أطفال من الخليل رفضوا قرار ترامب فنكل بهم الاحتلال

رام الله - دنيا الوطن
"مكثنا من الساعة الثالثة عصرا تقريبا وحتى حوالي الرابعة من فجر اليوم التالي في ساحة مكشوفة دون طعام، فقط القليل من الماء قدمه لنا جنود الاحتلال الإسرائيلي، ثلجنا ومتنا من البرد".

هكذا وصف الطفل عبد الرحمن عمرو (14 عاما) من الخليل، للحركة العالمية للدفاع عن الأطفال-فلسطين، ما حدث معه وعدد من أقرانه في السابع من الشهر الجاري في مدينة الخليل، على يد قوات الاحتلال الإسرائيلي التي اعتقلتهم ونكلت بهم خلال مواجهات اندلعت عقب إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب القدس عاصمة لإسرائيل.

وأثار إعلان الرئيس الأميركي موجة غضب واحتجاجات عارمة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، تمثلت بمسيرات تخللها مواجهات مع قوات الاحتلال في محافظات الضفة الغربية بما فيها القدس وقطاع غزة، ما زالت مستمرة حتى اليوم وأسفرت عن استشهاد ستة مواطنين وإصابة واعتقال المئات، بينهم أطفال.

وقال الطفل عمرو إنه توجه ذلك اليوم إلى باب الزاوية دون أن يكون لديه علم مسبق بوجود مواجهات مع قوات الاحتلال، فأمسك به الجنود واقتادوه إلى حاجز عسكري في شارع الشهداء بعد أن أوسعوه ضربا.

"انهال خمسة جنود عليّ بالضرب فوقعت على الأرض، كانوا يضربوني بأيديهم وأقدامهم وكان بعضهم يرتدي قفازات فيها حديد مدبب، كانوا يضربوني بها، ومن ثم أخذوني وأجلسوني باب أحد المحلات فرأيت حوالي 13 شخصا يجلسون هناك بعد أن اعتقلهم الجنود، منهم أطفال، وقد كان واضحا أنهم تعرضوا للضرب والتنكيل"، أوضح الطفل عمرو.

وتابع: "استمر الجنود في شتمنا وضربنا، وكان هناك دم ينزف من رأسي على وجهي جراء اعتداء الجنود".

وأضاف: "اقتادونا إلى شارع الشهداء وعند وصول الحاجز أدخلوني للكونتينر وصرخوا عليّ وسألوني عن كوفية، فأنكرت أنني كنت أرتدي كوفية أو أن أكون قد هربت أو ألقيت حجارة، وكانوا يشتمون ويصرخون وأنا أنكر كل شيء، وبعدها نقلونا بمركبة عسكرية كبيرة إلى مركز شرطة جعبرة في البلدة القديمة بعد أن كبلوا أيدينا بمرابط بلاستيكية وعصبوا عيوننا".

خضع الطفل عمرو للتحقيق داخل غرفة مقامة على الحاجز، وسأله المحقق عن إلقاء حجارة وسبب هروبه فأنكر الطفل كل شيء، فطبع المحقق أوراقا بثلاث لغات العبرية والعربية والإنجليزية وطلب من الطفل التوقيع عليها، ومن ثم تم تصويره وتبصيمه.

وقال الطفل: "بعد انتهاء التحقيق معي أخرجني الجنود إلى ساحة مكشوفة وأجلسوني على الأرض مع باقي المجموعة، فاستطعت وقتها أن أتعرف على عدد من الأطفال، أذكر منهم ف.الجنيدي، وجميعهم أقل من 18 عاما".

ويشار إلى أن صورة انتشرت على نطاق واسع جدا للطفل ف.الجنيدي وهو محاط بعدد كبير من جنود الاحتلال، بعد أن تم تكبيله وتعصيب عينيه.

مكث الأطفال في الساحة حوالي 13 ساعة في البرد القارس، دون طعام، فقط القليل من الماء وهناك من ذهب للمرحاض، وخلال هذه الفترة كان يتم التحقيق معهم فرادى، واستمر ذلك حتى الساعة الرابعة فجرا تقريبا، وفق إفادة الطفل عمرو، الذي قال "وقتها متنا وثلجنا من البرد".

وتابع الطفل عمرو: "نقلونا بعد ذلك وقد كبلونا بمرابط بلاستيكية إلى مركز توقيف عتصيون وهناك أجلسونا في ساحة خارجية، وكنت أرتجف من البرد الشديد وشعرت أنني سوف أتجمد، فقمت بالطرق على كونتينر قريب منا، فخرج جندي وأخذ بالصراخ عليّ فأخبرته أنني سأموت من البرد، فأدخلني إلى غرفة تحتوي على عدد من الأسرة وبعد حوالي ربع ساعة عاد وأخرجني منها".

وأردف: "بعد ذلك طلب مني جندي خلع ملابسي أمام المعتقلين، ففعلت ذلك وبقيت بالملابس الداخلية وعندما شاهد الدماء على ملابسي سألني عنها فقلت له إن الجنود ضربوني، وطلب من الجميع خلع ملابسهم وكان الجو شديد البرودة".

نُقل الطفل في حوالي الساعة التاسعة والنصف من صباح اليوم التالي مع ثلاثة آخرين بينهم ف.الجنيدي إلى مستشفى في القدس، ويقول الطفل عمرو: "وصلنا المستشفى في حوالي الساعة العاشرة والنصف صباحا ومكثنا حتى السابعة مساء وأمضينا معظم الوقت في الانتظار وكان برفقتنا خمسة جنود وقد أجلسونا على مقاعد للانتظار، ولكن عندما يحضر المستوطنون كان الجنود يطلبون منا الجلوس على الأرض، ويجلس المستوطنون مكاننا".

وأضاف: بعد أن تلقينا العلاج وخلال خروجنا ونحن باب المستشفى أخرج أحد الجنود هاتفه النقال وقال لـ ف.الجنيدي هذه صورتك وأنت تضرب حجارة، فأنكر الطفل ذلك، فأخذ الجندي يشتمنا ويصرخ علينا، وعندها تدخل شخص عربي كان برفقة زوجته وأطفاله وتعارك مع الجندي وأبعده عنا وقام بتصويره وقال له "سوف أفضحكم".

 جرى نقل الأطفال بعد ذلك إلى سجن "عوفر"، إلا أن الجنود أعادوا الطفل عمرو معهم إلى مركز توقيف "عتصيون" وكانت الساعة تقريبا 11 ليلا، حسب ما قاله الطفل.

 وتابع: "في عتصيون دار جدل بين جنود وعدد من المحققين، ثم أعادوني إلى مركبة وقالوا إنهم سيطلقون سراحي وفعلا فعلوا ذلك بعد أن أوصلوني شارع شهداء لكنهم أعطوني وصلا بمبلغ 2500 شيقل قالوا إنه يجب عليّ أن أدفعها يوم الأحد الساعة 10 صباحا".

وتتزامن الانتهاكات الإسرائيلية لحقوق الأطفال الفلسطينيين مع تصاعد الانتقادات الدولية للطريقة التي تتعامل بها إسرائيل مع هذه الحقوق، وذلك بعدم احترام إسرائيل بشكل مطلق للمعايير والمبادئ الدولية المتعلقة بحماية الأطفال، ففي الرابع عشر من شهر تشرين الثاني الماضي قدمت عضو الكونغرس الأميركي بيتي ماكولوم مشروع قانون لتعزيز حقوق الإنسان من خلال وقف الدعم الأميركي لوحدات جيش الاحتلال الإسرائيلي التي تنتهك حقوق الأطفال الفلسطينيين الذين يتم احتجازهم من قبل نظام المحاكم العسكرية الإسرائيلية، وحتى الآن لاقى هذا المشروع دعما من قبل 17 عضو كونجرس أميركي.