الإبتزاز الأميركي الرخيص

الإبتزاز الأميركي الرخيص
نبض الحياة 

الإبتزاز الأميركي الرخيص

عمر حلمي الغول 

لم يوقع تيلرسون، وزير الخارجية الأميركي على المذكرة ذات الصلة بمواصلة مكتب ممثلية فلسطين في أميركا بالعمل، حيث من المفترض ان يقوم رئيس الديبلوماسية الأميركية بتجديد المذكرة كل ستة أشهر. وكان المفترض ان يوقع عليها مع إنتهاء مفعولها  قبل يومين. ويشار إلى ان الإدارة الأميركية أرادت إرسال رسالة للقيادة الفلسطينية، مفادها في حال قررت التوجه للمحاكم الدولية لملاحقة إسرائيل وقياداتها العسكرية والسياسية على جرائم الحرب التي إرتكبوها ويرتكبونها على مدار الساعة ضد الشعب العربي الفلسطيني وأرضه ومصالحه الوطنية العليا، فإنها لن تجدد لممثلية فلسطين بالعمل. وهو ما يشير إلى سوء فهم وتقدير في اوساط الإدارة الأميركية الجديدة لطبيعة العلاقة الثنائية بينها وبين منظمة التحرير وسلطتها الوطنية. فالولايات المتحدة هي الراعي الأساسي والأول لعملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وهي الطرف المقرر في إطار اللجنة الرباعية الدولية ذات الصلة بالمف، وبالتالي بخطوتها الإبتزازية الجديدة تضرب مصداقيتها، ومكانتها ودورها كراعي ومرجعية لعملية السلام.

وكأن الولايات المتحدة أرادت أن تقول للقيادة الفلسطينية " عليك عدم الخروج عن المسارات والرؤى التي تحددها الإدارة وفريقها المكلف بعملية التسوية السياسية، وعدم إغضاب الحكومة الإسرائيلية، أو إستفزازها بغض النظر عن جرائمها." وشاءت التأكيد بأن لا قيمة لتفاهمات الرئيسين ترامب وعباس حول التسوية السياسية. لإن بقاء فتح الممثلية الفلسطينية مرهون بثمن غال. ومطلوب من الرئيس عباس وفريقه تفصيل وحف أقدامهم على "مقاس المواقف الأميركية الإسرائيلية". وهنا تتجاهل إدارة الرئيس دونالد ترامب مرة اخرى الحقوق والمصالح الفلسطينية، وتشطب بشكل فاجر ومعيب إستقلالية القرار الفلسطيني، أو بتعبير آخر تعمل على إخصائه وطمسه ومصادرته، وهو ما ترفضه القيادة الفلسطينية جملة وتفصيلا مهما كان الثمن. 

رغم ان القيادة الفلسطينية برئاسة محمود عباس معنية وحريصة على تحسين وتطوير العلاقات مع إدارة الرئيس ترامب. وتسعي لتجاوز اية تباينات، وتقضم غيضها كثيرا نتاج السياسات والمواقف الخاطئة والمتناقضة مع مرتكزات عملية السلام ومرجعياته من قبل فريقها المكلف بملف التسوية السياسية لإبقاء جسور التواصل قائمة، وتشجع الإدارة على الإرتقاء بدورها في صناعة السلام عبر الصفقة التاريخية المرتقبة. لكن الفريق المحيط بالرئيس الأميركي والمتواطىء مع إسرائيل الإستعمارية يعمل عكس ما تسعى إليه قيادة منظمة التحرير ورئيسها ابو مازن، وتعمل بشكل حثيث على التحريض عليها لدى الرئيس ترامب عبر إفتعال التوترات كما هو الحال عليه الآن بعدم التجديد لمذكرة مواصلة عمل الممثلية الفلسطينية. 

يبدو ان إدارة العم سام تتناسى، انها هي القطب الدولي المصادر لدور الأمم المتحدة وشرعيتها الدولية، والمغتصب لدور الأقطاب الدولية الأخرى، والفارض هيمنته على مسار التسوية السياسية بالتناغم مع حكومات إسرائيل المتعاقبة، مع انها الطرف الأكثر إنحيازا لصالح إسرائيل، والتي تسيء وتستبيح مصالح الفلسطينيين في كل المحافل والمنابر الدولية نتيجة شروط موازين القوى السابقة، ولكنها تنسى ان هذا الدور يتم ايضا بقبول القيادة الفلسطينية لذلك، وهي قادرة على قلب الطاولة رأسا على عقب، وتستطيع إدارة الظهر للحوار مع ممثلي الإدارة الأميركية، وهذا لن يكون في مصلحة الولايات المتحدة وإسرائيل ومن لف لفهم في الإقليم. وبالتالي الإبتزاز الأميركي للقيادة الفلسطينية فيه رخص وسوء تقدير لما يملكه الفلسطينيون من ثقل في معادلات الإقليم. 

لذا من الأفضل لوزير الخارجية تيلرسون أن يسرع بتوقيع المذكرة أولا حماية للرعاية الأميركية لعملية السلام؛ وثانيا حرصا وحفاظا على المصالح الأميركية الحيوية في المنطقة؛ وثالثا حرصا على حليفتها الإستراتيجية إسرائيل؛ ورابعا لمواصلة عملية السلام وإبقاء دائرة الأمل مفتوحة في اوساط شعوب المنطقة وخاصة على المسار الفلسطيني الإسرائيلي. 

[email protected]

[email protected]  

التعليقات