"مطلقة والله أعلم"... عليا الطلاق لغو قد يؤدي بعضه إلى الحرام

"مطلقة والله أعلم"... عليا الطلاق لغو قد يؤدي بعضه إلى الحرام
صورة تعبيرية
خاص دنيا الوطن
يبرر البعض لغوه بيمين الطلاق بأنه الخطأ المعفو عنه، وبأنه لا يقصد الطلاق بحد ذاته، بل هي لازمة للحديث ليس أكثر، لكن الشرع هنا له كلمة أخرى إذ إن الأمور ليست بهذه السهولة، كما يحلو للبعض تبريرها بل إن الأمور قد تصل أحياناً إلى هدم بيت الزوجية أو الوقوع في الحرام.

مطلقة.. والله أعلم

تتحدث الستينية أم عدي عن طبع مستفز في زوجها بأنه كثير الحلف بالطلاق يميناً أو غضباً فتقول: "زوجي عصبي وكلما تعرض لأمر ما أو مشكلة أو حتى حديث بينه وبين أحد يحلف بالطلاق بقوله: عليا الطلاق من مرتي، الأمر الذي يغيظني ويجعلني في حالة توتر دائمة".

وتضيف: "وما يزيد الطين بلة أنه يرفض الذهاب إلى مفتي بحجة أنه لا يقصد الطلاق بعينه، وأن الأمر وليد الموقف أو اللحظة لكنها تخشى أن تكون مطلقة جراء هذا اللغو".

"حينما أذهب إلى المفتي لأسأله عن هذا الموضوع يطلب مني إحضار زوجي ليؤنبه على كثرة الحلف بالطلاق لكن زوجي يرفض بقوله: ربنا رب قلوب وما كان قصدي أطلقك"، على حد قولها.

طلقة ترد طلقة؟؟

أما بسمة رؤوف (29 عاماً) فتقول عن تجربتها مع يمين الطلاق: "احتدم الخلاف كالعادة بيني وبين زوجي فحلف عليا يمين يقوله: عليا الطلاق منتي قاعدة بالبيت وعندها قررت الخروج من المنزل كي لا يقع الطلاق وفي طريقي للخروج من المنزل حلف علي يمين معاكس بقوله: عليا الطلاق منتي طالعة!

وتضيف: "احترت في أمري ماذا أفعل فأنا أمام موقفين معاكسين أأخرج أم أبقى في البيت؟ ويومها تدخل أحد أقرباء زوجي والذي هو أستاذ في الدين فقال لي: طلقة ترد طلقة ولا شيء عليه".

وبعد السؤال حول الحكم الشرعي لهذه الحالة تبين أن العلاقة الزوجية في هذه الحالة قد دخلت مرحلة الحرام طالما أنها لم تفتى من قبل المفتي.

والتساؤل الذي يتبادر لنا هنا، هل تكفي النية لمنع وقوع الطلاق بعد لفظه؟ وكيف تتم فتوى الطلاق من عدمه؟ وهل كل يمين هو طلقة؟ وما هي الطلقات التي تسجل رسمياً في المحكمة؟ وما الضوابط لردع الزوج عن هكذا سلوكيات؟

دار الإفتاء تعلق

حول هذه السلوكيات يعلق حسن اللحام مفتي محافظة غزة بقوله: "يكون الطلاق باللفظ الصريح، وهنا لا يحتاج إلى نية ويسجل بالمحكمة، وإذا تكرر الطلاق في نفس المجلس زماناً ومكاناً فإننا في دار الإفتاء نعتبره طلقة واحدة".

ويضيف: "هناك بعض الأزواج يحلفون بالطلاق وهم كثر في مجتمعنا الغزي، فإذا كان الطلاق بالحلف كأن يحلف على صاحبه ان يأكل لديه، ولم ينو به الطلاق،فهذا يأخذ حكم اليمين، وهنا فيه غرامة أو كفارة (إطعام عشرة مساكين) وهو المعمول به في دار الإفتاء بغزة كما هو الأمر بالنسبة لطلاق الغضب".

"طلاق الغضب لا يقع بشرط أن يكون الإنسان فعلاً لا يعي ماذا يفعل أو يقول، أما إن كان غضباً عادياً فإن الطلاق في هذه الحالة يقع والحل هنا يكون بفتوى وتسجل طلقة في المحكمة وتسمى الطلقة الرجعية، والتي بموجبها ترد الزوجة دون إشعار"، على حد قوله.

أما الطلاق البائن فيؤكد الشيخ اللحام: "لا يتم الرجوع بعد الطلاق البائن إلا بمهر وعقد جديدين، وذلك كي ترد الزوجة أما في الطلاق البائن بينونة كبرى فإن الزوجة تبين من زوجها ولا تحل له إلا أن ينكحها زوجاً غيره نكاحاً شرعياً بنية الزواج، وليس بنية التحليل، ويكون فيه دخولاً كاملاً فإذا تفرقا لخلاف ما أو مات عنها تحللت للزوج الأول".

الطلاق مرتان

فإذا طلق الرجل زوجته طلقتين متفرقتين في أزمنة متباعدة تقع الطلقتان، وتبقى الحياة الزوجية في خطر، فإذا صدرت منه الثالثة فهذه تكون القاضية، ولا تحل له زوجته حتى تنكح زوجاً غيره زواج رغبة وليس زواج تحليل.

هل من ضابط ورادع؟

يجيب اللحام: "من جاء طلباً للفتوى بيمين الطلاق أو طلاق الغضب، نحذره بأن الطلاق عدد، وليس مُدد، ونلزمه وفقاً للفتوى أن يدفع كفارة يمينه بأن يطعم عشرة مساكين كجزاء وغرامة كي لا يعود لمثل هذه الأمور أبداً".

ويختم حديثه بالقول: "نحن نتعامل باللين نوعاً ما وذلك لتجنب الطلاق الذي وصلت نسبته مؤخراً إلى 16% أو أكثر فتواجد الكثير من المطلقات والمطلقين، وما بينهم من أولاد يؤثر سلباً على المجتمع".

هل تشطب الطلقة في المحكمة؟

يجيب الدكتور حسن الجوجو رئيس المجلس الأعلى للقضاء الشرعي رئيس المحكمة العليا الشرعية بقوله: "شرعاً هناك ما يسمى بهدم الطلقات بمعنى أن الزوج لو طلق زوجته ثلاث والأخيرة كانت في حال الغضب تشطب الطلقة الأخيرة بدعوى قضائية تتبين فيها المحكمة من حيثيات الواقعة".

مُحامي شرعي

يقول إياد عاشور (محامي شرعي) حول الموضوع: "هناك شيء في القانون يسمى دعوى إبطال طلقة، وهي قضية ليست سهلة بالمطلق، وبالتالي من الصعب الحصول على حكم فيها، فأنا قد ترافعت في قضية من هذا النوع ثلاث مرات، وللأسف لم نحصل على حكم فيها، وذلك لصعوبة إجراءاتها وبيناتها وأدلتها التي تطلبها المحكمة".

ويضيف: "قبل أن تبت المحكمة في هكذا قضايا يجب أن تتحقق من الحيثيات بشدة، وذلك لأنها تدخل ضمن النوايا لذلك صعب جداً الإفتاء في هكذا قضايا كونها شرعية أكثر منها قضائية".

مواقف ترويها زوجة الكحلوت

تتحدث زوجة الشيخ عبد الكريم الكحلوت مفتي محافظة غزة السابق رحمه الله عن مواقف حدثت في حياة زوجها فيما يتعلق بالفتاوى وتقول: "ذات يوم دق باب البيت، وكانت الساعة الثانية بعد منتصف الليل، فإذا برجل جاء طالباً فتوى في طلاق (ثلاث طلقات) صدرت عنه بعد خلاف شديد مع زوجته".

وتضيف: "غضب الشيخ للواقعة غضباً شديداً، وأنب الرجل بشدة لكنه في نفس الوقت لم يكن متزمتاً بل متسامحاً فأفتى له بأن الطلقات تعد طلقة واحدة كونه حدث في نفس الزمان والمكان وطلب منه تسجيل هذه الطلقة في دار الإفتاء".

وتسترسل حديثها بالقول: "في إحدى المرات جاء رجل وقد صدرت منه الطلقة الثالثة ضد زوجته ولا فتوى فيها فأخذ الشيخ يبكي جراء الحادثة، وذلك لأن الطلاق بينونة كبرى قد وقع ولا مناص إلا بمحلل شرعي كي تعود الزوجة لزوجها.

يذكر، أن هناك زوجات تصر على أن ترى ورقة الإفتاء حيال الطلقة بأم عينها، وتكون مختومة كي تتأكد بأن زوجها أفتى خوفاً من أن تعيش مع زوجها بالحرام، فبعض الرجال قد يكذب عليها بأنه ذهب للمفتي بينما هو لم يذهب.

هذا وقد وصلت معدلات الطلاق في قطاع غزة في إحصائية العام السابق 2016 إلى 16.6%، وفقاً لأحدث إحصائية كان قد ذكرها الشيخ حسن الجوجو.

التعليقات