حنا: المسيحية في فلسطين ليست بضاعة مستوردة من الغرب

رام الله - دنيا الوطن
قال سيادة المطران عطا الله حنا رئيس اساقفة سبسطية للروم الارثوذكس صباح اليوم الخميس بأن الحضور المسيحي في فلسطين الارض المقدسة انما هو حضور له تاريخ عريق لم ينقطع منذ اكثر من الفي عام ، فلسطين هي الارض التي ولد فيها السيد المسيح ، ومن مهده الى لحده عاش فيها منتقلا من مكان الى مكان مبشرا بقيم المحبة والاخوة والسلام ، وبعد قيامته بقي فيها حتى صعوده الى السماء حيث ترك لنا كنيسته المقدسة لكي تكون مصدر بركة وتقديس ونعمة وخلاص للمؤمنين .

المسيحية في فلسطين ليست بضاعة مستوردة من الغرب ، والسيد المسيح لم يولد في اي عاصمة غربية كما ان المسيحية في بلادنا ليست بضاعة مستوردة من اي مكان في هذا العالم ، كما ان المسيحيين الباقين في هذه الارض المقدسة هم ليسوا من مخلفات حملات الفرنجة او غيرها من الحملات الاستعمارية التي مرت ببلادنا بل هم امتداد تاريخي للحضور المسيحي العريق في هذه الارض المقدسة وللجماعة المسيحية الاولى التي قطنت في هذه الديار .

فلسطين هي مهد المسيحية ولا يجوز تجاهل هذه الحقائق التاريخية عندما يتم الحديث عن فلسطين وعندما يتم الحديث عن القدس .

تعتبر القدس في الضمير والتاريخ والتراث المسيحي المركز الروحي المسيحي الاول والاقدم والاعرق في عالمنا وكنيسة القيامة التي تحتضن القبر المقدس انما هي خير شاهد على عراقة الحضور المسيحي في هذه المدينة المقدسة .

اننا كمسيحيين فلسطينيين نرفض تجاهل البعد المسيحي لمدينة القدس لان في هذا تطاولا وتزويرا وتشويها لتاريخ مدينتنا التي تعتبر قبلة المسيحيين الاولى والوحيدة وحاضنة اهم مقدساتهم .

المسيحيون الفلسطينيون في مدينة القدس يفتخرون بانتماءهم لهذه المدينة المقدسة وهم فلسطينيون ومكون اساسي من مكونات شعبنا الفلسطيني وهم اصيلون في انتماءهم لهذه الارض وتشبثهم بهويتها وتاريخها وتراثها ، المسيحيون الفلسطينيون ينتمون الى الكنيسة الاولى التي شيدت في هذه الارض المقدسة وانطلقت رسالتها من فلسطين كما انهم يفتخرون بانتماءهم للشعب الفلسطيني وقضيته العادلة ونضاله المشروع من اجل الحرية والانعتاق من الاحتلال .

القدس مدينة يكرمها المؤمنون في الديانات التوحيدية الثلاث كما انها تحتضن اهم المقدسات الاسلامية والمسيحية والمسيحيون والمسلمون في القدس كما وفي سائر ارجاء هذه الارض المقدسة هم فلسطينيون ينتمون الى وطنهم ويدافعون عن القدس ومقدساتهم واوقافها .

القدس عاصمة فلسطين وعاصمة شعبنا الفلسطيني الروحية والوطنية وعندما نتحدث عن القدس علينا ان نبرز اهميتها في الديانة المسيحية كما وفي الديانة الاسلامية مع تأكيدنا على اهميتها وقدسيتها لدى الديانات التوحيدية الثلاث .

القدس مدينة ايماننا وهي بالنسبة الينا ارض تباركت وتقدست بحضور السيد المسيح حيث مشى في طريق آلامها واقتبل الالام والصليب والموت فوق جلجلتها واحتضن تراب القدس جسده الطاهر الى ان قام منتصرا على الموت في اليوم الثالث فانبلج نور القيامة من القبر المقدس لكي يبدد ظلمات هذا العالم.

ادعو الكنائس المسيحية في عالمنا ان تدافع عن القدس وان تبرز اهميتها في الايمان والتاريخ والتراث والعقيدة المسيحية ، كما وادعو كنائسنا في سائر ارجاء العالم ان يدافعوا عن مدينة القدس باعتبارها عاصمة لفلسطين ، وان يرفضوا كافة الاجراءات الاحتلالية والقرارات الامريكية الجائرة المتعلقة بمدينة القدس .

اقول للكنائس المسيحية في عالمنا بأن دفاعكم عن القدس وتصديكم للمشروع الاستعماري الذي يستهدف مدينتنا انما هو دفاع عن عقيدتكم وعن ايمانكم وتراثكم ، انه دفاع عن الكنيسة الام وعن اقدس مدينة في العالم تحتضن اهم مقدساتنا كما انها قبلتنا الاولى والوحيدة في هذا العالم .

ادعو كنائس العالم لابراز اهمية القدس والدفاع عنها وعن تاريخها وهويتها فلا يجوز ان يغيب او ان يُغيب الصوت المسيحي المدافع عن القدس .

القدس لنا ولا يحق لاي جهة ان تتجاهل ارتباطنا وتشبثنا وجذورنا العميقة في هذه البقعة المقدسة من العالم .

الحضور المسيحي في هذا المشرق العربي هو حضور عريق وكما نتحدث عن القدس نتحدث ايضا عن انطاكيا والاسكندرية والقسطنطينية وكافة الكراسي الرسولية المقدسة ، نحن جميعا ننتمي الى كنيسة واحدة والى ايمان واحد ، انها الكنيسة التي نسميها في دستور الايمان الكنيسة الواحدة الجامعة المقدسة الرسولية .

لقد اعلنا رفضنا لقرار ترامب الاخير كما اعلنا رفضنا لكافة السياسات الاحتلالية في مدينة القدس لاننا نعتبرها تطاولا على الشعب الفلسطيني ونعتبرها اساءة لهوية القدس الروحية المسيحية والاسلامية ، فلا يجوز تجاهل هذه الابعاد المرتبطة بمدينة القدس ولا يجوز ان نقبل بأولئك الذين يشوهون ويزورون تاريخ القدس .