تفنيد أكاذيب الواقع

تفنيد أكاذيب الواقع
نبض الحياة 

تفنيد أكاذيب الواقع 

عمر حلمي الغول 

في ذرائعه الباهتة والمتناقضة مع الواقع إدعى دونالد ترامب، إنه لم يفعل شيئا "سوى الإقرار بالواقع في القدس، حيث مبنى الكنيست ومؤسسات الحكومة موجودة هناك، ويلتقي رئيس الوزراء مع رؤساء الدول والوزراء في القدس. كما يوجد قرار من الكونغرس إتخذ بأغلبية كبيرة منذ العام 1995، وأنا نفذت القرار." وكان ناقض التاريخ حين إدعى ان القدس عاصمة لإسرائيل واليهود منذ 3000 عام. 

ولا يود المرء التوقف أمام تزوير التاريخ، والجهل فيه، او التساوق مع الرواية الصهيونية الكاذبة، لإن هذا الأمر بائن كما قرص الشمس في حال أراد ترامب معرفة الحقيقة. كما بإمكانه ان يعود لعلماء الآثار الإسرائيليين، الذين بحثوا طيلة السبعين عاما الماضية ولم يجدوا أثرا يشير للهيكل الثالث، ولا حتى لغيره من الآثار التي تتعلق باليهود في فلسطين عموما. 

أما على صعيد قرار الكونغرس المعترف بالقدس عاصمة لدولة إسرائيل الإستعمارية قبل 22 عاما خلت، هل حاول أن يسأل الرئيس الأميركي نفسه، لماذا لم يقر الرؤساء الأميركيون بما صادق عليه الكونغرس؟ وهل قرار الكونغرس الأميركي المنحاز بشكل أعمى لصالح الإستعمار الإسرائيلي بات ناظما لسياسة الإدارة، وهي تعلم أن أعضاءه محكومين في معظمهم بأموال الرشوة المدفوعة من الإيباك والمؤسسات الصهيونية، والحسابات الشخصية الضيقة؟ هل هو جبن ام حكمة سياسية؟ هل لديهم ما يخشونه من الفلسطينيين أو العرب أم إلتزاما منهم بمكانة ودور الولايات المتحدة كمرجعية وراعية لعملية السلام، وإحتراما لقرارات الشرعية الدولية؟ وهل صاحب الشعر الأصفر أكثر فروسية من الرؤساء الأميركيين السابقين، أم أن الصهاينة والموساد لديهم من الوثائق ما سمح لهم بإحالة الرجل إلى إلعوبة بيدهم لتنفيذ مآربهم الإستعمارية؟ وهل الشجاعة تعني الإعتداء على مصالح وحقوق شعب يناضل منذ قرن لتحقيق إستقلاله؟ وهل الشجاعة تعطي الرئيس الأميركي الحق بإمتهان مرتكزات عملية السلام القائمة منذ ال29 من نوفمبر 1947؟ وعن أي واقع يتحدث الرئيس المسكون بالنرجسية وعقدة العظمة؟ وهل سياسة وجرائم وإنتهاكات الإستعمار الإسرائيلي المتناقضة مع قرارات الشرعية الدولية وحقائق التاريخ تصبح "حقائق"؟ كيف؟ وعلى أي اساس؟ وهل المؤسسات والمستعمرات الإسرائيلية التي تقيمها دولة التطهير العرقي الإسرائيلية أمست من وجهة نظر ترامب حقائق على ابناء الشعب العربي الفلسطيني "الإعتراف" بها، والتعامل معها دون إعتراض او مقاومة؟ وهل هكذا سياسة يمكن ان تؤصل لبناء ركائز عملية سلام؟ 

على مدار التاريخ لم تقبل الدول والشعوب بإجراءات وإنتهاكات الدول الإستعمارية، وقاتلت الشعوب الواقعة تحت نير الإستعمار ضد ما فرضته الدول الإستعمارية على الأرض من معسكرات لجيوشها او مؤسسات اي كانت مسمياتها وعناوينها أو إستخداماتها السياسية او الأمنية، لإن ما تنفذه دولة الإستعمار لا يملك أية شرعية قانونية او سياسية، بل هو متناقض مع الشرعية الأممية، وهو شكل من اشكال العدوان والتطاول على حقوق ومصالح الشعب الواقع تحت الإحتلال. وبالتالي ما إعتبره الرئيس الأميركي "حقائق"، إنما هي حقائق إستعمارية غير مشروعة، ومتناقضة مع قرارات وقوانين ومواثيق الشرعية الدولية، ولا يمكن للشعب المستَّعمر قبول إملاءات وإنتهاكات الدولة المستعمِرة. والتطلي خلف هذة المقولة يعكس حجم وبؤس الإفلاس السياسي والأخلاقي للادارة الأميركية ورئيسها غير المتزن، والفاقد للأهلية السياسية. وعلى ترامب ان يراجع ذاته قبل فوات الآوان، لإن الإيباك وأنصارهم في مراكز صنع القرار الأميركي سيركلوك خارج المشهد السياسي بعدما أخذوا منك ما يريدوا، لإنك أمسيت تشكل عبئا عليهم، رغم ما فعلته من أجلهم. وبغض النظر عما سيفعلوه معك، فإن الشعب الفلسطيني يرفض قرارك وقرار الكونغرس، ويؤكد ان الإدارة الأميركية سقطت سقوطا مريعا في إختبار رعاية عملية السلام، ولم يعد لك ولا لإدارتك اي دور في حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

[email protected]

[email protected]   

التعليقات