رئيس وزراء بلا مستشارين

رئيس وزراء بلا مستشارين
بقلم عبد الله عيسى 
رئيس التحرير 

حدثني الإعلامي التونسي محمد على الحباشي في عقد الثمانينيات من القرن الماضي، أنه كان يعمل مذيعاً بالإذاعات التونسية، إضافة لعمله الصحفي، حيث كان يُعد ويُقدم برنامجاً إذاعياً تحت عنوان (حديث اليوم)، وأثناء قراءته للبرنامج صباحاً، أذاع خبراً وصله عن طريق وكالات الأنباء؛ بأن الرئيس الأمريكي رونالد ريجان، قد وصل بالاقتصاد الأمريكي إلى درجة من التفوق، رغم أنه لا يعتمد على مستشارين.

وأثناء وقت البرنامج الإذاعي، كان رئيس الوزراء التونسي محمد مازالي، يستمع إلى هذا البرنامج، فتوقف عند هذا الخبر فقط، وأثار انتباهه وإعجابه؛ لأن مازالي نفسه لم يكن يعتمد على مستشارين، وواجه مشاكل كثيرة بسبب الاقتصاد، وتعريب المناهج من اللغة الفرنسية إلى اللغة العربية، وكان يُفترض بالدول العربية، أن تدعم خطوة رئيس الوزراء بالتعريب، ولكن كعادتهم تخلوا عنه، فطلب من مدير مكتبه أن يتصل بالصحفي الحباشي، ويطلب منه النص الكامل للخبر، الذي يتعلق بالرئيس الأمريكي ريجان؛ ليوزعه في اجتماع مجلس الوزراء على الوزراء.

ويضيف الصحفي الحباشي فيقول: وقعت في إحراج كبير؛ لأن الخبر كان مسودة، ولم يكن منسقاً، واضطررت إلى كتابته من جديد وطباعته، وإرساله إلى مكتب رئيس الوزراء.

وكان رئيس الوزراء محمد مازالي قد تعرض لمؤامرات ودسائس، واضطر إلى الفرار من تونس إلى الجزائر ثم إلى فرنسا.

وكانت الصحافة التونسية طوال وجود رئيس الوزراء تمتدحه، وعندما فرّ إلى باريس، انقلبت عليه، وتحول إلى شيطان رجيم، وصادف أن سافرت في حينها إلى بلد عربي، واتصلت به وهو بباريس بحكم أنه كانت تربطني علاقه به، ومع بعض الصحفيين الذين كانوا يعملون معه مثل الدكتور أحمد القديدي، الذي انتقل بدوره إلى دولة قطر؛ ليعمل بالجامعة القطرية، وسألته عما جرى له، وفوجئت بعبارة توقفت عندها، عندما قال لي عن الصحافة (من مدحني ثم ذمني فقد كذب مرتين).

والحقيقة نحن في فلسطين عانينا كثيراً من قصة المستشارين منذ عهد الرئيس الراحل أبو عمار، عندما كان مكتب الرئيس يكتظ بمستشارين ما أنزل الله بهم من سلطان، صحيح أن هذه الظاهرة خفت، ولكنها لم تختفِ، وماتزال المسميات تظهر يوماً بعد يوم، حتى إن مرافقاً لعضو مركزية بفتح، يقضي عمله حاملاً سلاحه، ويمشي خلف عضو المركزية، الذي يزعم أنه مستشار للرئيس، والحقيقة أنه ليس مستشاراً للرئيس أو غيره.

وأذكر في بداية السلطة، أن البعض ممن جرى تعيينه في مؤسسات السلطة برتبة ملازم أو رائد، وكان يعمل مرافقاً لأحد المسؤولين، كان يطلب أيضاً مرافقاً له، حتى أصبحت المسألة مثيرة للاستهجان والغرابة، ولكن لاحقاً؛ وضعت السلطة الفلسطينية حداً لفوضى هذه التعيينات، وبدأت الأمور تنضبط أكثر.

التعليقات