الانتفاضة الثالثة

الانتفاضة الثالثة
بقلم عبد الله عيسى 
رئيس التحرير 

لقد اندلعت الانتفاضة الثانية انتفاضة الأقصى بقرار وتأجيج من باراك رئيس الوزراء الإسرائيلي بحينها؛ لأسباب إسرائيلية انتخابية بحتة، فقد كانت استطلاعات الرأي تشير إلى حصول نتنياهو على 18% من الأصوات، وشارون يحصل على 7%، وكان باراك 20% وكانت خشية باراك من نتنياهو، وليس من شارون، فأراد أن يدفع بالبلدوزر شارون للمسجد الأقصى باعتباره لا يشكل تأثيراً انتخابياً، وكان الهدف من اقتحام شارون لحرم الأقصى إضعاف نتنياهو أمام باراك، وقبل 48 ساعة من دخول شارون المسجد الأقصى، كان وفد فلسطيني رفيع المستوي يزور باراك بمنزله، ويقول لاحقاً أبو عمار عن هذا اللقاء إنني حذرت باراك من مغبة تدنيس شارون للمسجد الأقصى، وأنه سوف يؤدي لاندلاع انتفاضة الأقصى، وحاول باراك كاذباً أن الأمور تحت السيطرة، فدخل شارون المسجد الأقصى بحراسة ثلاثة آلاف جندي، بتعليمات واضحة بإطلاق النار على المتظاهرين بتعليمات من باراك، أي كان اللقاء خديعة بمنزل باراك للجانب الفلسطيني، وكلها لحسابات انتخابية إسرائيلية، أي دائماً الدم الفلسطيني يقحمونه بانتخاباتهم، والفلسطيني يجب أن يدفع الثمن لانتخاباتهم وانتخابات أمريكا .

والدليل على ذلك، محاولة اغتيال مشعل بعمان عام 1999 عندما طلب نتنياهو من المجلس الأمني المصغر المكون من ثلاثة أجهزة أن يقوم باغتيال أي شخصية لتعديل المنصب الانتخابي، وكانت أمريكا لا تريد نتنياهو بأي شكل من الأشكال لتطاوله على كلينتون، فرفضت الأجهزة الأمنية القيام بأي عملية، وقالوا في الموساد والشين بيت، والاستخبارات العسكرية لسنا جاهزين، ولكن بالنهاية أقنع الموساد بالعملية، وعندما ذكروا الأسماء، ووضعوا خالد مشعل على رأس الاغتيالات، قال نتنياهو هذا ضالتي، ووضع أصبعه على اسمه، فحدثت العملية الفاشلة بإذلال إسرائيل، بعد أن قلب الملك حسين الطاولة على إسرائيل ونتنياهو شخصياً، وأرسل شقيقه الحسن لواشنطن، وقابل الرئيس الأمريكي، وأرسل فيديو العملية، واعترافات خلية الموساد لدي أجهزة الأمن الأردنية، وحاولت إسرائيل استرضاء الأردن بأي شكل، فأطلقت سراح الأسير الشيخ أحمد ياسين، وخمسين أسيراً فلسطيناً، وقررت الأردن منع نتنياهو من دخول الأردن لسنوات، حتي رفع الحظر مؤخراً بعد سنوات طويلة .

وبقيت الأردن عقدة نتنياهو التي يخشاها لأن رود فعل الأردن لا حدود لها رغم المهاترات الإعلامية التافهة، التي تتناولها الصحافة الإسرائيلية وبعض السياسيين الإسرائيليين ضد الأردن .

وبالأمس أعلن الرئيس الأمريكي ترامب القدس عاصمة لإسرائيل، وهذه أول مرة بالتاريخ أن يتم إعلان عاصمة دولة لدولة أخرى. 

كما قال صائب عريقات أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، والدليل على لعبة باراك وخديعته في الانتفاضة الثانية فيما كشفه الطيبي عن إقرار موفاز رئيس الأركان الإسرائيلي الذي أعطى تعليمات فورية للجيش الإسرائيلي بأن يقتل يومياً ما بين سبعة إلى ثمانية فلسطيني، فخرج موفاز وقال: إنها تستغرق من ثلاث إلى خمس سنوات وهكذا فعلاً حصلت، ولكن التطور الأغرب كان أن شعبية باراك نزلت وشعبية نتنياهو أيضاً، وارتفعت شعبية شارون، وفاز بالانتخابات حينها .

سؤال وحيد بعد: هل إن كانت قامت دول الخليج بدفع نحو 500 مليار دولار لترامب، هل كان سيجرؤ على فعل ذلك، وإعلان القدس عاصمة لإسرائيل، لم يكن يجرؤ أن يفعل ذلك لأنه كان يخشي مقاطعة دول الخليج له، ولكنه أخد الأموال سلفاً ضد إيران فحولها ضد الفلسطينيين، واليوم، أعلن الدكتور إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس بصراحة ووضوح عن إعلان اليوم الثامن من ديسمبر انتفاضة ثالثة للقدس والضفة، وأعلن الرئيس أبو مازن بالأمس أن أمريكا لم تعد وسيطاً نزيها لعملية السلام، ولا نقبل برعايتها لعملية السلام، وأيضاً قال الدكتور رامي الحمد الله من غزة عن إجراءات عديدة لتعزيز الوحدة الوطنية، وأن الرئيس أبو مازن قال: لن نلقي بأي موظف بالشارع من موظفي حماس وموظفينا، وبدأ الدكتور باجتماعات مع سلطة الطاقة لتحسين وضع الكهرباء بغزة، وإجراءات عديدة لصالح المواطن بغزة، وأعلن الدكتور الحمد الله، أن قرار ترامب حبر على ورق ولا يعنينا بشيء، وأن القدس الشرقية هي عاصمة فلسطين .

بقيت حسابات ترامب الخاطئة كعادته، صحيح أن الدول العربية في معظمها أصبحت ضعيفة ومشلولة، ولكن نسي دول الطوق مثل حزب الله والمقاومة الفلسطينية بغزة وعلى رأسها حماس ولحزب الله وحماس تجربة طويلة مع الاحتلال، فقد تمكن حزب الله أن يجعل إسرائيل تنام بالملاجئ لمدة شهر في حرب تموز 2006 وأيضا الفصائل الفلسطينية أن تنام إسرائيل شهرين في حرب تموز 2014 فهل تستحمل إسرائيل متل هذا الرد من حزب والله والمقاومة بغزة، فماذا سوف يفعل ترامب لإسرائيل لا شيء ولاسيما أن حزب الله لديه قوة صاروخية مخيفة ليس مثل 2006 وأعلن حسن نصر الله قبل شهر بأنه زود حركة حماس بصواريخ (كورنيت) ضد الدبابات، وهي التي قامت بمجزرة الدبابات بجنوب لبنان في 2006 فهل تتحمل إسرائيل مجازر دبابات جديدة في قطاع غزة وجنوب لبنان، وإذ كانت تسطيع مثل هذه الخسائر الفادحة، كما قال الدكتور إسماعيل هنية، أن قرار ترامب يفتح سيناريوهات مخيفة ومرعبة بالمنطقة. 

وإذ كانت حسابات ترامب خاطئة لجلب أصوات اليهود في انتخاباته، فإنه سوف يتحمل كل ما يجري بالمنطقة، والشعب الأمريكي سيطرده مذعوراً مدحوراً حتي اليهود سينقلبون عليه، ولن يبقي معه إلا المتطرفون يقرعون طبول الحرب، ولا يجدون له نفعاً، فقد أثبت ترامب بأنه إسرائيلي أكثر من الإسرائيليين فالإسرائيليون المعتدلون، رفضوا خطوة ترامب، لأنها ستجلب الحروب والويلات لإسرائيل .

التعليقات