من سجل العلاقات الفلسطينية الأمريكية

من سجل العلاقات الفلسطينية الأمريكية
بقلم عبد الله عيسى 
رئيس التحرير 

لم يلتفت كثير من الكتاب العرب والأجانب إلى محطات مهمة في تاريخ العلاقات الفلسطينية الأمريكية في حينها، وقد وصلت العلاقات الفلسطينية الأمريكية في سابق عهدها قبل قيام السلطة إلى درجة بالغة من السوء، ثم انعكست العلاقات بعد توقيع اتفاقية أوسلو ودخلت مرحلة جديدة في عهد الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون، وسوء تاريخ بين الإدارة الأمريكية ونتنياهو في حكومته الأولى، وحدثت أحداث النفق الشهيرة، وضغطت الإدارة الأمريكية من أجل انسحاب الاحتلال من الخليل بجهود أيضاً كبيرة من الرئيس المصري السابق حسني مبارك.

وتحسنت العلاقات الفلسطينية الأمريكية بشكل قياسي لم يحدث بتاريخ الصراع العربي الإسرائيلي؛ لدرجة أن إسرائيل أصبحت تتقدم بشكوى غريبة للإدارة الأمريكية تتهم أمريكا بالانحياز للسلطة الوطنية الفلسطينية، وكانت هذه اللغة السائدة لدي المسؤولين الإسرائيليين من الذين دائماً يشتكون بأن الإدارة الأمريكية منحازة للسلطة، وقام كلينتون بزيارة تاريخية للأراضي الفلسطينية، وكان يفترض لهذه الزيارة أن تؤسس لعلاقات أمريكية فلسطينية، يطمح لها الفلسطينيون على الأقل، وجري تنسيق فلسطيني أمريكي على مختلف المستويات، وعلى قدم وساق وبمختلف المجالات، وعقدت الإدارة الأمريكية جلسات مباحثات في واي ريفر وكامب ديفيد، ولكن هذه المباحات فشلت وفشل معها نتنياهو في إقناع الإدارة الأمريكية برأيه بالمفاوضات، حتى انهارت الأمور، واندلعت انتفاضة الأقصى الثانية.

وفي عهد الرئيس الأمريكي بوش الأب، وبعد انتهاء حرب الخليج أراد أن يقدم شيئاً لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وكانت العلاقات الأمريكية السورية في أوجها، وتوجه وزير خارجية أمريكا إلي دمشق، وأجري عدة مباحثات مطولة مع الرئيس الأسد حتي اتفقا في نهاية المطاف على عقد مؤتمر دولي للسلام، وكانت إسرائيل بحينها تطلب ضمانات أمريكية لقروض قيمتها 10 مليارات دولار، فرفض جورج بوش الأب منحها هذه الضمانات إلا بعد موافقتها على المشاركة بمؤتمر مدريد للسلام، وفي نهاية المطاف وافق إسحاق شامير رئيس وزراء إسرائيل بحينها، وقال مقولة ما زلنا نعاني منها حتى الآن (سنشارك بمؤتمر مدريد للسلام بناء على رغبة امريكا، ولكن ستكون مفاوضات للأبد) وقد تحققت مقولة شامير، ونحن نخوض خمسة وعشرين عاماً من المفاوضات العبثية، ولم تكتفِ أمريكا بموقفها السلبي باتجاه الضغط على إسرائيل، بل أيدتها تأييداً مطلقاً في عهد الرئيس ترامب.

وقبل ذلك، وبعد تولي أبو مازن رئاسة الوزراء بالسلطة الفلسطينية، وحدوث مشاكل أدت إلى مغادرته منصب رئيس الوزراء والسلطة، وفي حينها جاء الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن، أجرت صحيفة الشرق الأوسط السعودية لقاء صحفياً مطولاً مع جورج بوش الابن، وسأله الصحفي عبد الرحمن الراشد، هل تشعر أنكم تخليتم عن الرئيس أبو مازن فقال بوش: نعم لقد خذلناه، وأعتقد أن الأمور لو تكررت سوف نتصرف على نحو أحسن تجاه الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

وفعلاً بعد تولي أبو مازن رئاسة السلطة بعد استشهاد أبو عمار قال بوش الابن مقولة مهمة جداً (لن تنتهي ولايتي في رئاسة أمريكا حتي أعلن قيام الدولة الفلسطينية) وأثارت هذه المقولة تساؤلات عديدة حول مصداقية جورج بوش الابن، حتى إن أحد الصحفيين سأل الرئيس أبو مازن في لقاء صحفي، هل تُصدق إعلان الدولة الفلسطينية قبل نهاية ولايته، قال الرئيس أبو مازن: (وماذا تريدني أن أقول له، هل أنت تكذب، أنا مضطر أن أنتظر لينفذ كلامه).

ولكن جورج بوش الابن لم ينفذ كلامه، وترك الأمر للرئيس أوباما الذي أتى بعده، والذي أيضاً لم ينفذ شيئاً بل بقي موضوع الدولة الفلسطينية معلقاً، ثم جاء ترامب ليدمر كل الآمال التي كانت موجودة والرهانات على الإدارة الأمريكية، كي تلعب دوراً نزيهاً بالصراع، حتى إن القمة الإسلامية بتركيا، طالبت بالبحث عن وسيط نزيه في الصراع، وتطوعت أوروبا من خلال برلمانها خلال أيام كي تلعب دور الوسيط النزيه في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وحتى لو رفضت إسرائيل هذه الخطوات أو غير وسيط آخر غير أمريكا، فإن ضغوطاً شديدة سوف تمارس على إسرائيل سواء اقتصادية من الاتحاد الأوروبي أو ضغوطاً بمجلس الأمن، لأن القضية الفلسطينية لن تبقى لعبة في يد إسرائيل وأمريكا وخاصة قضية القدس.

التعليقات