبطال. وبالتالي على المجموعة المزيد من الحذر واليقظة حتى لا تقع فريسة الغرور والنجاح، الذي تحقق، والتعامل بمسؤولية عالية في مواجهة التحدي المفروض عليها من قبل المؤسسة الأمنية ألإستعمارية الإسرائيلية. 

[email protected]

[email protected]        

التعليقات