من العلاقات الأردنية السعودية

من العلاقات الأردنية السعودية
بقلم عبد الله عيسى
رئيس التحرير

أثارت مؤخراً بعض المواقع الإلكترونية، ومواقع التواصل الاجتماعي، قضية غريبة زعم البعض أنها حدثت في الأردن، بإيعاز من الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي، وأنه تدخل في الشأن الأردني، وحرض بعض الأمراء الأردنيين، مما اضطر الملك عبد الله الثاني لإحالتهم للتقاعد من الجيش الأردني.

وأعتقد أن ما تم ترويجه في بعض المواقع سواء الأمريكية أو العربية، جاء في إطار واحد هو ممارسة الضغوط على الأردن والسعودية والسلطة الفلسطينية بشأن موضوع القدس.

 وبعض التفصيل، فقد مورست ضغوط منفصلة لكل دولة على حدة، سواء السلطة أو الأردن أو السعودية، وسنأتي على ذكر بعضها، فهناك ضغوط شديدة تمارس على الرئيس أبو مازن ليوافق على مبادرة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بصفقة القرن وقضية القدس تحديدًا، وتم قطع المعونات الأمريكية عن السلطة الفلسطينية، رغم أنها بأمس الحاجة لتلك المساعدات، ثم قطعت المساعدات عن الأردن وهي بحاجتها، ولم تكتف بعض الدوائر الخارجية بهذا، بل بثت الإشاعات بهدف إرباك الأردن.

المتابع للشأن الأردني يدرك تماماً أن الانقلابات ومحاولات الانقلاب غير موجودة بالقاموس الأردني، فعند وفاة الملك الراحل الحسين بن طلال، وعندما كان على سرير المرض، اتخذ قراراً بتعيين نجله الملك عبد الله الثاني ملكاً للبلاد في آخر أسبوع في حياته، وكان الأمير الحسن بن طلال شقيق الملك الراحل الحسين ولياً للعهد، ونائباً للملك لمدة 30 عاماً، أي أنه كان يتحكم بكل مفاصل الدولة، سواء الجيش أو المخابرات أو الوزارات والعشائر، ومع هذا عندما اتخذ الملك الحسين قراراً بتعيين نجله ملكاً للبلاد، وإقالة الأمير الحسن، اكتفى الأمير الحسن بالسمع والطاعة، وتنفيذ القرار الملكي.

ومن هنا، يتبين أن الانقلابات أو التمرد ليس موجوداً في القاموس الأردني ملكاً وحكومة وشعباً، وبعد أن اتخذ الرئيس الأمريكي ترامب بخصوص القدس، مارس ضغوطه على الأمير محمد بن سلمان شخصياً، وفجأة ودون سابق إنذار طلب منه فتح الموانئ اليمنية على مصراعيها، ليس فقط للمساعدات الإنسانية، وإنما للتبادل التجاري أيضاً، رغم أن السعودية تشتكي بأن هذه الموانئ وخاصة الحديدة، تستخدم لتهريب السلاح للحوثيين من إيران، ولم يكتف ترامب بهذا، بل طلب من بريطانيا وتحثهم بالاتصال ببريطانيا من أجل أن يمارسوا ضغوطاً على بن سلمان والسعودية من أجل فتح الموانئ اليمنية، وجاء هذا كله بعد قرار ترامب بشان القدس، أي أن أمريكا توزع الضغوط على الدول العربية وغيرها يميناً وشمالاً وبشتى الوسائل.

ومن هنا نقول: إن ما نشر هنا وهنا حول الأردن والإساءة للعلاقات السعودية- الأردنية، يأتي من أجل ممارسة الضغوط على الأردن والسلطة الفلسطينية والسعودية، وهنالك بعض الأسباب الداخلية في السعودية، تتعلق بمكافحة الفساد، ونقول: "أهل مكة أدرى بشعابها" و"للفساد أنياب"، وأنا أستبعد أن تبث إشاعات هنا وهناك، وأن البعض يركز الحملة على الأمير محمد بن سلمان، سواء في مواقع التواصل أو الفضائيات العربية والأجنبية.

كما أنه فجأة يتحرك الشارع الإيراني ضد النظام الحاكم، رغم أنه مضت سنوات طويلة على تحرك الشارع العربي ضد الأنظمة ولم يتحرك الشارع في إيران، وإذا استطعنا أن نربط ما يحدث بإيران مع تهديدات نتنياهو وليبرمان ضد حزب الله في لبنان، وضد المقاومة الفلسطينية بغزة، نستطيع القول: إن هنالك محاولة إرباك للسند والدعم الذي يأتي لحزب الله اللبناني والمقاومة بغزة، وربما كان ما يجر في إيران لإضعاف حزب الله والمقاومة الفلسطينية قبل أي مواجهة قد تحدث مع إسرائيل مستقبلاً.

وعودة إلى الشأن الأردني، فقد كان الموقف الأردني تجاه القدس من أقوى المواقف العربية والإسلامية على الإطلاق، وكان من المتوقع أن تمارس ضغوط شديدة على الأردن سواء بقطع المساعدات أو التلفيقات الإعلامية، وهذا يتطلب من كل الأشقاء العرب والمسلمين الحريصين على القدس أن تبقى عاصمة لفلسطين، أن يؤازروا السلطة الفلسطينية والأردن في مواجهة التحريض الأعمى ضد الأردن والسلطة وأي دولة عربية تستهدف حتى إعلامياً، فهنالك محاولة شيطنة للأنظمة التي تؤازر السلطة الفلسطينية.

التعليقات