المصالحة والمهاترات

المصالحة والمهاترات
بقلم عبد الله عيسي 
رئيس التحرير 

رغم فرحة الجماهير كلها بإنجاز المصالحة التاريخي وإنهاء الانقسام، إلا أن العثرات بقيت متواصلة، وظهرت واضحة من خلال تصريحات بعض قادة الفصائل الفلسطينية مثل فتح على لسان عزام الأحمد والجهاد الإسلامي على لسان زياد النخالة والجبهة الشعبية على لسان جميل مزهر، الذين طالبوا فتح بألا يكون التمكين بالإقصاء، رغم أنهم عملياً ابتعدوا عن تفاصيل المصالحة، ولم يقتربوا منها، وأرادوها توزيع حصص، ولكن القصة هي إنقاذ وطن ومستقبل القضية الفلسطينية.

لقد رد القيادي زياد النخالة رداً شديداً جداً على عزام الأحمد، عندما اتهم عضو مركزية فتح، بعض قيادات حركة الجهاد الإسلامي، بأنهم يحاولون إفشال المصالحة، وقال: كيف سنفشل المصالحة، ونحن لسنا طرفاً فيها ولا طرفاً بأي وزارة.

حتي لو كان الأمر كذلك، لماذا لا تكون طرفاً بالمصالحة مع الجبهة الشعبية والجبهة الديمقراطية وحماس، فكلما تعددت الأطراف المشاركة بالمصالحة، زادت قوة هذه المصالحة وعدم تعرضها للانهيار، فتعدد الأطراف هو عنصر حماية للمصالحة، والطرف الوحيد من خارج فلسطين الذي يعمل على دعم المصالحة، هو الجانب المصري بجهوده الخيرة، فلماذا لا تنضم هذه الفصائل لإنهاء الانقسام إلى الأبد، حتي يشعر المواطن الفلسطيني في أي مكان بمزايا المصالحة.

فالمشاكل والعقبات التي تواجه المصالحة كثيرة ومتعددة، وتحتاج إلى جهد كبير، لإنهائها مثل الكهرباء والمعابر الوظائف وراتب الموظفين سواء موظفي فتح أو حماس، وهذه أمور حياتية ضرورية، ويجب الاتفاق على حلول جذرية لها وإلى الأبد، أما تضييع الوقت في بحث هيكلية منظمة التحرير الفلسطينية، فهذا يعني أنه ترف لا طائل منه في الوقت الراهن، ولا يهم الشارع الفلسطيني بشيء، وإنما هي محاصصة فقط ولا تعني الشارع، لأن أولى اهتمامات الشارع الفلسطيني، خاصة في قطاع غزة، هي القضايا الحياتية اليومية التي ذكرناها، فهو الذي يريد أن يلمس جهداً حقيقياً، فالمريض الذي يبحث عن علاج، وكذلك الطالب المسافر الذي يريد أن يلتحق بدارسته بالخارج لا يهتمون بهيكلية منظمة التحرير، بل يهتمون بالسفر للعلاج والدراسة، والمواطن العادي يهمه أن يرى الكهرباء 24 ساعة في بيته، بعد أن أصبح قطاع غزة، يسبح في بحر من المولدات الكهربائية، ويعيش بالظلام ليل نهار، وقد انتظر شهوراً عدة؛ كي تُنجز المصالحة ما يتمناه، إلا أننا نراها بدأت تنزلق نحو مهاترات كلامية بين فتح والفصائل لا طائل منها.

التعليقات