أين أنتم منهم؟!

أين أنتم منهم؟!
أين أنتم منهم؟! 

بقلم : سالي عابد

حقائق صادمة ، ووضع يحتاج إلى شبه معجزات ، وفتور غريب في تناول الحلول لمشاكلهم ، يستمعون إليهم عبر بوابات موصدة على آذانهم ، ترى من كل حدب وصوب من يتغنون بالاهتمام بهم ، ويدَعون بأنهم يأخذون آرائهم ومقترحاتهم على محمل الجد ، .... ومن ثم نحن جميعا نكون أمام اللاشيء.

إنهم يمثلون 30% من إجمالي السكان ، الشباب الفلسطيني ، يكفيك أن تبدأ بهذا العنوان وستنهال عليك مرارة أوضاعهم وتفاصيل حياتهم، فلا مستقبل يعرفون وجهته ، ولا خيارات يفاضلون بها ما بين السيئ و الأسوأ ، حيرة تأكل أعمارهم ، وبريق سرق من بين عيونهم ، فتشتد عتمة ملامحهم، وكشرة جبينهم عند أول سؤال يطرح عليهم ماذا تعمل الآن ؟

أرقام مخيفة ، ترتعب الأرض من أقدام حامليها، 29.2% نسبة البطالة، منها 46.4% في قطاع غزة ، و19% في الضفة الغربية ، أسباب كثيرة تقف على ارتفاع النسب هنا ، تبدأ بالاحتلال الإسرائيلي وتنتهي بنا، فلا عذر لنا أمامهم ولا حق بتبرير مسئولياتنا تجاههم.

جميع المؤسسات و القيادات تحمل عبء المسئولية والمساءلة مما يحدث مع شبابنا ، كم مرة اجتمعتم بهم ؟ كم لقاء وثق بآمالهم وطموحاتهم؟ كم مبادرة حملت حلمهم الوطني؟ كم حالة سكبت على روحها بنزين القهر وأشعلت النيران في جسد متآكل من اليأس؟ كم ... وكم....؟

البعض منهم وجد الطريق ، البعض منهم أنار شعلة في ظلام  المستقبل ، البعض منهم قال " القدس في الليل حلوة " ، هذه إحدى المبادرات الشبابية في مدينة القدس ، يتجمعون في الليل ويطردون أشباح الظلام و يغنون لأزقتها وشوارعها ويتجولون كقناديل مضيئة ، ويطلقون الثقافة والوعي و الهوية الفلسطينية الوطنية تسير في أروقة القدس العتيقة ، وهدف آخر يمر من خلال تعزيز صمود تجارهم وإحياء المدينة بتجذرهم والتفافهم حول بعضهم البعض ، ...  هل تعرفون أين نحن منهم؟

المجلس الوطني للشباب الفلسطيني ، عنوان آخر لمبادرة شبابية في قطاع غزة ، لملموا احتياجاتهم ، ونفضوا غبار الحصار والانقسام عنهم ، مثقفين وجامعيين اختاروا الشراكة في الوطن ولعنوا سلبية الحضور ، فنظموا ورشات العمل الهادفة لتوعية الشباب أمام الاستحقاقات الوطنية ، ورصدوا الوعي لكل شاب يتم اللقاء به عبر لقاءاتهم الدورية بالشباب ، وطالبوا أكثر من مرة الأخذ بمقترحاتهم والتعاون معهم ، هم شدوا الرحال إليكم ، فهل انتم شركاء لهم؟

بطالة الخريجين الشباب تجاوزت 50% ، هذه النسبة تدعونا جميعا إلى النظر في إستراتيجيتنا ، والوقوف على تداعياتها وإمكانية وضع الحلول المناسبة التي تبدأ من اختيار التخصصات وتنتهي بتوفير فرص العمل المناسبة ودعم المبادرات والمشاريع المقدمة من قبل الشباب ، لن أقول هم المستقبل والأمل و....و ..... الخ ، لكنني في مقام هذه النسب الخطيرة أقول أجيروهم أجاركم الله ، اتقوا الله فيهم يجعل لكم مخرجا ، حكموا ضمائركم أمام أعمارهم المسلوبة ، كل يوم يمر عليهم هو عام من الظلم والقهر ، وأسالوا أنفسكم ماذا فعلتم لهم وأين انتم منهم؟

[email protected]

التعليقات