آن الأوان للعالم أن ينصف أطفال فلسطين

آن الأوان للعالم أن ينصف أطفال فلسطين
ابراهيم الشاعر

وزير التنمية الاجتماعية

قبل سبعة أيام من هذا اليوم – يوم الطفل العالمي – صدر اعلان الكويت حول معاناة الطفل الفلسطيني، وقدم اثنتي عشرة توصية، أبرزها إجراءات عملية، وأليات محددة لتوفير الحماية القانونية للأطفال الفلسطينيين، في ظل الاحتلال الاسرائيلي، وتوفير الدعم الفني والمالي اللازم، للنهوض بواقع الطفل الفلسطيني في المجالات المختلفة؛ كان عملاً انسانياً وسياسياً مميزاً يضاف الى السجل المشرّف لدولة الكويت، ولأميرها قائد الانسانية صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الصباح. 

سلّطت فعاليات المؤتمر الضوء، على معاناة الطفل الفلسطيني، وكانت لحظات مشحونة بالتأثر والاستياء بسبب هول شهادات الأطفال الحية، والمشاهد المؤلمة التي وثقت عنف جنود الاحتلال بحق الأطفال الأبرياء؛ ولكن في الجلسة الافتتاحية تفاجأت من سؤال ذكي واستثنائي، وجهته لي رئيسة الجلسة معالي الوزيرة هند الصبيح مفاده: "رغم معاناة أطفال فلسطين، الا أننا نسمع كثيراً عن ابداعاتهم وتميزهم في العديد من المجالات، ما سر ذلك؟" 

فهمت مغزى السؤال المشحون بالطاقة الايجابية والرمزية الإيحائية، ولكن الاجابة لم تكن سهلة، خصوصاً أن مفهوم الابداع شغل الفلاسفة والباحثين على مر العصور؛ واختلفوا في تحديد ماهيته وشروطه، ولم أرغب بالرد التقليدي الذي يعزو الابداع الى المعاناة فقط، وكان ردي أن إبداع أطفال فلسطين مصدره التكامل بين الشروط الذاتية والموضوعية؛ فالطفل نادراً ما يبدع في وسط يفتقر للمعطيات الاجتماعية والثقافية والعلمية، والابداع يستقي حيويته من استعداد الطفل وميوله، ويستقي مادته من حاجة المجتمع .لذلك يمكن أن يعزى إبداع أطفال فلسطين الى استعدادهم الكبير وارادتهم القوية، لإثبات ذاتهم واستثمار الفرص رغم محدوديتها وضيقها من جهة، والى عوامل أخرى موضوعية مرتبطة بالبيئة الداعمة والحاضنة لمبادرات هؤلاء الأطفال داخل الأسرة والمجتمع. ففلسطين، رغم التحديات، تمتلك رؤية جريئة تحمل تقديراً ودعماً للأطفال، ومجالا رحباً يطلق العنان لخيال الأطفال وطموحاتهم وعطائهم، خصوصاً وأن المجتمع الفلسطيني مجتمع فتي (حوالي مليون وتسعمائة ألف طفل تحت سن 18 عاماً)، أي أن شريحة الأطفال تشكل ما يقارب 50% من المجتمع الفلسطيني ، وهي تمثل قطاعاً فاعلاً في المجتمع، وتشكل مصدراً رئيساً للعطاء والتنمية، وهذا يدعونا أكثر أن نقدم كل الدعم وكل الاهتمام، لرعاية هذه الشريحة الكبيرة والهامة بالمجتمع الفلسطيني.

وفي يوم الطفل العالمي اليوم، كنت أحب أن أتحدث فقط عن تميز أطفالنا وابداعاتهم وعن دعمنا لهم أو عن بهاء الطفولة، ودلالاتها الرمزية في عناوين البراءة والمحبة والتسامح والعطاء والصدق، ولكن للأسف لا يمكن اغفال دور الاحتلال في اغتيال الطفولة الجميلة في فلسطين، دون الاشارة الى مشاهد وفصول مأساوية يعيشها الطفل الفلسطيني، بسبب ممارسات هذا الاحتلال ...هذه هي استثنائية الحالة الفلسطينية تحت الاحتلال والتي تقتضي دائماً مقاربات استثنائية.

يمثل اعلان الكويت رسالة أمل لأطفال فلسطين، وتشرفت بالمشاركة في ذلك المؤتمر الدولي لمناقشة واقع الطفل الفلسطيني ومعاناته في ظل انتهاك الاحتلال الاسرائيلي لاتفاقية حقوق الطفل، إذ تم تسليط الضوء على الأوضاع التعليمية والصحية والنفسية المتردية للأطفال الفلسطينيين الأسرى والمعتقلين في سجون الاحتلال. كان الحضور مميزاً على المستوى الرسمي، وحظي المؤتمر برعاية وحضور سمو الأمير صباح الأحمد الصباح، وسيادة الرئيس الفلسطيني محمود عباس، ومعالي الأمين العام لجامعة الدول العربية، وجميع وزراء الشؤون الاجتماعية العرب، حيث أعطى حضورهم زخماً سياسياً للمؤتمر، فلهم جميعاً كل التقدير ولدولة الكويت الشقيقة كل الاحترام على الرعاية والاستضافة.

وكان من اللافت للجميع، غياب المؤسسات والمنظمات الدولية، التي تتغنى صباح مساء، بحقوق الطفل؛ وربما سنسمع مع نهاية هذا اليوم عن احتفالات هذه الجهات ومهرجاناتها الخطابية التي تمجد الطفل الفلسطيني؛ ولكن يتعين على هؤلاء أن يدركوا أن أطفال فلسطين لم يكونوا في يوم أكثر حاجة للدعم والحماية والتقدير والأمل بمستقبل أفضل من اليوم، وأنهم يعيشون حالة من شح الأمل بسبب العنف والقهر الإسرائيلي.

من خلال عملي الميداني زرت تجمعات بدوية مهددة بالترحيل وقرى ومخيمات وأحياء مهمشة، وشاهدت هناك مفارقات كبيرة، وتحدثت مع أطفال تشع عيونهم ذكاءً ومحبة وأمل وارادة رغم ضيق الحال وشح الامكانيات ... استباح الاحتلال بمستوطناته وجدرانه تفاصيل حياتهم في اللعب والتعليم والصحة  …أطفال رغم البراءة والصفاء يشعرون بالمرارة من عالم تمتهن فيه الكرامة، وتهان فيه الحياة وكأنها لا شيء... حين استمعت إلى أطفال خاضوا تجربة الاعتقال والقهر والتشريد والألم صغاراً وقست عليهم الحياة دون رحمة، فوجئت كيف صنعوا لأحلامهم آفاقاً واسعة حتى وإن كانوا في أضيق الأماكن وأشدها على الاطلاق، يتغلبون بالأحلام الوردية على واقعهم المر، وينسجون بالخيال الرحب خيوط الأمل نحو مستقبل أكثر اشراقاً.

للأسف لم تنجح حتى تاريخه كل الاتفاقيات الدولية في ضمان الحد الأدنى، من حقوق أطفال فلسطين في وجه انتهاكات الاحتلال الاسرائيلي، ولم تفلح أي من القرارات الدولية المتعاقبة منذ عقود بتخفيف مأساة هؤلاء الأطفال. وربما لا يعلم العالم الذي يدعي التحضر كم من طفل فلسطيني، ينام ويصحو متمنياً أن ينعم بالحرية والأمن والأمان والخلاص من انتهاكات الاحتلال؛ آن الأوان لهذا العالم أن يعمل بصدق وجدية حقيقية لأنهاء الاحتلال الاسرائيلي، لإفساح المجال أمام الحكومة الفلسطينية لفتح الآفاق لأطفال فلسطين، ولتوفير الفرص الحقيقية لهم ليحققوا ذاتهم ولنزرع فيهم الأمل بأن المستقبل ملكهم. 

سمعنا مؤخراً عن مبادرة أميركية ايجابية من عضو الكونغرس الأمريكي "بيتي ماكولوم" لمشروع تشريع تحت عنوان "تعزيز حقوق الإنسان من خلال إنهاء قانون الاحتجاز العسكري الإسرائيلي للأطفال الفلسطينيين -لمنع الضرائب الأميركية، من دعم اعتقال الجيش الإسرائيلي المستمر لهؤلاء الأطفال، وإساءة معاملتهم".وسمعنا أيضاً عن تبنى عدد من أعضاء الكونغرس لهذا المشروع، بالإضافة الى عدد من المؤسسات والمنظمات الاميركية الفاعلة؛ نأمل أن تنجح هذه المبادرة لتحمل بذور تغيير ايجابي في المجتمع الأمريكي تجاه حقوق أطفال فلسطين.

إن منظومة حقوق الطفل التي تعترف بها المواثيق الدولية، تكاد تكون منتهكة، بشكل كامل من الاحتلال الإسرائيلي، والانتهاكات بحق الأطفال المقدسيين مضاعفة وذلك لخضوع المدينة وسكانها للاحتلال بشكل مباشر؛ حيث يفتقر الطفل الفلسطيني هناك لأبسط حق، نصت عليه المادة السادسة من الاتفاقية الدولية وهو الحق في الحياة، إذ يتعرض الأطفال الفلسطينيون لعمليات إعدام ميدانية عشوائية، وحياتهم مهددة بالخطر كل لحظة دون حسيب أو رقيب.

من حق أطفال فلسطين علينا أن نوفر لهم الحماية القانونية تحت الاحتلال، ونضع الآليات اللازمة لتفعيلها، وأن نعمل أيضا على تطوير وتنمية قدرات الطفل الفلسطيني وتأهيله تعليمياً ونفسياً وثقافياً في مواجهة الاحتلال، وفي هذا الاطار تعمل الحكومة الفلسطينية من خلال الوزارات ذات العلاقة (التنمية الاجتماعية والتربية والتعليم والصحة) على توفير بيئة حامية وداعمة لنمو وتطور الطفل في مجالات النمو الخمسة (اللغوية، والحركية، والعقلية، والاجتماعية، والعاطفية).

في يوم الطفل العالمي لا زالت حقوق الطفل الفلسطيني الأساسية المرتبطة بالحياة وبالحرية وبالتعليم وبالصحة وبالعيش الكريم تتعرض للمساس المباشر من الاحتلال الإسرائيلي؛ لذلك من الصعب في هذا اليوم اقناع أطفال فلسطين بأثر اتفاقية حقوق الطفل في حياتهم؛ لأنها كانت وما زالت مرتعا لانتهاكات الاحتلال؛ أطفال فلسطين في ظل الاحتلال يعانون من الحصار والحواجز العسكرية والاعتقال والاعدام والحرمان من الطفولة الحقيقية ... ويحلمون بطفولة الفرح والمرح واللعب والاستمتاع كنظرائهم في العالم؛ لقد أن الأوان للعالم أن ينصف أطفال فلسطين.

وفي يوم الطفل العالمي نؤكد على اهتمام القيادة والحكومة المطلق بتوفير خدمات ذات جودة لأطفالنا، وهذا ما أكده سيادة الرئيس محمود عباس مراراً وتكرار وكان أخر مرة أمام المؤتمر الدولي الخاص بواقع الطفل الفلسطيني في الكويت حيث قال: 

"لقد انضمت دولة فلسطين للعديد من المواثيق الدولية، ومن ضمنها اتفاقية حقوق الطفل بدون أي تحفظ، ويجري التحضير لتقديم التقرير الرسمي الأول حول تنفيذ بنوده قبل نهاية هذا العام. كما يتم مواءمة البرامج الوطنية للعناية بالطفل والتعليم والصحة وفق أفضل المعايير الدولية.

وفي هذا الصدد، فإننا ماضون في بناء مؤسساتنا وفقاً لسيادة القانون، وتمكين المرأة والشباب، الأمر الذي ستكون له انعكاساته وآثاره الإيجابية الواسعة في تحسين حياة الأسرة والأطفال، وصولا لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة، على حدود 1967، بعاصمتها القدس الشرقية."

ان الحكومة الفلسطينية حريصة على ضمان، أن يتمتع الأطفال في فلسطين بحقوقهم، لذلك اعتمدت اتفاقية حقوق الطفل الدولية كمرجعية قانونية عامة، للارتقاء بالطفولة في فلسطين، وتعمل جاهدة على صون حقوق الطفل في النماء والتعليم النوعي والخدمة الصحية، وتعمل الحكومة على ضمان حق الطفل في المشاركة واللعب والترفيه ومزاولة الألعاب وأنشطة الاستجمام المناسبة لعمره، وحقوق الطفل بالحماية من سوء المعاملة، والإهمال والاستغلال في مجتمعنا، وضمان حقوق الأطفال ذوي الاعاقة وحمايتهم من الإقصاء والتهميش، على قاعدة الحق والاحترام، إذ أصدرت الحكومة قانون حماية الاحداث، الذي يتعامل مع الاطفال كضحايا وليس كمجرمين.

ولأن صون حقوق الطفل ورعايته يحتاج لتضافر جهود الجميع، تقوم أجندة السياسات الوطنية 2017-2022 على مبدأ الشراكة والتعاون والتنسيق بين الوزارات المعنية ومؤسسات المجتمع المدني لإنجاز المهام على أكمل وجه، ولإعطاء الأطفال حقوقهم، وتخفيف الآثار السلبية الناجمة عن انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي، من خلال تصميم تدخلات موجهة للأطفال الذين تتعرض حقوقهم للمساس المباشر، كالأطفال المصابين والأسرى والأطفال، الذين هدمت منازلهم أو أبناء الشهداء والأسرى وغيرهم من أطفال الفئات الفقيرة والمهمشة.

كما أقرت الحكومة قانون الطفل الفلسطيني وقانون حماية الاحداث ونظام المجلس الاعلى للطفل، ونعمل اليوم مع الشركاء من أجل ترجمة هذه القوانين إلى واقع، يضمن تلبية احتياجات أطفالنا ويؤمن حقوقهم، ونعمل مع الجهات المعنية على تخصيص موازنات لتنمية القطاعات التي تعنى بالطفولة كالخدمات الاجتماعية والصحية والتعليمية. وهنا لا ننسى دور المنظمات الأهلية المعنية بالأطفال وسنعمل معها بشراكة وتكاملية من أجل ضمان حقوق الأطفال وتلبية احتياجاتهم.

ونعول كثيراً على المجلس الاعلى للطفل الفلسطيني الذي يهدف الى اشراك، كل الاطراف المعنية بما فيها الأطفال أنفسهم في المشروع الوطني الهادف للنهوض بواقع الطفل الفلسطيني في جميع المجالات، ومن خلال هذا  المجلس والمجلس الاستشاري للأطفال نعتمد مقاربة جديدة تقوم بالأساس على مبدأ الحوار والإقناع والأسلوب الحسن لنعزز القناعة والتجاوب الذاتي، ونخلق ضمانة لترسيخ دافعية الانضباط الإيجابي لدى أطفالنا. 

ولأننا نعلم تماما مدى قهر الاحتلال لأطفالنا، مضافاً إليه الإشكاليات المجتمعية التقليدية، نعمل على تعزيز الأنماط العصرية، لتربية الاطفال في مجتمعنا، ونحن ندرك أن أول وأهم هذه أسباب ابداع الطفل في أي مجال هي راحته النفسية في البيت والمدرسة والمجتمع، ولدينا رؤيا/فلسفة تربويّة  أصيلة منبثقة من ظروف الحياة، والواقع المعيش في فلسطين،  وطبعًا هذا لا ينفي الاطّلاع على تجارب الآخرين والتأثّر بها، ولكن بدون النسخ والنقل الحرفيّ عن مصادر خارجيّة أجنبيّة.وتقوم رؤيتنا للطفولة على مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص بين جميع الأطفال في كل أنحاء الوطن، ونحرص على مراعاة حاجات وميول وقدرات الأطفال الغضّة المبكّرة. ونشدد على توفير أجواء اللعب والتسلية والمتعة والحرية للصغار في الحضانات، فلا مضامين ملزمة في هذه المرحلة الحرجة للتعليم التي يبدأ فيها الأطفال عمليّة التعلّم.

ولضمان تحقيق التوازن بين الجوانب العقلية والنفسية والأخلاقية والبدنية والاجتماعية، اعتمدت الحكومة مؤخراً برنامجاً متميزاَ يستهدف تنمية الذكاء الانفعالي للأطفال، وتطوير مهارات التكيف مع مواقف الحياة اليومية والتعبير عن مشاعرهم وادارتها وتنظيمها بشكل أفضل، وسينفذ هذا المشروع بتوجيهات مباشرة من دولة رئيس الوزراء بالشراكة بين وزارات التنمية الاجتماعية والتربية والتعليم والصحة بهدف مراعاة بيئة الأطفال وحاجاتهم وظروفهم الاجتماعية والنفسية، ومداركهم وقدراتهم العقلية المختلفة. وذلك لضمان التوازن في دعم نمو الطفل في مجالات النمو المختلفة، وسيكون البرنامج مكملا لمشروع التدخل في مرحلة الطفولة المبكرة الذي تنفذة الوزارات ذات العلاقة (التنمية الاجتماعية والصحة والتربية والتعليم) والممول من اليونسيف والذي بدأ العمل من خلاله، منذ شهر أذار 2017، على تطوير نموذج في أريحا، ونموذج عمل في يطا، والذي يهدف إلى توفير بيئة حامية داعمة لنمو وتطور الطفل في مجالات النمو الخمسة (تطور الكلام والتواصل، تطور المهارات الحركية،التطور المعرفي، التطور الاجتماعي والعاطفي التنظيم الذاتي والرعاية الذاتية ).

وتعًد وزارة التنمية الاجتماعية أكثر الوزارات الـمختصة، برعاية وحماية الحقوق الـمقرة للطفل قانوناً، ولديها دائرة تسمى دائرة الأسرة والطفولة، تعمل على توفير الأمن الاجتماعي للأسرة والطفل، بالإضافة إلى اختصاصها بتوفير الدعم والـمساندة لجميع الـمؤسسات الرعوية الخاصة بالطفل. وتحوي هذه الدائرة على العديد من الدوائر الفرعية، تتمثل في دائرة الأسرة، دائرة الطفل، دائرة الطفولة الـمبكرة، مراكز حماية الطفولة ودور الإصلاح والتأهيل، ودائرة مرشدي حماية الأسرة ورعاية الطفولة (الذين منحهم القانون صفة الضابطة العدلية)، إذ توجد هذه الدوائر في جميع مديريات التنمية الاجتماعية في الوطن. كما تعتبر وزارة التنمية الاجتماعية وزارة الاختصاص لـمؤسسات رعاية الطفولة، وبالتالي فهي تتابع نشاطاتها وتوجهاتها. ويمتد هذا التعاون ليشمل تنظيم ورشات عمل وبرامج مشتركة. كما تتعاون وزارة التنمية الاجتماعية مع العديد من الوزارات الأخرى والنيابة والمجلس الأعلى للقضاء وجهاز الشرطة الـمدنية لضمان تنفيذ مهامها القانونية تجاه الطفل.

وفيما يخص برامج الطفولة وخدماتها في وزارة التنمية الاجتماعية، تفتخر وزارة التنمية الاجتماعية  بتأسيس شبكة لحماية الأطفال في جميع محافظات الوطن، والتي تضم ممثلين من المؤسسات الحكومية كافة وغير الحكومية ذات العلاقة، بحماية الأطفال وتستند في عملها إلى نظام تحويل وتشبيك وطني.

كذلك توفر وزارة التنمية الاجتماعية ثمانية مراكز لتأهيل الشبيبة في الضفة الغربية، واثنين في غزة، لتأهيل الطلبة الذكور والإناث المتسربين من المدارس في الجانب الاجتماعي والنفسي والمهني، والأطفال ذوي الإعاقة، تقدم لهم رزمة من الخدمات مثل (المساعدات النقدية والتأمين الصحي والإعفاءات من الرسوم المدرسية وأثمان الكتب والإعفاء الجمركي وتوفير الأدوات المساندة والتمكين الاقتصادي من خلال القروض التي يتم منحها)، والتي تسهم في رفع المستوى المعيشي للأطفال وللأسر المستهدفة، بالإضافة إلى شراء الخدمات من مؤسسات وجمعيات متخصصة بمذكرات تفاهم وتعاون مشترك.

وفيما يخص الأطفال الأيتام، ترعى وزارة التنمية الاجتماعية الأطفال المحرومين من بيئتهم العائلية، حيث توفر للأيتام فاقدي الأب أو كلا الوالدين أوجه الرعاية المعنوية والاجتماعية، من خلال صرف كفالات نقدية لهم ولعائلاتهم، وتسديد أقساطهم المدرسية والجامعية.

أما في مجال الإشراف على دور الحضانة، نحن ندرك أن أول ست سنوات من عمر الطفل هي الأهم في حياته، لأنها فترة بناء شخصية الطفل بالأبعاد النفسية والمعرفية والحركية والاجتماعية والتعود على حياة التعلم واكتساب المعرفة، لتعود عليه بالفائدة في المراحل التي تليها. لذا تعمل وزارة التنمية الاجتماعية على توفير البيئة الآمنة للعب والتعليم وتطوير مهارات الأطفال في مرحلة الطفولة المبكرة، من خلال ترخيص الحضانات الملائمة حسب المعايير والشروط الواردة في اللائحة الصادرة عن مجلس الوزراء لعام 2011، على أن تكون الحضانات مجهزة لاستقبال الأطفال ذوي الإعاقة؛ والتي تستقبل الأطفال من عمر شهر إلى أربع سنوات.

وفي ملف الاحتضان، يتم إعطاء حق رعاية الطفل إلى أسرة غير أسرته، بسبب عدم وجود أسرة له أو بسبب تخلي أسرته عن القيام بمهمة تنشئته أو تربيته أو تلبية احتياجاته، وتم تنظيم (الاحتضان) من خلال (نظام الأسر الحاضنة) الصادر عن مجلس الوزراء عام 2013، حيث يخضع لأحكام هذا النظام: الأطفال مجهولو النسب، والأطفال غير الشرعيين، والأطفال فاقدو الرعاية الأسرية. وقد تضمن آليات التقدم بطلب للاحتضان من قبل الأسر، والشروط الواجب توفرها لدى الأسرة الحاضنة، وتصرف الوزارة المخصصات المالية للأطفال المحتضنين بناء على نظام الأسر الحاضنة.

وختاماً وبمناسبة اليوم العالمي للطفل، نتوجه بالتحية لأطفالنا ونشدد على أنه آن الأوان، لإنصافهم ودعمهم، ونحذر من مغبة الاستهانة بهذا الأمر، وهنا تتحمل دولة الاحتلال الإسرائيلي ومن يدعمها، الجانب الأكبر من المسؤولية عن انتهاك حقوق الطفل الفلسطيني كونها لا تقيم وزناً لكل الاتفاقيات والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان، وخصوصاً اتفاقية حقوق الطفل التي لم تلتزم فيها بتعهداتها تجاه حقوق الإنسان وحرياته الأساسية، ونؤكد على أننا معهم ولهم بكل ما نملك وبكل ما نستطيع لأنه بقدر ما نعطيهم بقدر ما يبدعون وينتجون، والمستقبل ان شاء الله واعد لهم؛ فهؤلاء هم أطفال فلسطين الذين مازالوا يملكون الكثير من طفولتهم رغم المعاناة والألم، ومازالوا يبدعون وينتجون ويحلمون بأن يعيشوا طفولتهم كسائر أطفال العالم ...ودائماً نقول: الاحتلال يغتال الامل، ونحن نزرعه، والاحتلال يراهن على الحاضر، ونحن نشتري المستقبل.

التعليقات