عطا الله حنا: "لا يحك جلدك الا ظفرك"

عطا الله حنا: "لا يحك جلدك الا ظفرك"
رام الله - دنيا الوطن
 قال سيادة المطران عطا الله حنا رئيس اساقفة سبسطية للروم الارثوذكس بأنه يبدو ان الرئيس الامريكي ترامب قد تخلى عن انسانيته باعلانه ان القدس هي عاصمة لاسرائيل كما انه تخلى عن مسيحيته التي يدعي بأنه ينتمي اليها ، فقد ظهر في هذا المساء الوجه الحقيقي للسياسة الامريكية المعادية لشعبنا الفلسطيني ولامتنا العربية .

قال ما قاله بالقرب من شجرة الميلاد متجاهلا بشكل كلي رسالة عيد الميلاد، قال ما قاله في غرفة مضاءة بالانوار والزينات متجاهلا صاحب العيد الذي ولد في مغارة بيت لحم وعاش في فلسطين وقدم كل ما قدمة للانسانية في فلسطين ، تجاهل بأن الذي نحتفي بميلاده اتى لكي ينشر قيم المحبة والاخوة والرحمة بين الناس ولكي يكون منحازا للفقراء والمعذبين والمهمشين والمضطهدين ، اتى لكي يكون الى جانب كل انسان مظلوم ومتألم ، اليوم اظهر ترامب الوجه الحقيقي للسياسة الامريكية وهي سياسة لا علاقة لها بقيم اخلاقية او انسانية او روحية ونحن لا نتوقع من القيادة السياسية الامريكية غير العداء لشعبنا ولامتنا .

اين انت يا ترامت من رسالة المسيح الذي اتى الى هذا العالم لكي يكون نصيرا للمتألمين والمعذبين ، اين انت من المسيحية التي انحازت دوما لقيم العدالة والدفاع عن حقوق الانسان ونادت وتنادي برفع الظلم عن المظلومين.

اليوم اعلنت انحيازك للظالمين على حساب المظلومين واعلنت ما لا يحق لك ان تعلنه فمن اعطاك الصلاحية لكي تعلن بأن القدس هي عاصمة لاسرائيل ومن خولك بذلك . 

لقد اغرقت السياسة الامريكية مشرقنا العربي بالفوضى والفتن والحروب والعنف والارهاب لكي نصل اليوم الى هذا الاعلان المشؤوم من بيت يقال انه بيت ابيض ولكنه تحول بالنسبة الينا الى بيت اسود تمتهن فيه كرامة الشعوب وحريتهم .

لقد كانت امريكا وما زالت سببا في كثير من النكبات والنكسات والكوارث التي حلت بمنطقتنا العربية كما وبغيرها من الدول والشعوب .

لقد اعلن ترامب بأن القدس هي عاصمة لاسرائيل ونحن نقول له ولمعاونيه بأن القدس لن تكون الا عاصمة لفلسطين ولن تكون الا عاصمة للسلام وليس مكانا للعنف والتطرف والكراهية التي تؤجهها السياسات الاحتلالية بحق مدينتنا ومقدساتنا واوقافنا .

ان اعلانك اليوم انما هو صفعة لكل انسان حر في هذا العالم ، انها اهانة لشعبنا الفلسطيني ولامتنا العربية ولكن وكما يقال في لغتنا " لا تكرهوا شيئا لعله خير لكم " واليوم فإن اعلان الرئيس الامريكي اماط اللثام عن السياسة الامريكية الحقيقية في منطقتنا والتي كانت دوما منحازة لاسرائيل ومعادية لشعبنا الفلسطيني ولامتنا العربية .

ان هدية ترامب لشعبنا في عيد الميلاد كانت هذا الاعلان المشؤوم الذي لن يزيدنا الا ثباتا وصمودا وتمسكا بمدينتنا المقدسة ودفاعنا عن مقدساتها واوقافها التي يستبيحها الاحتلال ليل نهار .

نقول ومن رحاب مدينتنا المقدسة بأننا باقون فيها والاجراء الامريكي الاخير لن يغير شيئا من الواقع فمدينتنا ما زالت تعاني من الاحتلال الذي يجب ان يزول ومدينتنا تعاني من سياسات ظالمة تستهدف شعبنا الفلسطيني في كافة مفاصل حياته .

اوجه ندائي اولا الى شعبنا الفلسطيني بضرورة ان نكون موحدين لكي نواجه هذه المؤامرة التي تستهدف مدينة القدس ، اقول لشعبي الفلسطيني " لايحك جلدك الا ظفرك " فلا تتوقعوا ان يأتينا النصر من اي مكان في هذا العالم ومن راهنوا على البيت الابيض عليهم ان يكتشفوا حقيقة هذا البيت الذي فيه تتخذ القرارات المعادية للانسانية والمعادية لقضايا العدالة والحرية والدفاع عن حقوق الانسان .

نناشد امتنا العربية من المحيط الى الخليج بألا يتخلوا عن واجباتهم تجاه القدس والا يتنصلوا من مسؤولياتهم تجاه هذه المدينة التي تحتضن اهم مقدساتنا الاسلامية والمسيحية ، لا تتركوا مدينة القدس وحيدة تقارع جلاديها ولا تتركوا شعبنا الفلسطيني وحيدا يدافع عن القدس وتاريخها وتراثها وهويتها ومقدساتها .

ان الموقف الامريكي العدائي لن يزيدنا الا ثباتا وصمودا وتشبثا وانتماء ودفاعا عن مدينتنا المقدسة ، فلا كرامة لنا بدون القدس ولا حرية لنا بدون مدينتنا المقدسة ، وما حدث مساء اليوم لن يغير من قناعاتنا ومن ثوابتنا ومن مواقفنا الراسخة بضرورة الدفاع عن القدس وحمايتها واستعداتها لكي تكون عاصمة لدولتنا الفلسطينية .

اناشد المرجعيات الدينية الاسلامية والمسيحية بأن ترقى الى مستوى الحدث وما حدث انما هي جريمة نكراء بحقنا جميعا ، انها جريمة تستهدف عاصمتنا وقبلتنا وحاضنة مقدساتنا ، انها تستهدف كرامتنا وحريتنا وهوية مدينة القدس العربية الفلسطينية .

اما اصدقاءنا في العالم فهم مطالبون اليوم اكثر من اي وقت مضى بأن يكونوا الى جانب شعبنا وقضية هذا الشعب العادلة وان يكونوا الى جانب القدس المستهدفة في تاريخها وتراثها وهويتها .