من زمن حرب أكتوبر

من زمن حرب أكتوبر
بقلم عبد الله عيسى 
رئيس التحرير

لا تُنسى حرب أكتوبر المجيدة سنة 1973 مع مرور السنوات والزمن، بل نتذكرها دائماً، ونتذكر هذه الروح التي سادت أثناء الحرب، والتي نأمل أن تسود مصر وفي هذا الوقت .

فأثناء اندلاع الحرب أتى الموسيقار بليغ حمدي مع زوجته الفنانة وردة إلى مبنى التلفزيون المصري، وطلبا أن يدخلا فمُنعا خوفاً من أعمال شغب في ظروف كهذه، وعندما أصر على الدخول مع زوجته وردة إلى رئيس التليفزيون، قال لهم إن البلد في حالة حرب ولا يمكن أن أُدخلكما، قال بليغ حمدي جئنا لنشارك بالحرب ولا يعقل أن تكون هذه الحرب الطاحنة تدور على الجبهات وجيشنا يبذل كل التضحيات ونحن نيام في بيوتنا، فأرجو السماح لنا كي نشارك .

فاستغرب مدير عام التليفزيون من هذا الطلب بهذا الوقت، وسمح لهما بالدخول على مضض، فمكثا بالتليفزيون 24 ساعة، بليغ يلحن ووردة تغني، فغنت أروع أغاني الحرب، فقام التليفزيون بإذاعة الأغاني لروعتها، وعلق الإعلامي إبراهيم حجازي على هذه الحرب، وكان مقاتلاً على الجبهة، بالقول كنت مقاتلاً، ومع المقاتلين راديو (ترانزستور) ونستغرب من أين جاءت أغاني وردة التي تتحدث عن الحرب، وكانت معنوياتنا تصل إلى عنان السماء، عندما نسمع لهذه الأغاني.

وللأسف بعد الحرب وبعد مضي عشرات السنين عليها، لم يقدم أي أحد في مصر في القطاع العام أو الخاص على إنتاج فيلم سينمائي، يتحدث عن حرب أكتوبر من الألف إلى الياء، وحتي فيلم (مازالت الرصاصة في جيبي) أورد بعض المشاهد الخجولة عن الحرب، وباختصار، وتناول قضايا اجتماعية أكثر من قضايا الحرب، حتي فيلم السادات للراحل أحمد زكي أتى بمشاهد خجولة عن الحرب، بينما أتى القذافي بالمخرج الكبير مصطفي العقاد لعمل فيلم عن المجاهد عمر المختار أسد الصحراء، وكان يتحدث الفيلم عن الجهاد الليبي ضد الاستعمار الإيطالي، ولاحقاً طالب القذافي بتعويضات لليبيا، قامت إيطاليا بدفعها لليبيا، وأخذ نجل عمر المختار، وقام الرئيس الإيطالي برليسكوني بتقبيل يده احتراماً لوالده. 

إضافة لفيلم المخرج الراحل مصطفي العقاد عن الإسلام فيلم الرسالة، وكان باللغتين العربية والإنجليزية، وكانت هذه الأفلام موجهة للعرب والعالم، وفي آخر أيامه، طالب بعمل فيلم عالمي عن صلاح الدين الأيوبي، وكان فيلم عمر المختار لا يتجاوز تكلفته 6 ملايين دولار، بينما أفلام مسلسلات هيفا وعاد الإمام وغيرها كلفت الملايين، ولم يتطوع أحد أن يكتب فيلماً أو مسلسلاً عن حرب أكتوبر من الألف إلى الياء بوجه النظر المصرية .

وبقيت حرب أكتوبر متل اليتم بلا أب، ورغم أن (بي بي سي) أنتجت مسلسلاً وثائقياً عن حرب أكتوبر بمعلومات ضخمة، وقامت بثه العربية، وقامت روسيا اليوم ببث شهادات للتاريخ لضباط مصريين وإسرائيليين وروس، وهذه النقطة لاتزال وصمة عار في جبين الإعلام المصري؛ لتخاذله إزاء ما جرى بحرب أكتوبر، ونأمل أن يقوم الإعلام المصري بإصلاح هذه النقطة.

التعليقات