غليون: مفاوضات سوتشي ستفشل وروسيا في وضع حرج سياسياً

رام الله - دنيا الوطن
الدكتور برهان غليون المفكر السوري والرئيس الأسبق للمجلس الوطني السوري في لقاء له مع الشرق نيوز عبر تجمع المنطقة الشرقية الذي استضافه مؤخرا.

حيث دار الحديث عن العملية السياسية ومؤتمرات جنيف وآستانة و سوتشي ومستقبل العملية السياسية والعلاقة بين الروس والأمريكان حول سوريا حيث أوضح الدكتور غليون في إجاباته أن

الروس لن ينجحوا في تحقيق كل ما يتمنون في سوريا , وأن مسار سوتشي مصيره الفشل مالم يتم إنقاذه بتنازلات ملموسة لصالح المعارضة السورية , وان الخلاف الروسي مع الغرب والولايات المتحدة هو خلاف عميق ولن يتنازل أي طرف للآخر بسهولة , كما أضاف أن المعارضة السورية فشلت حتى اللحظة بتحقيق نجاح سياسي واضح على المستوى الدولي وأرجع ذلك لأسباب كثيرة أهمها اختلاف رؤى الدول الداعمة لها والخلاف داخل مؤسسات المعارضة نفسها.

وفي سؤال للشرق نيوز حول

ما هي رؤية الدول التي تسمي نفسها حليفة للشعب السوري أو صديقة له للحل في ظل التفرد الروسي الحاصل ؟

أجاب الدكتور غليون

لا يوجد الآن ما يسمى دول صديقة للشعب السوري فقد ألغت هذه الدول التسمية دون الإعلان عن ذلك , وبذلك لم يعد لها وجود فعلي , فهذه الدول لا تملك رؤية مشتركة أو تنظيم لتحقيق هذه الرؤية بل هناك إختلاف وانعدام لاستراتيجية واضحة بما يخص الحل السوري , بل بدأت هذه الدول بالتخفي في المرحلة الأولى وراء فيتو روسيا الذي عطل قرارات مجلس الأمن، والآن تحاول أن المرونة في تطبيق قراراته بما يتقارب مع الرؤية الروسية للحل , لكن ذهاب الروس بعيداً في غطرستهم وعدم تعاونهم مع هذه الدول ولو بالحد الأدنى ومحاولتهم إظهار أنفسهم على أنهم قادرين على ايجاد الحل لوحدهم، والرد على تهميش الغرب لهم بطريقته في التعامل معهم , جعل من موقفهم بالغ الصعوبة والتعقيد وبالتالي فالموقف الغربي من هذا التعنت سيؤدي لفشل أي حل روسي منفرد , إلا إذا حصل مالا تحمد عقباه وهو موافقة المعارضة السورية على الذهاب والموافقة على ما يقر في سوتشي عندها ستحدث الكارثة وبذات الوقت طوق النجاة للمشروع الروسي 

الشرق نيوز

هل تتحمل البنية الإجتماعية والتي تمثل الرافعة الحقيقية للثورة السورية جزءاً من مسؤولية الفشل السياسي وكيف كان تأثيرها على المشهد السياسي ؟

د برهان غليون

أولاً ما هو مفهوم البنية الإجتماعية المقصود؟ هل هو المجتمع المدني أم البنية الطبقية أم المؤسسات؟

بالعموم خلال 50 عاما من التهميش وحكم قانون الطوارئ والأحكام العرفية وانعدام الحوار بين الناس وانعدام العمل السياسي والفكري والمدني وتحكم أجهزة الأمن بالمجتمع وتسييرها بطريقة الإملاء المنظمات المدنية والسياسية والادارية والاهلية جميعها , تحول المجتمع لمسرح عرائس تلعب به أجهزة المخابرات كما تريد , فلم يعد هناك بنية حقيقية تعكس تعضي نسيج المجتمع السوري في اي مستوى من مستويات النشاطات العامة. وتحولت جميع مؤسسات الدولة وممارستها إلى واجهات شكلية تخفي القوى الخفية التي تتلاعب بها من خارجها، سواء تعلق الأمر بالبرلمان أو الشارع أو الدستور أو الحكومة أو وسائل الإعلام وغيرها. لم يكن هناك تنظيمات اجتماعية فاعلة تنظم علاقات الأفراد مع بعضهم البعض يمكن ان يستفيد الافراد منها ومن وجودها بعد الثورة. فقد عمل النظام على تحطيم جميع الروابط التي تشكل النسيج الاجتماعي وحويل المجتمع لمجموع مشتت ومتناثر من الأفراد المختلفين والمتنازعين والمشككين ببعضهم وقدراتهم واهليتهم. وهكذا سيطر النظام على المجتمع بكل منظماته وأشكاله الدينية والقبلية والمجتمعية والسياسية,

مع انطلاق الثورة السورية كان المجتمع السوري يفتقر للمؤسسات الحقيقية لتكون حاملة للثورة. ولم تكن هناك مؤسسة حقيقية واحدة قادرة على أن تكون حاملة للنشاط الجمعي المتفجر باستثناء جزء من المؤسسة الدينية بشكلها البسيط والذي تمثل بالمساجد وبعض أئمتها الذين وجدوا أنفسهم مدفوعين لقيادة العمل الاغاثي ثم السياسي وتحول بعضهم لقادة دون سابق معرفة وخبرة. باختصار كان المجتمع السوري بدون هيكل عظمي في ظل تفريغ كامل للمؤسسات التي عمل النظام خلال ال50 عاماً على تهميشها وتفريغها من مضمونها. وكان من الصعب على المجتمع أن يبني مؤسسات جديدة تحت الضرب والقصف والاعتقالات الجماعية والقتل الممنهج للنشطاء والثوار وبعد سحق هذه المؤسسات ونظمها خلال نصف قرن. وهذا ما أثر على مقدرة الثورة على انتاج قيادة حقيقية.

التعليقات