النظامية والبرمجة اللغوية العصبية
د يسر الغريسي حجازي
من منا لا يريد في بعض الأحيان التخلي عن كل شيء، وعزل نفسه, وعدم الرغبة في إدارة مهامه اليومية؟ من منا لا يواجه ضغوط في تنظيم حياته الشخصية, والعائلية, والمهنية؟ لماذا كل المشاكل تحدث في نفس الوقت؟ انها بكل صدق الضغوطات التي تتزايد شيئا فشيئا لغاية ما تصبح عضلاتنا مخدرة, واجسامنا مريضة، وعقولنا مضطربة. بما ان كلنا نشعر بالعجز, لا يوجد أحد للاستماع إلىنا حتي يمنحنا البعض من الراحة، وذلك لأننا جميعنا نعيش في نفس المعضلة. لم يعد هناك وقت فراغ، وإذا كان لدينا ذلك, نحن لا نعرف كيفية التمتع به، وهذا هي مشكلتنا بالصبط. كما ان كل شيء من حولنا يبدو لنا معقد، وتنقصنا الطاقة لتنظيم حياتنا، ازواجنا، وأطفالنا، وصحتنا، وتعليم اطفالنا، واتقان عملنا، وتحقيق اهدافنا في حياتنا ان كان مع الأسرة او القدرة علي تحقيق انجازاتنا. نبقي في التفكير والقلق في انجاز العمل المنزلى، و تخليص الضرائب، واصلاح السيارة، و دفع الفواتير, وغيره. إذا كانت شؤونك المنزلية متناثرة وغير مرتبة، فهذا لا يعني أنك فوضوي، ولكن بدلا من ذلك, يعني ذلك ان كل شيء فوضوي في رأسك، وتنقصك القدرة علي اتمام اعمالك اليومية
والوقت القليل الذي يقضيه في الأسرة يتحدد بتوزيع الأدوار، وسوء الفهم مع الأطفال الذين لا يحبون أي شيء. ليس أكثر من ذلك، لأن حياتنا اصبحت مثل المزهرية الزجاجية الكبيرة التي يجب ملئها ثم تفريغها وتنظيفها بشكل الربوتي, واصبح لدينا عدم الرغبة في القيام كل يوم بنفس المهام المرهقة. ان النظامية والبرمجة اللغوية العصبية, اختصاص جديد في عمليات التحكم والاتصالات وفي نطاق نشاط منظم. وهي منهجية للتواصل الإنساني والتطوير الذاتي و فن التفوق الشخصي لاستكشاف المهارات الشخصية المختبئة لدينا. إنها عملية مرافقة منهجية, واحدي أفضل الطرق للتغيير في التفكير, والسلوك, واكتساب درجات أعلى من الثقة بالنفس , وتحقيق النجاحات في كل مناحي الحياة.
ظهرت النظامية المنهجية في الولايات المتحدة عام ,1960 كوسيلة للمعرفة، ودراسة المعلومات بالمعنى المادي، من خلال سلسلة من الرسائل, والقياس التنظيمي السيبراني 'cybernétique'(نوربرت ويينر، 1947). وهو اختراع عالم الرياضيات الأميركي نوربرت ويينر, من اجل تعزيز الرؤية الموحدة في مجالات الالكترونيات ونظرية المعلومات الرياضية، كنظرية كاملة في عملية التحكم والاتصالات الذي ممكن تطبيقه علي الحيوانات, والاجهزة (ويينر، 2014)
(علم التحكم الآلي: معلومات والتنظيم في المعيشة والآلة) . كان علم التحكم الآلي فعالا في بناء العلوم المعرفية والعلاجات المنهجية في مدرسة بالو ألتو، فضلا عن نظريات التنظيم الذاتي.
كما أن الإنتروبيا هي مقياس الفوضى، و المعلومات التي تقدمها هي سلسلة من رسائل التدبير التنظيمي". (نوربرت ويينر، 1947)
وبرزالتدريب النظامي في الولايات المتحدة، ثم في أوروبا وفرنسا في عام 1990. وفي عام 2016، ظهرت النظامية الإلكترونية في فرنسا من خلال المؤسسات المتخصصة، التي أنشأت مؤتمرات الفيديو ومنصات التدريب عبر الإنترنت. واستمر تدريب النظامية المنهجية في التطور تدريجيا، وحدث تغييرا كبيرا، وتم ابتكار تقنيات جديدة للتدريس. كما ان الحوار المفتوح يمنح النقاش, والتبادل التفاعلي بشكل إيجابي على مواقف وسلوكيات الذين هم بحاجة الي المساعدة. وتتمحور جهود النقاش حول القيم والمعتقدات.
ان الضغوط اليومية وحالة الشترس الذي نتعرض اليه، له تأثير سلبي علي صحتنا ويمكنه وضع حواجز، ومنعنا من التقدم نحو النجاح.
كما تتمحور نوعية التدريب حول قدرات الفرد، وموارده الخاصة في سبيل تحقيق أهدافه. كما ان النظامية نهج للتنمية الشخصية للمتدرب، وإعادة اندماجه في مكان معيشته، لإدارة أفضل لحياته، وتطوير مهارات حياتية جديدة. هذا التركيز الفردي يحفز إمكانات الفرد، ويمنحه نظاما فعالا لمحيطه الشخصي. بل هو أيضا أسلوب بيداغوجي، يبني علاقة بين التعليم والمرافق الاجتماعية في سبيل تحقيق أفضل المشاريع. هناك المزيد من الناس الذين حصلوا علي جلسات نظامية، واكدوا انها ساهمت بشكل فعال في تغيير حياتهم الخاصة، والاجتماعية، والمهنية
ان العديد من شهادات الناس التي تلقت جلسات نظامية، قد أشارت إلى أن المرافقة العلاجية ساعدتتهم على الاستثمار الشخصي، وتحسين حياتهم في الأسرة، في العمل، ومع الأصدقاء. ان أساليب التنمية الذاتية تمنع من الاغراق في الاكتئاب بعد حالات طلاق، افلاس، وفقدان أحد من أفراد الأسرة، أو فشل في المهنة.
يمكن تطبيق التدريب النظامي في سياقات مختلفة بما في ذلك: التدريب في الأعمال والتسويق, التدريب على المهارات الحياتية؛ والتدريب الرياضي؛ والتدريب في مجال الحب والزواج.
كما ان خيبات الأمل يمكنها كبح طاقاتنا، وجعلنا نمارس الافتراء، والقساوة علي من هم من حولنا. ان المستفيد من جلسات النظامية ليس شخصا مريضا، بل انه يعاني من صعوبة ترتيب افكاره, لأنه لا يستطيع أن يرى بوضوح ما يجري في حياته. وبالتالي ان تدريب النظامية هو هيكل عمل ملموس, مع نهج موجه نحو الهدف. في هذه الحالة, يتم تجاهل الماضي والتركيز على حاضر الزبون الذي يريد أن تبني مواقف جديدة لتحقيق هدفه.
ان النهج الذي يجعل التدريب النظامي فريد من نوعه, يكمن في إمكانية استخدام تقنيات فعالة: مثل البرمجة اللغوية العصبية (NLP)، تحليل المعاملات(Analyse Transactionnelle)، علم الأعصاب الإدراك.(Neurosciences cognitives) ، والعلاج جيستالت(Gestalt).
من ناحية أخرى، تعتبر الفلسفة واحدة من أسس تدريب النظامية المنهجية، وتمرين الضمير علي استرشاد الحوار والعقل (ميوتيكس سقراط). كما ان القيام بهذا التدريب، يعلمنا التعرف على مشاكلنا، وايجاد حل يعتمد علي قدراتنا، للتقدم ورؤية الأشياء، وقبولها كجزء من حياتنا.
التعليقات